صفات عباد الرحمن في الخلفاء الراشدين
بعض صفات عباد الرحمن في الخلفاء الراشدين
كان الخلفاء الراشدون أفضل الصحابة -رضوان الله عليهم-، وقد اتّصفوا بكثيرٍ من الصفات والفضائل التي أهّلتهم لأن يتولّوا زمام قيادة الأمة الإسلامية في مرحلةٍ حرجة ومهمّة من مراحل التاريخ الإسلامي، ولو أردنا أن نتعرف على صفات الخلفاء الراشدين لما وسعتها المجلدات الكبيرة، وإنما نكتفي بأن نعرّج على نبذةٍ من صفات عباد الرحمن التي تمثّلت فيهم، ومنها:
التواضع ولين الجانب
قال -تعالى- في وصف عباد الرحمن المتواضعين: (وَعِبَادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)، وقد تمثّلت تلك الصفة في الخلفاء الراشدين الأربعة، حيث كانوا متواضعين لا يتكبّرون على الناس، ومن الأمثلة على ذلك:
- أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-
من المواقف التي أنبأت عن تواضع أبي بكر -رضي الله عنه- أنه كان يحلب غنماً للناس في أطراف المدينة، وحينما تولّى الخلافة ظنّت إحدى الفتيات الصغيرات أنه سيتوقف عن ذلك، ولكنّه استمر في هذا الأمر طلباً للأجر من عند الله -تعالى-.
- عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
جاء إلى عمر -رضي الله عنه- أحد الصحابة مُحضِراً له كيساً من الطعام، فدعا عمر المساكين والفقراء والعبيد للجلوس وتناول الطعام، وأكل الطعام معهم، وتعجّب ممّن لا يدعون عبديهم يأكلون معهم.
- عثمان -رضي الله عنه-
يروي الحسن البصري أنّه رأى عثمان -رضي الله عنه- يَقيل في المسجد وهو يومئذ خليفة، ويقوم وأثر الحصى على جنبه.
- علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-
كان علي -رضي الله عنه- يحمل التمر في ملحفةٍ وهو أمير المؤمنين، فيراه بعض الصحابة، فيعرض عليه أحدهم أن يحمله عنه، فيأبى ذلك قائلاً: صاحب العيال أحقّ أن يَحمل.
الاجتهاد في العبادة والخشية من الله
قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا)، وقد كان الخلفاء الراشدون مجتهدين في العبادة، يقومون الليل، ويصومون النهار، كما عُرف عنهم خشيتهم الشديدة من الله، ونستحضر بعض المواقف والأمثلة فيما يأتي:
- أبو بكر -رضي الله عنه-
كان أبو بكر رجلاً أسيفاً؛ أي رقيق القلب وسريع البكاء، وكان يبكي في صلاته وعباداته من خشية الله -تعالى-.
- عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
كان عمر -رضي الله عنه- شديد الوجل من الله -تعالى-، يُرى على وجنتيه خطّين أسودين من البكاء من خشية الله، ويضع في أصبعه خاتماً منقوشاً عليه: "كفى بالموت واعظاً يا عمر".
- عثمان -رضي الله عنه-
كان عثمان -رضي الله عنه- يقف على القبور حتّى تبتل لحيته من البكاء، وكان من المجتهدين في الطاعة والعبادة، وكان كثير الصيام وقيام الليل وقراءة القرآن الكريم.
- علي -رضي الله عنه-
كان علي -رضي الله عنه- يقف في مِحرابه يصلي ويناجي ربّه ودموعه تتساقط على وجنتيه، وهو يردد: "يا دنيا غرّي غيري، لقد طلقتك ثلاثاً لا رجعة فيها، آه من قلة الزاد وطول الطريق، وبعد السفر وعظيم المورد".
الإعراض عن الجاهلين
قال الله -تعالى-: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)، وقد تمثّلت هذه الصفة في الخلفاء الراشدين -رضوان الله عليه-، لأنّ وقتهم ثمينٌ يحرصون على استثماره بالخير والعبادة وأداء المسؤولية، ومن مواقف الخلفاء الراشدين في ذلك:
- أبو بكر -رضي الله عنه-
ويتمثّل ذلك في موقف أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- عندما عفا عن مسطح الذي خاض في الحديث عن ابنته الطاهرة عائشة -رضي الله عنها- في حادثة الإفك.
- عمر -رضي الله عنه-
مرّ عمر -رضي الله عنه- على أبي لؤلؤة المجوسي وكان يصنع شيئاً، فقال لعمر: يا أمير المؤمنين لأصنعنّ لك ساعة يتحدث بها الناس، فأدرك عمر أنّ العبد يتوعّده، ولكنه أعرض عنه وتركه.
- عثمان بن عفان -رضي الله عنه-
ويظهر ذلك في موقف عثمان -رضي الله عنه- حينما حاصره الخارجون على الدولة في بيته، فأعرض عنهم وبقي ثابتاً على موقفه، ولسان حاله ومقاله يردّد ما أمره به النبي من قبل حينما قال له: (يا عثمانُ إنَّهُ لعلَّ اللَّهَ يقمِّصُكَ قميصًا، فإن أرادوكَ على خَلعِهِ فلا تخلعهُ لَهُم).
- علي -رضي الله عنه-
كان علي -رضي الله عنه- يتعرّض لكثيرٍ من الهمز واللمز من قِبل مخالفيه الجاهلين، ويكون ردّه عليهم بقول الله -تعالى-: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ).