أسباب سقوط الدولة العثمانية
سقوط الدولة العثمانية
كانت بداية سقوط الدولة العثمانية واضمحلالها بعد موت السلطان سليمان القانوني، وذلك في عام ألفٍ وخمس مائةٍ وستّ وستين للميلاد، فبوفاته انتهى عصر السلاطين العظام في الدولة العثمانية، ومن هنا بدأت بالسقوط، وبعد وفاة سليمان القانوني، جلس على عرش الإمبراطورية عددٌ من السلاطين الضعفاء، وكانت النتيجة الحتمية لذلك: هزائم متتاليةٌ للدولة العثمانيّة؛ حيث تعرّضت الدولة إلى عددٍ كبير من الهزائم البرية والبحرية آنذاك، وكان ذلك في الفترة ما بعد وفاة سليمان القانوني واستمر إلى سنة ألف وسبع مائة وثماني عشر للميلاد، وفيها سجّل التاريخ العديد من الخسائر، ولم يظهر في هذه الفترة سوى اثنين من السلاطين الأكفياء، وهما: مراد الرابع، ومصطفى الثاني، أمّا ما سواهما فكانوا قد انغمسوا في ملذات الدنيا بعيدًا عن العمل للدولة.
أسباب سقوط الدولة العثمانية
ثمّة أسبابٌ وعوامل عديدةٌ تظافرت وأدّت إلى سقوط الدولة العثمانية، وفيما يلي ذكر أبرزها لا على سبيل الحصر.
إغلاق باب الاجتهاد
في أواخر الخلافة العثمانية، أصبحت دعوى فتح باب الاجتهاد من التهم الكبيرة، والمسائل الخطيرة، فعندما يغلق باب الاجتهاد تتجمّد الحياة عن النمو والاتساع، ثمّ تخرج عن قوالب الشريعة، ولذا كان الضعف يتسرّب إلى الدولة العثمانية بالتدريج، حتى تمكّن منها؛ فخرجت الأمور عن السيطرة.
البعد عن العقيدة السليمة
فقد ظهرت الانحرافات والبعد عن العقيدة السليمة الثّابتة في القرآن الكريم وصحيح السنّة النبويّة، وكان ذلك سببًا مباشرًا من أسباب ضعف الدولة العثمانيّة.
شيوع الظلم في الدولة
يعدّ الظلم من أكثر العوامل المسبّبة لانهيار وسقوط أيّ دولةٍ في العالم؛ وكان لتفشي الظلم في الحكم من الأسباب المباشرة لسقوط الدولة العثمانيّة؛ فقد اقترف بعض المسؤولين في الإمبراطورية أفعالًا لا تناسب النظام العثمانيّ، فسفكوا الدماء، ونهبوا الأموال، واعتدوا على الأعراض، كما ظلم بعضهم أهل مصر، وأهل الشام، والحجاز، حتى انقلب العالم عليهم، ونصر الله تعالى بعدله المظلومين، فزالت الخلافة.
الانغماس بالشهوات والترف
تذكر كتب التاريخ أنّ الدولة العثمانيّة في بداياتها وعندما كانت في أوج قوّتها وعزّها، كان سلاطينها وخلفاؤها بعيدين عن الانحرافات والترف، حتّى أوصى محمد الفاتح وليّ عهده بالحفاظ على أموال بيت المال من التبديد، ونهاه عن صرف أموال الدولة في اللهو والترف، وأخبره أنّ الترف من أسباب الهلاك، إلّا أنّ الخلافة انغمست في الشهوات في أواخر عهدها؛ حتى أنّه يُذكر أنّ السلطان مراد بن سليم الثاني احتفل بختان ابنه، فأقام له احتفالًا لم يقع لأحدٍ من قبله؛ الأمر الذي أضاع مقوّمات بقاء الإمبراطورية، وكان سببًا مباشرًا في سقوط الدولة.
توريث المناصب
عانت الدولة العثمانية في أواخر خلافتها من آفة توريث المناصب العلميّة؛ فأصبحت مناصب التدريس، والفتوى، والإمامة، والقضاء تورَّث لمن ليس أهلًا لها؛ حيث كانت تورّث للأبناء وأبنائهم، أو الإخوة، أو أحد الأقارب، وإن لم يكونوا أهلًا لهذه المناصب، فصار الجهل يموج بينهم لغياب أهل العلم الحقيقيّين.