صفات المؤمنين في القرآن
صفات المؤمنين في القرآن
ذكر الله -سُبحانه وتعالى- صفات المؤمنين في عدّة مواضع من القرآن الكريم، يُذكر منها:
- الخشية من الله -عزّ وجلّ-، والامتثال لأوامره، واجتناب نواهيه، وطاعة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، والتوكّل عليه -سُبحانه- في الأمور كلّها، والمُداومة على أداء الصلاة، والإنفاق في سبيله، قال -تعالى-: (وَأَطيعُوا اللَّـهَ وَرَسولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ*إِنَّمَا المُؤمِنونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَت قُلوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيمانًا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ*الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ).
- الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكر، وإقامة الصلاة ظاهراً وباطناً، الفرض منها والنَّفْل، والحرص على أداء الزكاة لمُستحقّيها، قال -تعالى-: (وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّـهَ وَرَسولَهُ أُولـئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ عَزيزٌ حَكيمٌ).
- الاجتهاد في التوبة من الذَّنوب كلّها، والمُداومة عليها، والخضوع لأوامر الله ونواهيه، وحفظ حُدوده، والمُداومة على العبادات كلّها؛ الواجب منها والمستحبّ، قال -تعالى-: (التّائِبونَ العابِدونَ الحامِدونَ السّائِحونَ الرّاكِعونَ السّاجِدونَ الآمِرونَ بِالمَعروفِ وَالنّاهونَ عَنِ المُنكَرِ وَالحافِظونَ لِحُدودِ اللَّـهِ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ).
- اجتناب اللغو من الكلام، الذي لا فائدة منه، وعدم الخوض فيه، وحِفْظهم الفروج والأنفُس عن المُحرّمات، وعن الوسائل التي قد تكون سببً في الوقوع في المُحرّمات، وحفظ الأمانات ، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ*فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْعَادُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ).
- التصديق والإيمان بالأمور الغيبيّة، التي لا تُدركها الحواس، وأخبر بها الله ورسوله، قال -تعالى-: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).
- التخلّق بما حثّت عليها نصوص القرآن والسنّة من الأخلاق الفاضلة الكريمة؛ منها: التواضع ، واللين في الكلام، والحرص على التهجّد وقيام الليل، والاعتدال والتوسّط في الإنفاق؛ بعدم التبذير، أو الإمساك، والصَّدق، والتناصح.
- الحرص على ترك ملذّات الحياة الدُّنيا، وشهواتها، بل مُلازمة العبادة، والإكثار من الأعمال الصالحة، والاستعداد لشرف مُلاقاة الله -تعالى-، والفوز بالجنّة، قال -تعالى-: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ*لِيَجْزِيَهُمُ اللَّـهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّـهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
- المواظبة على التقرّب من الله -سُبحانه- بمختلف العبادات، والتواضع له، قال -تعالى-: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).
- الابتعاد والاحتراز من الوقوع في المعاصي والآثام؛ خَوْفاً من غضب الله -تعالى-، قال -عزّ وجلّ-: (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ)، وقد وصفهم الله بالرّحمة واللين بين بعضهم البعض، بقَوْله: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ).
- تجنّب الإعجاب والاغترار بالنَّفس، والإفراط في مَدْحها، بل الحرص على تطهيرها من الذُّنوب، وإصلاحها، قال -تعالى-: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى).
- الحرص على أداء حقوق العباد، وقضاء حاجات الفقراء والمُستضعفين؛ طَمَعاً في نَيْل الأجر والثواب من الله -سُبحانه-، قال -تعالى-: (يوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا*وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا*إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا*إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا).
- الصَّبر والتحمّل في الدُّعوة، ومُخاطبة العباد بأسلوب الرَّحمة والتناصح، قال -تعالى-: (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ).
- الإيمان والتصديق بالله، وملائكته، وكُتبه، ورُسله، واليوم الآخر، قال -تعالى-: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ).
فَضْل المؤمنين في القرآن
بيّن الله -تعالى- في كتابه العزيز ما يناله المؤمنين من الفضائل؛ إذ قال فيهم: (أُولَـئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ*الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، فقد اختصّ الله -تعالى- عباده المؤمنين بالفوز بدخول جنّات النَّعيم، والخلود فيها، والاستمتاع في خيرها، وملذّاتها؛ جزاءً بِما عملوا في حياتهم الدُّنيا، وقد بشّرهم الله -تعالى- بأعلى مراتب الجنّة، كما ثبت في صحيح الإمام البخاريّ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (فإذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فإنَّه أوْسَطُ الجَنَّةِ، وأَعْلَى الجَنَّةِ، وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، ومِنْهُ تَفَجَّرُ أنْهارُ الجَنَّةِ).
وقال -تعالى- مُبشّراً عباده المؤمنين: (الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ*لَهُمُ البُشرى فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبديلَ لِكَلِماتِ اللَّـهِ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ)، كما وعدهم بالتمكين في الأرض، إذ قال: (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، ووعدهم أيضاً بِمغفرة الذُّنوب بقَوْله: (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَـنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ).
خطاب الله للمؤمنين في القرآن
وصف الله -تعالى- المؤمنين والمؤمنات بكثيرٍ من الصفات والأخلاق الحميدة في القرآن الكريم ، وأثنى عليهم، كما أمرهم بالأخذ بجميع شرائع الدِّين الإسلاميّ، والتزام أوامره، واجتناب نواهيه، بالعديد من الأساليب؛ كالترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، وغير ذلك، وقد اختصّ الله -عزّ وجلّ- المُؤمنين، بسورةٍ تحمل اسمهم، وقد بيّن فيها بعضاً من صفاتهم، في أوّل السورة، وآخرها، ومنتصفها؛ تأكيداً على أنّ الإيمان يكون قَوْلاً باللسان، وعَملاً بالأركان، وتصديقاً بالجنان.