صفات الجليس الصالح
صفات الجليس الصالح
بيّن الإسلام بعض الصفات المختصّة بالجليس الصالح، والتي يُمكن من خلالها اختيار الإنسان لصاحبه وجليسه، وهي كما يأتي:
- الإلتزام بأوامر الله -تعالى-، والحرص على رضاه ، مع المُسارعة إلى الخير، والبُعد عن الشر.
- التذكير بالله -تعالى- عند الغفلة عنه، وإعانته لجليسه على ذلك.
- الموالاة والمعاداة تكون لله -تعالى-؛ فالله -تعالى- يُحبّ الطاعة والطائعين، ويبغض المعصية والعاصين.
- التغافل عن أخطاء جُلسائه وعدم تتبُعها، مع سلامة المُسلمين من لسانه ويده.
- المُشاركة في المكروه والمحبوب لجلسائه وعدم تغيّره عليهم، ويبعد عن المنّ عند الإحسان إلى غيره.
- الاجتهاد في ستر عورات أصحابه، وبيان صفاتهم الحسنة.
- الإعانة على الخير والمعروف، كما ويحافظ الجليس الصالح على حقّ أصحابه بحضورهم أو في غيبتهم.
اختيار الصديق الصالح
يُعدّ اختيار الصديق الصالح من المواضيع الكبيرة والنادرة؛ لعدم وجود المعايير عند الإنسان في اختيار أصدقائه، حيث أنّ المجتمع فيه الكثير من الأخطاء والزلّات؛ فينبغي على الشخص اختيار الصديق المُتّصف بالأخلاق الحسنة، والمُنشغل بالعلم وبما ينفعه، والذي يكون بعيداً عن التكلم في الناس وخاصّةً العُلماء، وتوجد بعض المعاييّر التي يُمكن للإنسان اختيار أصدقائه من خلالها، ومنها ما يأتي:
- الصلاح والأمانة والوفاء والنُصح.
- العون في الشدّة والرخاء، والإعانة لأصدقائه على الخير.
- ضبط النفس عند الغضب، وهي من أهم المعاييّر في اختيار الصديق.
- التوافق التامّ لسنّه وظُروفه الاجتماعيّة والأخلاقيّة والتربويّة.
الصديق الصالح في الكتاب والسنة وأقوال السلف
توجد العديد من النُصوص الواردة في الكتاب والسُنّة وبعض أقوال السلف عن الصديق الصالح، ومنها ما يأتي:
- الكتاب: قوله -تعالى-: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ * يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ)، وقوله -تعالى-: (وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زينَةَ الحَياةِ الدُّنيا وَلا تُطِع مَن أَغفَلنا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمرُهُ فُرُطًا)؛ وقد فسّر البُخاريّ كلمة ولا تعدُ أيّ لا تُجاوزهم.
- السنة: قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، والْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)؛ فقد شبه النبي -عليه الصلاة والسلام- الصديق الصالح بحامل المسك، فهو إمّا أن ينتفع منه جليسه بالشراء، أو الهدية، أو أن يشتمّ منه ريحاً طيبة؛ إشارة إلى الانتفاع منه بتزكية النفس، أمّا الصاحب السيء؛ فهو كالحدّاد الذي ينفخ في النار، فهو إمّا أن يُشارك جليسه في شرّه بالإحراق بالنار أو الإساءة إلى سمعته، وقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (الرَّجلُ على دِينِ خليلِه ، فلْينظُرْ أحدُكم مَن يُخالِلْ)، وقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (خيرُ الأصحابِ عند اللهِ خيرُهم لصاحبِهِ، وخيرُ الجيرانِ عند اللهِ خيرُهم لجارِهِ).
- أقوال وحياة السلف: قول عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: إنّ من أفضل النعم على الإنسان بعد الإسلام الصديق الصالح، ومن وجده فليتمسك به، وقول الحسن البصري: إنّ الصديق الصالح خيرٌ من الأهل والأولاد؛ لأنّه يُذكّر بالآخرة، والأهل يُذكّرون بالدُنيا، ولكلّ شخصٍ من أصحابه نصيب، وقد كان السلف يوصون باختيار الصُحبة ، وقد أوصى الإمام الشافعي بعض تلامذته بالمُحافظة على الصديق الصالح؛ لأنّ وجوده نادر، ومُفارقته سهلة.
نعمة الصديق الصالح
يُعدّ الصديق الصالح، التقيّ، المُخلص، من نعم الله -تعالى- العظيمة على الإنسان؛ لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والسَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ)، وقد قال أبو حاتم: إنّ الأخ الصالح قد يكون أفضل من الأخ الحقيقيّ؛ يتفقد أحوال أخيه، ولا يميل إليه لمنفعةٍ أو مصلحة، ويشُعر بالأمان معه لعظم مودّته، وقد جاء عن عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: إنّ الجليس الصالح من أفضل النعم بعد الإسلام ؛ لأنّ الجليس الصالح يذكّر المسلم ويعينه على طاعة الله -تعالى-.
يُعتبر الإنسان مدنيٌ بطبعه؛ أي أنّه يُحب الخُلطة والمُجالسة، ويكره الانفراد والعُزلة، ولا يُمكنه من العيش لوحده بعيداً عن الناس، إنّما لا بدّ له من شخصٍ يُجالسه، وهذا الجليس قد يكون صالحاً، وقد يكون سيئاً، ومن كان يُريد طاعة الله -تعالى- فعليه أن يحرص على اختيار الجليس الصالح العابد لربه، والبحث عنه؛ فهو يُعين على الطاعة، أمّا الجليس السيّء فهو يُزيّن المعاصي لجليسه، ويُبيّن له موافقته عليها وأنّه على صواب،