صحة حديث القرآن والصيام يشفعان
ما صحة حديث الصيام وَالْقُرْآنُ يشفعان لِلْعَبْدِ يوم القيامة؟
عن عبدِ الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (الصيامُ والقرآنُ يشفعان للعبدِ يومَ القيامةِ، يقول الصيامُ: أي ربِّ منعتُه الطعامَ والشهوةَ، فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النومَ بالليل، فشفعني فيه، قال: فَيُشَفَّعان).
وقال الألباني -رحمه الله-: هذا الحديث حسن صحيح، وقد رواه الإمام أحمد في كتابه المسند، ورواه الطبراني في كتابه الكبير، ورواته ممّن تصح عنهم الرواة، وممن رُويت عنهم الأحدايث في الكتب الصحيحة، ورواه غير واحد بإسناد حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، أي أن رجال الحديث (الرواة) كرجال صحيح مسلم بالعدالة والضبط.
المقصود بشفاعة القرآن والصيام يوم القيامة
جمع الحديث النبوي الشريف بين عبادتين عظيمتين؛ الصيام والقرآن، وهنا يظهر جمال أسلوب النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإشارة إلى شهر رمضان المبارك الذي تجتمع فيه عظمة الصيام، والذي يقوم على منازعة الهوى ومقاومة شيطان النفس؛ لتصفو وتتهذب، ويصح الجسد بذلك، وعظمة القرآن الكريم، الذي اختصه الله -تعالى- بالنزول في أعظم الشهور، وجعله هداية للناس كافة.
وفي الحديث النبوي ذكر لشفاعتين خاصتين، نوضّحهما كما يأتي:
- شفاعة القرآن الكريم: خصّ الله -سبحانه- القرآن بالشفاعة دون غيره من الكتب السماوية؛ لأنه خاتمها وناسخ لما قبله منها، وهو الكتاب الوحيد الذي حُفظ من التحريف والتغيير، لذلك كان الترغيب بحفظه، وقراءته، والمداومة عليه، وقد وردت العديد من الأحاديث التي تؤكّد على شفاعته، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ).
- كما ذكرت أحاديث أخرى شفاعة بعض السور على وجه الخصوص؛ كسورة الملك، والبقرة وآل عمران، والمقصود بالشفاعة هنا أن يأتي القرآن حامياً لصاحبه من العذاب، مبعداً عنه المخاطر يوم القيامة، ولم يُحدد مكان الشفاعة؛ عند الصراط، أو الحساب، أو الحشر.
- شفاعة الصيام: يكفي الصيام شرفاً أن خصّه الله -سبحانه- بنسبته إليه دون غيره من الأعمال والعبادات الأخرى، يقول -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -سبحانه-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به). فكان الصيام عملاً غير ظاهرٍ للناس، يمتنع فيه المؤمن عن كل أنواع المفطّرات والذنوب.
- فيكون الأجر ومضاعفته في علم الله وحده، أما المقصود بشفاعته: بأن يقف الصيام بين يدي الله -سبحانه وتعالى- يدافع ويقدم الحجج والبراهين على أن صاحبه امتنع عن الأكل والشهوات؛ امتثالاً لأمره -سبحانه-، ولا يزال كذلك حتى يدخله الجنة من باب الريان، ويحصّنه من دخول النار.
ما يستفاد من حديث شفاعة القرآن والصيام يوم القيامة
يُستفاد من الحديث النبوي العديد من الدروس والعبر، منها ما يأتي:
- للشفاعة أنواع؛ مطلقة ومقيدة، ومنها ما هو مخصص بأشخاص، أو بعبادة، كشفاعة القرآن والصيام.
- للصيام فضائل معجّلة؛ كفرح الصائم عند إفطاره، وفضائل مؤجّلة؛ كشفاعته يوم القيامة.
- للقرآن العزيز بركات كثيرة، منها ما يحصله المؤمن في الدنيا، ومنها ما يكون في الآخرة؛ كالشفاعة لصاحبه.
- بعض الأعمال التي يعملها المؤمن في الدنيا قد تكون حسّية في الآخرة، تتكلّم وتحاور، كالصيام.
- استخدام أسلوب المجاز والتصوير؛ لتقريب المعنى، كتمثيل أجر قراءة القرآن والصيام بالشفاعة لأصحابهما.
ملخص المقال: أمر الله -سبحانه- عباده بالعديد من الأعمال والعبادات التي ينال بها العبد الأجور، ويجني منها الحسنات، ومن هذه العبادات: الصيام، والمداومة على القرآن، فإنهما يأتيان بالشفاعة يوم القيامة، فيدخل بهما صاحبهما الجنان، ويُدفع عنهما النار بإذن الله.