صفات نساء أهل الجنة
وصف الجنة
أعدَّ الله -تعالى- لعباده المُتَّقين ما لا عينٌ رأت، ولا أُذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فانظر إلى حال أهل الجنَّة وما أكرمهم الله -تعالى- به من نضارة الوجوه، والجلوس على منابر من ياقوت، يتَّكئون فيها على الأرائك المنصوبة على حافة الأنهار، وزيَّن الله الجنَّة بالحور العين اللاتي يُشبهن بحسنهنَّ الياقوت والمرجان، ومما لا شكَّ فيه أنَّ نظر أهل الجنَّة إلى الله -تعالى- من أجمل الملذّات التي يُنعم الله -تعالى- بها عليهم، وقد تواترت الأحاديث التي تُثبت رؤية المؤمنين لله -تعالى- بأبصارهم، فقد سأل أُناس النبي -صلى الله عليه وسلم- هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فأجاب بقوله: (هل تُضارُّونَ في الشَّمسِ ليس دونَها سَحابٌ؟ قالوا: لا يا رسولَ اللهِ قال: فهل تُضارُّونَ في القمرِ ليلةَ البدرِ ليس دونَه سَحابٌ؟ قالوا: لا يا رسولَ اللهِ قال: فإنَّكم ترَوْنَه يومَ القيامةِ كذلكَ يجمَعُ اللهُ النَّاسَ يومَ القيامةِ).
فمن آمن بالدار الآخرة ، وأدرك ما فيها من انتهاء المصائب ، وسلامة الأبدان من الخوف والجوع والعطش وسائر المكدّرات، اطمئَنّ وصبر على هموم الدنيا وما فيها من الشقاء، فأهل الجنَّة آمنون وفي السرور والنعيم يتقلَّبون، كيف لا وهي دار غرسها الله -تعالى- بيده، وجعلها منزلاً لأحبابه، وحفّها برحمته ورضوانه، وجعل الله -تعالى- للجنَّة ثمانية أبواب، يدخل منها المؤمنين أفواجاً، يقول الصحابي عتبة بن غزوان رضي الله عنه: (لقد ذُكر لنا أن ما بين مِصراعَين مِن مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنةً، وليأتينَّ عليها يوم وهو كظيظ مِن الزحام).
صفات نساء أهل الجنّة
إنَّ دخول الجنة هو الغاية التي يطمح إليها المسلمون في كل زمان، فإذا رضي الله -تعالى- عن عباده وأدخلهم جنته، فقد فازوا بالرضوان والنعيم المقيم الذي لم تره عين، ولم تسمع به أُذن، ولم يخطر على قلب بشر، فكلُ ما يُطلب في الجنَة مُجاب، يقول تعالى: (نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ) وفي هذه الآية إشارة واضحة إلى ما أعدَّه الله -تعالى- من النعيم للرجال والنساء في الجنَّة.
أمَّا عن وصف النساء في الجنَّة، فقد ورد تفصيله في القرآن الكريم والسنَّة النبوية ، فجاء في وصفهنَّ أنهنَّ كاللؤلؤ المكنون؛ أي اللؤلؤ الصافي الأبيض النقي المستور عن الأعين والشمس والريح، وليس فيه عيب، فنساء الجنَّة كاملات الأوصاف يُسرُّ الخاطر بهنَّ ويروق للناظر رؤيتهنَّ، كما أنَهنَّ كصفاء الياقوت وبياض اللؤلؤ، وليس بين نساء الجنَّة تباغض أو تحاسد، إنَّما المحبة الصادقة والأُنس الدائم، فهنَّ الخيرات الحسان، يقول ابن القيم: (ووصفهن بأنهن خيرات حسان وهو جمع خَيْرة وأصلها خَيّرة وهي التي قد جمعت المحاسن ظاهرا وباطنا، فكمل خلقها وخلقها فهن خيرات الأخلاق، حسان الوجوه)، كما أنَّهنَّ طاهرات من كلِ أذى يصيب النساء في الدنيا.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أن امرأةً من نساءِ أهلِ الجنةِ اطَّلعَتْ إلى الأرضِ لأضاءَتْ ما بينَهما، ولملأَتْ ما بينَهما رِيحًا، ولنَصِيفُها - يعني الخِمارَ - خيرٌ منَ الدنيا وما فيها)، فلو نظرت بوجهها لأضاءت ما بين السماء والأرض من نورها وجمالها ، أمَّا لباسها، فإنَّ ما تضعه على رأسها يفوق بروعته وجماله الدنيا وما فيها، كما أنَّ جمال المؤمنات في الجنَّة يفوق جمال الحور العين؛ فإنَّها تدخل الجنَّة برحمة الله -تعالى- وعملها الصالح، أمَّا الحور العين فهي من نعيم الجنَّة، خلقها الله -تعالى- جزاءً للمؤمنين على أعمالهم الصالحة، والفرق كبير بين من دخلت الجنة جزاءً على أعمالها الصالحة وبين من خُلقت ليُجازى بها من عمل الصالحات، وعندما سُئل ابن عثيمين -رحمه الله- عن الفرق بين نساء الجنَّة والحور العين أجاب: (الذي يظهر لي أن نساء الدنيا يكنَّ خيراً من الحور العين، حتى في الصفات الظاهرة، والله أعلم).
حالات نساء أهل الجنة
تتطَّلع النساء إلى معرفة حالهنَّ في الجنة ، وما ينتظرهنَّ فيها من النعيم، فالنفس مولعة بمعرفة مصيرها، ولم يُنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأسئلة على صحابته الكرام، فعندما سألوه عن الجنة وبنائِها أجابهم بقوله: (لَبِنةٌ مِن ذهَبٍ ولَبِنةٌ مِن فِضَّةٍ مِلاطُها المِسْكُ الأَذفَرُ وحَصْباؤُها اللُّؤلؤُ أوِ الياقوتُ وتُرابُها الزَّعفرانُ مَن يدخُلُها ينعَمُ فلا يبؤُسُ ويخلُدُ لا يموتُ لا تَبْلَى ثيابُه ولا يَفْنَى شَبابُه) فالناس بفطرتهم تنشرح صدورهم عند ذكر الجنَّة وما فيها من النعيم، وهذا الأمر محمود على أن لا تكون مجرد أماني غير متبوعة بالأعمال الصالحة، وإنَّما الواجب أن يُصدّق هذا الشوق بالعمل الصالح، وتأتي الإجابة عن التساؤلات حول نعيم الجنة بمعرفة أنَّ الجنة هي نهاية الشقاء والتعاسة وبداية النعيم المقيم والحياة الهانئة، وشوَّق الله -تعالى النساء إلى الجنة بذكر ما فيها من زينة الحليِّ واللباس بخلاف الرجل، فقد شوَّقه الله -تعالى- إلى الجنة بذكر الحور العين ، ولم يذكر للمرأة الأزواج؛ لأنَّ المرأة بطبيعتها تميل إلى الحياء ، فلا يشوّقها الله بما تستحي منه.
يقول القاضي عياض: (النساء أكثر ولد آدم)، فكما أنَّ أكثر أهل النار من النساء، فإنَّ أكثر أهل الجنة من النساء كذلك، فعلى المرأة أن تحرص كل الحرص على أن تكون من أهل الجنة، فالعمر ماضٍ إلى الفناء، والجنة هي سلعة الله -تعالى- الغالية والتي لا تُنال إلا بالإيمان والعمل الصالح ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا صلَّتِ المرأةُ خَمْسَها وصامتْ شهرَها وحصَّنتْ فرْجَها وأطاعت بعلَها دخَلتْ مِن أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شاءتْ)، وعلى المرأة أن تحذر كل الحذر من دُعاة الفتنة الذين يدعون إلى الفساد والإفساد في الأرض والبعد عن طريق الله -تعالى- بالدعوة إلى التحرر الزائف.