طريقة الإحرام للعمرة للنساء من البيت
طريقة الإحرام للعمرة للنساء من البيت
تنوي المرأة الإحرام للعمرة، حيث يُعرَّف الإحرام بأنَّه نيَّة الدُّخول في النُّسُك، فبمجرَّد النيَّة يدخل المُحرِم في الحجِّ أو العمرة، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ)،ويجب أن تُحرِم المرأة من مكانٍ مخصوص يُطلق عليه الميقات، وهناك ميقات زماني وميقات مكاني، فالميقات الزَّماني للعمرة كلّ العام بشرط أن لا يكون المُحْرِم منشغلاً بالحجِّ.
و أداء العمرة يوم عرفة ، ويوم النَّحر، وأيَّام التَّشريق عند الحنفيَّة مكروهٌ تحريماً، أمَّا الميقات المكاني؛ فهناك الميقات الآفاقي لِمن لا يقع منزله داخل مناطق المواقيت، والميقات الميقاتي لمن يقع منزله داخل مناطق المواقيت أو ما يوازيها أو أقرب منها إلى مكَّة، والميقات الحرمي لمن يقيم بالحرم أو كان نازلاً بمكَّة، ويجب الالتزام بالإحرام من المقيات؛ وذلك لأنَّه واجبٌ من واجبات الإحرام.
ويستحبُّ لمن أراد الإحرام أن يغتسل، ويلبس الرَّجل إزاراً ورداءً أبيضين نظيفين، ويكشف رأسه، وتلبس المرأة ما تشاء من اللّباس الشرعي الساتر وتكشف وجهها، ولها أن تُغطّيه أمام الرّجال الأجانب لكن بغير نقاب.
الميقات المكاني الواجب الإحرام منه
يختلف الميقات المكاني للعمرة بحسب موقع المحرم؛ فمنه الآفاقي، والميقاتي، والحرَمَي، والمكِّي، فالميقات الآفاقي يكون لِمَن جاء من خارج مواقع المواقيت، وقد حُدِّدت ذو الحليفة ميقاتاً لأهل المدينة ولمن جاء عبرها، ويسمَّى الآن آبار علي.
والجُحفة لأهل بلاد الشَّام ومَن مرَّ منها، ويوجد قبله ميقات رابغ يُحرم الحجَّاج منه، وقيل إنَّه أحوط من الجُحفة، وقرن المنازل لأهل نجد الحجاز ونجد اليمن ويسمَّى الآن السّيل، وهو أقرب المواقيت لمكَّة، ويَلملَم لباقي أهل اليمن وتِهامة والهند، وميقات ذات عرق لأهل العراق وباقي أنحاء العالم.
والدَّليل على هذه المواقيت ما رواه ابن عباس -رضي الله عنه- فقال: (إنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِهِنَّ مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ، ومَن كانَ دُونَ ذلكَ، فَمِنْ حَيْثُ أنْشَأَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِن مَكَّةَ).
وقد سُمِّي أهل هذه المناطق بأهل الآفاق؛ لأنَّهم يأتون من خارج هذه المواقيت.
لباس النساء في الإحرام ومحظوراته
تكشف المرأة وجْهها وكفَّيها في الإحرام؛ وذلك بالاتِّفاق دون خلاف لما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ)، واشترط الحنفيَّة والشَّافعيَّة أن تُبعد السَّاتر عن وجْهِها بحيث لا يلمسه، كأن تقوم بوضع شيءٍ حاجز بين الساتر وبين وجهها.
وقال المالكيَّة والحنابلة: تستر وجهها بشيءٍ ترميه على رأسها دون أن تقوم بربطه أو تثبيته بإبرةٍ، أمَّا القفازين في اليدين فمحظورةٌ عند المالكيَّة والحنابلة والشَّافعيَّة، واستدلّوا بحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، أمَّا الحنفيَّة فقالوا جائز، استدلالاً بحديث ابن عمر -رضي الله عنه- في قوله: (إحرامُ المرأةِ في وجهِها)، وبما ورد عن الصَّحابة من فعل ذلك.
وتلبس المرأة في إحرامها ما شاءت من اللّباس الشرعيِّ، وإن سَتَرت وجهها فلا تستره بالمخيط، ويُطلق المخيط على ما خُيِّط على قدر العضو المُراد وضعه عليه، وتحرص المرأة بإحرامها على تجنُّب الزينة في لباسها.
وتشترك المرأة مع الرَّجل فيما يُحظر عليهما أثناء الإحرام؛ من حلق الشعر، وقصّ الأظافر، والتَّطيُّب، والصَّيد، وعقد النِّكاح، والجِماع، ومباشرة النِّساء، ويحرم على المرأة على وجه الخصوص؛ النِّقاب ولبس القفازين.
السنن المستحبة للنساء قبل وبعد الإحرام
هناك عدة سُنن يستحب للمرأة القيام بها قبل الإحرام وبعده، نورد منها ما يأتي:
- الاغتسال غسل نظافةٍ أو الوضوء
ولكنَّ الغُسل أفضل؛ لكون رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فَعَله؛ ولأنَّه أعمُّ للنظافةً، ولذلك فإن المرأة الحائض والنفساء تقوم به أيضاً وتُحْرِم ثمَّ تؤدّي المناسك كاملةً ما عدا الطَّواف بالكعبة؛ فقد روى ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (أنَّ النُّفَساءَ والحائضَ تغتَسلُ، وتُحرمُ، وتَقضي المَناسِكَ كلَّها، غيرَ أن لا تطوفَ بالبيتِ، حتَّى تطهُرَ).
وبذلك أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- لمَّا كانت نفساء؛ فقد روت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فقالت: (نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بنْتُ عُمَيْسٍ بمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بالشَّجَرَةِ، فأمَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ، يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ).
- صلاة ركعتين بنيَّة سُنَّة الإحرام
يُقرأ في الأُولى بعد الفاتحة سورة الكافرون، وفي الثَّانية بعد الفاتحة سورة الإخلاص، والأفضل وإن حصل أداؤهما مع وقت صلاة الفريضة أغنت الفريضة عنهما، لكنَّ الأفضل صلاتهما بعد الفريضة.
وإن كان وقت كراهةٍ لا تُصليهما، والمستحبُّ أن تُؤجِّل إحرامها إلى أن يخرج وقت الكراهة، ثمَّ تُحرم وتُصليهما، ويكون القيام بالرّكعتين بعد الغسل قبل الإحرام باتّفاق الفقهاء، أو بعد الصلاة المفروضة عند الحنفية والحنابلة.
- التلبية
وتكون بعد الصَّلاة عند الحنفيَّة، وهو الأفضل لما رواه ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه: (لَبَّى في دُبُرِ الصَّلاةِ)، وعند الشَّافعيَّة تكون التلبية مع النيَّة، أمَّا المالكيَّة والحنابلة فالتلبية عندهم بعد ركوب الرَّاحلة والبدء بالمسير.
وتكرار التلبية يكون عند كلِّ نزولٍ عن الرَّاحلة وصعودها، وعند لقاء الآخرين، وبعد الصَّلوات، وعند تلبية قوم آخرين، ولا ترفع المرأة صوتها بالتلبية بخلاف الرّجال.
حكمة مشروعية الإحرام
فرض الإسلام الإحرام وجعل فيه العديد من الحكم والمقاصد، نورد منها ما يأتي:
- تعظيم الله -تعالى-، وتحقيق عبوديّته ووحدانيته.
- طاعة الله -تعالى- من خلال القيام بأداء النّسك، وامتثال أوامره.
- التوجه إلى الله -تعالى- والتَّذلُّل له، والخضوع بين يديه؛ بالابتعاد عن اللّغو، والرَّفث، والفِسق، وكلُّ ما يتعلَّق بالدُّنيا.