صفات الزوج الصالح مع زوجته
اختيار الزوج
حثّ الإسلام على تكوين الأسرة، وحرص على رعايتها وصيانتها والحفاظ عليها؛ فهي نواة المجتمع المسلم، ويجب أن تكون الأسر قويةً ومتماسكةً، في سبيل الحفاظ على بناء المجتمع، ومن الوسائل التي توصل إلى ذلك؛ اختيار الزوج الصالح؛ فهو ربّ الأسرة والقائم عليها، كما أنّه القدوة العملية لأولاده، ويجب على المرأة أن تختار الرجل الذي يصلح شريكًا له، وأن يكون اختيارها بناءً على معايير وأسسٍ؛ بحيث يكون مناسبًا للمرأة، وهو ما يُعرف عند الفقهاء بالكفاءة، والكفاءة تطلق في اللغة على المساواة، أمّا في الاصطلاح: فهي مساواة الرجل للمرأة في بعض الأمور المحدّدة، فيجب أن يكون الرجل مكافئ للمرأة في الدين والأخلاق الكريمة، والمستوى الاجتماعيّ والثقافيّ.
صفات الزوج الصالح مع زوجته
أمر الله تعالى الأزواج بحسن معاملة كلٍّ منهما للآخر، وأوصاهم بأداء ما عليهم من واجباتٍ تجاه بعضهم؛ ممّا يكفل لهم حياةً مطمئنةً سعيدةً، وقد جاءت نصوصٌ شرعيَّةٌ عديدةٌ تبيّن كيف يجب على الزوج أن يعامل زوجته، وفيما يأتي ذكرٌ لأبرز صفات الرجل الصالح مع زوجته.
حسن العشرة بالمعروف
فإنّ الزوج الصالح يُحسن معاشرة زوجته؛ بإكرامها، والرفق بها، والتلطّف في معاملتها، وقد جاء الأمر بذلك في قول الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، وأوصى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بذلك في قوله: (اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ؛ فإنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شَيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ)؛ فالمراد بالاستيصاء بالنساء خيرًا؛ أي تواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهنّ وحسن معاملتهنّ.
إعفافها وإشباع شهوتها
فعلى الزوج أن يشبع حاجة زوجته الجنسيّة ويعاشرها؛ ليعفّها بالوطء الحلال، ويشبع شهوتها؛ فإنّ للمرأة شهوةً كما للرجل، وقد نهى الإسلام الزوج من أن يقطع زوجته ويترك معاشرتها حتى وإن كان تركه عن معاشرتها لانشغاله بالعبادة، وممّا ورد في ذلك ما رواه سلمان الفارسي -رضي الله عنه- أنّه حين زار أبا الدرداء -رضي الله عنها- وجد أمّ الدرداء -رضي الله عنها- ترتدي ثياب البيت والخدمة وتترك الزينة، فسألها سلمان عن ذلك؛ فأجبته أنّ أبا الدرداء لا يلتفت لها وينقطع للعبادة من قيامٍ وصيام، فقال سلمان لأبي الدرداء -رضي الله عنهما-: (إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فأعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فأتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَذَكَرَ ذلكَ له، فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: صَدَقَ سَلْمَانُ).
الإنفاق عليها بالمعروف
فيجب على الزوج أن يوفّر لزوجته ما تحتاجه من مسكنٍ وملبسٍ ومأكلٍ ودواء حتّى وإن كانت غنيَّةً وذات مال؛ فالزوج الصالح يكرم زوجته ولا يُقتّر عليها، وذلك حسب قدرته ووسعه؛ لقوله تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّـهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّـهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا).
الصبر على أذاها وتحمّله
فإنّ الزوج الصالح يصبر على ما قد يقع ممن الزوجة من خطأ، ويعفو عن زلّاتها، ويصبر عليها، ويراعي أنّ لها صفاتٍ وأخلاقًا حسنةً وأفعالًا طيِّبةً حتّى وإن بدر منها خطأ، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ)، ومعنى يفرك؛ أي يكره ويبغض.
حفظ سرّها وعدم ذكر عيوبها
فإنّ الزوج الصالح لا يُفشي أسرار زوجته للناس، ولا يذكر معايبها أمام أحدٍ؛ إذ يحرم عليه ذلك شرعًا.
مشورتها في أمور البيت وغيرها
فإنّ الزوج الصالح يشرك زوجته في أموره، ويشاورها في ما يتعلّق بإدارة شؤون البيت، وحتى في الأمور الأخرى، وقد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يشاور أزواجه، ومن ذلك مشاورته لأم سلمة -رضي الله عنها- في صلح الحديبية؛ حيث أشارت عليه أن يحلق وينحر الهدي الذي معه، حتى يفعل الصحابة مثله.
خدمة الزوجة ومعاونتها في البيت
فالزوج الصالح يعين زوجته في أمور البيت، وقدوته في ذلك النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الذي كان يعاون أهله في بيته ويساعدهم، ومن ذلك ما روته أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّه: (كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ).