ما ترشد إليه سورة الفرقان
ما ترشد إليه سورة الفرقان
تُرشِد السورة إلى الكثير من التوجيهات الإيمانية والدعوية والاجتماعية وغيرها، ومنها ما يأتي:
- أولاً: التحذير من الشرك بالله -عز وجل-
وبيان عاقبة المشركين وتذكيرهم بمسؤوليّتهم يوم القيامة عن ضلالهم دون مَنْ عبدوهم، وأن الذين عبدوهم وأشركوا فيهم مع الله مثل الملائكة، وعزير، والمسيح -عليه السلام-، سيتبرّؤون منهم يوم القيامة.
والدليل على ذلك قول الله -تعالى-: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ* قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا* فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيراً).
- ثانياً: ترشد الآيات إلى تسبيح الله وتنزيهه
قال الله -تعالى-: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا* الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)، وتتضمّن الثناء على الله على تنزيل هذا القرآن العظيم على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ ليكون للعالمين نذيراً، وبيّنت أهمية توحيده ونفي الولد عنه -جل جلاله-، فهو المدبر للكون بحكمته وتقديره.
- ثالثاً: دعوة المؤمنين عامة إلى الاقتداء بصفات عباد الرحمن
وعباد الرحمن ذكرهم الله في نهاية السورة وذكر صفاتهم؛ وهم الصحابة -رضي الله عنهم-، ومن سار على نهجهم من التابعين ومن بعدهم، إذ يترفّعون عن مخاطبة الجاهلين، ويقتصدون بالإنفاق، ويبتعدون عن قتل النفس وعن الزنا، ويتوبون إلى الله -تعالى-، ويعملون صالحاً.
نبذة عامة عن سورة الفرقان
سورة الفرقان سورة مكية، وعدد آياتها سبعٌ وسبعون آية بلا خلاف، وقد نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة، وهي السورة الخامسة والعُشرون حسب ترتيب المُصحف الشريف، وقد سمّيت هذا السورة بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ الفرقان فيها ثلاث مرات، ومنها قوله -تعالى-: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً).
نزول سورة الفرقان على أكثر من حرف
يحدِّث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ويقول: (سَمِعْتُ هِشامَ بنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقانِ في حَياةِ رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فاسْتَمَعْتُ لِقِراءَتِهِ، فإذا هو يَقْرَأُ علَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيها رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ).
وقد شكَّ في ذلك وسأله: (مَن أقْرَأَكَ هذِه السُّورَةَ الَّتي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قالَ: أقْرَأَنِيها رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَقُلتُ: كَذَبْتَ، أقْرَأَنِيها علَى غيرِ ما قَرَأْتَ)، فذهب به عمر إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، وقال له: (إنِّي سَمِعْتُ هذا يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقانِ علَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيها، فقالَ: أرْسِلْهُ، اقْرَأْ يا هِشامُ، فَقَرَأَ فقالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: كَذلكَ أُنْزِلَتْ؛ إنَّ هذا القُرْآنَ أُنْزِلَ علَى سَبْعَةِ أحْرُفٍ، فاقْرَؤُوا ما تَيَسَّرَ منه).