صحة حديث (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه)
صحة حديث (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه)
روى سلمان الفارسي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه فقال: (رِباطُ يَومٍ ولَيْلَةٍ خَيْرٌ مِن صِيامِ شَهْرٍ وقِيامِهِ، وإنْ ماتَ جَرَى عليه عَمَلُهُ الذي كانَ يَعْمَلُهُ، وأُجْرِيَ عليه رِزْقُهُ، وأَمِنَ الفَتّانَ).
وقد روى هذا الحديث الإمام مسلم ، وابن حبان، والحاكم، وابن زنجويه، وأبو عوانة رحمهم الله، وثبت الحديث عن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- في رواية أخرى قال فيها عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (رِباطُ يومٍ وليلةٍ أفْضَلُ مِن صِيامِ شَهرٍ وقيامِه، صائِمًا لا يُفطِرُ، وقائِمًا لا يَفْتُرُ).
المعنى العام للحديث
خصّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المرابط الذي يرابط على الثغور ليلة واحدةً بتحصيل أجر من صام شهراً وقامه، وله أجر الجهاد في حياته، ثمّ بعد موته يستمرّ هذا الأجر دون أن ينقطع، وقد قصد -عليه السّلام- بقوله: "وأُجري عليه رزقه"؛ أي نيل المرابط أجر الشهداء الذي أخبر عنه -سبحانه وتعالى- في القرىن الكريم.
قال الله -تعالى-: (بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، وجعله الله آمناً من الفتن والاختبارات والابتلاءات، وقيل: آمناً من منكر ونكير وقادر على جوابهما، وقيل: آمناً من الشيطان، وقيل آمناً من فتنة المسيح الدجال.
ولا ينافي الحديث حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين قال: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له)، لأنّ هذه الأعمال قد قام بها أقرباء الميت بعد وفاته، أمّا الرباط فقد قام به الإنسان قبل موته واستمرّ أجره بعد وفاته.
فضل الرباط
صحّ عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- العديد من الأحاديث الصحيحة في فضل الرباط في سبيل الله -تعالى-، ومنها ما يأتي:
- روى سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (رِبَاطُ يَومٍ في سَبيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما عَلَيْهَا، ومَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما عَلَيْهَا، والرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ في سَبيلِ اللَّهِ، أَوِ الغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما عَلَيْهَا).
- روى عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (كلُّ مَيِّتٍ يُختَمُ على عمَلِه إلَّا المُرابِطَ؛ فإنَّه يَجْري عليه أجْرُ عمَلِه حتى يَبعَثَه اللهُ).
- روى فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (كلُّ الميِّتِ يُختَمُ على عملِهِ إلَّا المرابطَ، فإنَّهُ يَنمو لَهُ عملُهُ إلى يومِ القيامةِ، ويؤمَّنُ من فتَّانِ القبرِ).