صفات الحسین رضي الله عنه
آل البيت
يُعرّف آل الرجل لغةً بأنّهم عياله وأهله، وأنصاره، وأتباعه، أما شرعاً فقد اختلف العلماء في تعريف آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قيل إنّهم الذين حُرّمت عليهم الصدقة، مصداقاً لما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان رسولُ اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم يُؤْتى بالتَّمر عند صرام النَّخل، فيجِيءُ هذا بتمرِه، وهذا من تمرِه حتَّى يصِير عندهُ كوماً من تمرٍ، فجعل الحسن والحُسين -رضي اللَّه عنهما- يلعَبان بذلك التَّمر، فأخذ أحدُهُما تَمرَةً، فجعلها في فِيهِ، فنظر إليه رسولُ اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخرجها من فيه، فقال: أما علمت أنَّ آل محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يأكلُون الصَّدقة)، ونُقل عن الإمام الشافعي ، وروايةً عن الإمام أحمد أنّهم بنو عبد المطلب وبنو هاشم، بينما قال أبو حنيفة -رحمه الله- أنّهم بنو هاشم خاصة، وذهب الجمهور من أصحاب أحمد والشافعي إلى أنّهم بنو هاشم، ومن فوقهم إلى بني غالب، وهم بنو نوفل، وبنو أمية، وبنو المطلب ، ومن فوقهم إلى غالب.
وقيل إنّ آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هم أزواجه وذريته خاصةً، وهو ما ذهب إليه ابن عبد البر في كتابه التمهيد، واستدل أصحاب هذا الرأي بما ورد من الصلاة على النبي وعلى آله في أحاديثٍ كثيرةٍ، حيث بيّنت بعض الأحاديث أنّ المقصود بآل محمد -صلى الله عليه وسلم- هم أزواجه وذريته، ومنها ما رواه أبو حميد الساعدي أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اللَّهم صلّ على مُحمَّدٍ وأزواجِه وذرِّيَّته)، ومن الجدير بالذكر أنّ لآل بيت النبي -عليه الصلاة والسلام- مكانةً عظيمةً في قلوب المسلمين ؛ لأنّ الله -تعالى- خصّهم بالعديد من الفضائل، حيث طهّرهم من الرّجس تطهيراً، مصداقاً لقوله عزّ وجلّ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).
صفات الحسين رضي الله عنه
هو سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وريحانته من الدنيا، وابن أحب بناته إلى قلبه فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وهو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو عبد الله القرشي الهاشمي، أحبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حباً جماً، حيث رُوي عنه أنّه قال عن الحسن والحسين رضي الله عنهما: (هذان ابناي، من أحبَّهما، فقد أحبَّني)، وروى حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (أنَّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) وفيما يأتي بيانٌ لبعض صفات الحسين رضي الله عنه:
- كثرة الطاعات والعبادات: حيث وُلد الحسين -رضي الله عنه- في المدينة المنورة ، وتربّى في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي بيت والده علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونشأ منذ نعومة أظفاره على الأخلاق الحميدة، والعلم النافع الذي كان يتلقّاه في المسجد النّبوي الشّريف، فكان كثير العبادات والطاعات، حتى رُوي أنّه حجّ خمسة وعشرين مرةً ماشياً على قدميه، وقد شهد بيعة أبيه للخلافة، وقاتل معه الخوارج، وكان في جيشه في موقعة الجمل وصفين .
- الإحسان إلى الفقراء والمساكين: كان من صفات الحسين بن علي -رضي الله عنه- الإحسان للفقراء والمساكين، وقد نقل الإمام الطبراني في كتاب مكارم الأخلاق أنّ زوجة الحسين بن علي بعثت له في أحد الأيام تُعلِمه بأنّها صنعت له طعاماً وطيباً، وتخبره بأن يُحضر من شاء إلى ذلك الطعام، فدخل الحسين بن علي -رضي الله عنه- إلى المسجد وجمع المساكين، وذهب بهم إليها، فأتاها جواريها وقلن لها: والله لقد جلب عليك المساكين ، ثم دخل الحسين على زوجته وقال: (أَعزِمُ عليكِ لما كان لي عليكِ من حقٍّ أن لا تدَّخرِي طعاماً، ولا طيباً)، ففعلت، فأطعمهم وكساهم وطيّبهم.
- ومن المواقف التي تدل على تواضع الحسين -رضي الله عنه- وعطفه على المساكين، ما رُوي عنه أنّه مرّ في أحد الأيام راكباً على مساكين يأكلون الخبز، فسلم عليهم، فدعوه للطعام، فقرأ قول الله تعالى : (لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا)، ثم نزل فأكل معهم، ثم قال لهم: (قد أجبتكم فأجيبوني)، فذهبوا معه إلى منزله، حيث أطعمهم وكساهم، ثمّ انصرفوا.
- استجابة الدعاء: كان الحسين بن علي -رضي الله عنه- مستجاب الدّعوة، وقد ذكر ابن أبي الدنيا -رحمه الله- في كتابه مجابوا الدعوة ما يدل على ذلك، حيث رُوي أنّ من بين الذين شهدوا مقتل الحسين -رضي الله عنه- رجلٌ من بني أبان بن دارم يُدعى زرعة، ولما طلب الحسين -رضي الله عنه- الماء ليشرب رماه ذلك الرجل بسهم أصاب حنكه، فأخذ يتلقى الدماء بيديه ويرفعهما إلى السماء ويقول: (اللهم ظمئه اللهم ظمئه)؛ لأنّه حال بينه وبين الماء، وفيما بعد أخبر الذين حضروا موت ذلك الرجل أنّه كان يصيح من شدّة الحر في بطنه، والبرد في ظهره على الرغم من الثلج والمراوح بين يديه، ويقول: (اسقُوني أهلكَني العطش)، فيؤتى بطست كبير فيه الماء أو اللبن لو شرب منه خمسة رجال لكفاهم، فيشربه، ثم يعود ويقول: (اسقوني أهلكني العطش)، وبقي على هذه الحال إلى أن انقدّ بطنه كانقداد البعير.