صفات الصحابي أبو ذر الغفاري
أبرز صفات أبي ذر الغفاري
كان أبو ذر مدرسة متميزة فريدة، فله منهج في الزهد و الورع ، والجهر بالحق، وتتجلى شخصيته في الوصية الخاصة التي أوصاه بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعن أبي ذر قال: (أوصاني خليلي بخصالٍ مِن الخيرِ: أوصاني بألَّا أنظُرَ إلى مَن هو فوقي، وأنْ أنظُرَ إلى مَن هو دوني، وأوصاني بحبِّ المساكينِ والدُّنوِّ منهم، وأوصاني أنْ أصِلَ رحِمي وإنْ أدبَرتْ).
ومن الصفات التي تحلى بها أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- ما يأتي:
الجرأة في قول الحق
لما وضع يده في يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعلن إسلامه؛ أخذ على نفسه الصدع بالحق، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ارْجِعْ إلى قَوْمِكَ فأخْبِرْهُمْ حتَّى يَأْتِيَكَ أمْرِي، قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَأَصْرُخَنَّ بهَا بيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ).
(فَخَرَجَ حتَّى أتَى المَسْجِدَ، فَنَادَى بأَعْلَى صَوْتِهِ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ القَوْمُ فَضَرَبُوهُ حتَّى أضْجَعُوهُ، وأَتَى العَبَّاسُ فأكَبَّ عليه، قالَ: ويْلَكُمْ! ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّه مِن غِفَارٍ، وأنَّ طَرِيقَ تِجَارِكُمْ إلى الشَّأْمِ؟ فأنْقَذَهُ منهمْ، ثُمَّ عَادَ مِنَ الغَدِ لِمِثْلِهَا، فَضَرَبُوهُ وثَارُوا إلَيْهِ، فأكَبَّ العَبَّاسُ عليه).
صدق اللهجة
وقد شهد له بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (ما أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ ولا أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ أَصْدَقَ من أبي ذَرٍّ)، وذلك دلالة على صدقه وتعاهده على قول الحق مهما كان -رضي الله عنه-.
حرصه على الجهاد
خرج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك ، فأبطأ به بعيره فتأخر ينتظر البعير حتى يستريح؛ فلما رأى أنه تأخر عن الركب حمل متاعه، وجعل يسير حتى أدرك الصحابة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ، يَمْشِي وَحْدَهُ، وَيَمُوتُ وَحْدَهُ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ)، وقد شهد فتح بيت المقدس مع عمر -رضي الله عنه-.
الزهد والتقشف
عاش أبو ذر زاهدًا، بعيدًا عن التوسع في المباحات، وكان يعترض على مظاهر الترف التي يراها على الولاة أو الأغنياء، ويقرِّع عمال عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، ويتلو عليهم الآية: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
كان صادعًا بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم؛ ولما رأى الناس تتنافس في الضياع والقصور والثروات، أدرك الخطر القادم؛ بأن تفتح عليهم الدنيا فيتنافسوا فيها، وكان في دمشق يلقي على الناس كلماته ناصحًا لهم أن يخرجوا كل ما بأيديهم، وألا يدخر أحدهم لنفسه أكثر من حاجات يومه.
وطلب منه عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ألا يضيق على الناس، وأن يبقى بجانبه فقال: "لا حاجة لي في دنياكم"، وآثر أن يبقى بعيدًا عن حياة الناس، فسكن الربذة جنوب المدينة المنورة.
يموت وحده
ولما حضرته الوفاة جلست زوجته تبكي، فسألها عن سبب بكائها فقالت: لأنك تموت وليس عندي ثوب يسعك كفنًا، فقال: لا تبكي فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: (ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين).
ثم يكمل فيقول: "وكل من كان معي في ذلك المجلس مات ولم يبق غيري، فراقبي الطريق، وفاضت روحه، فخرجت زوجته إلى الطريق فإذا مجموعة من الناس فيهم عبدالله بن مسعود ، فقال: صدق رسول الله: "تمشي وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك".
التعريف بأبي ذر الغفاري
أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- الصحابي الجليل، الزاهد المشهور، صادق اللهجة، هو جندب بن جنادة بن سكن من قبيلة غفار، كان سباقًا في الدخول في الإسلام، فقد أسلم قبله ثلاثة، وكان هو الرابع.