صحة حديث (أنا عند ظن عبدي بي)
صحة حديث (أنا عند ظن عبدي بي)
روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -سبحانه وتعالى-: (أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وأنا معهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في ملأ ذَكَرْتُهُ في ملأ خَيْرٍ منه، وإنِ اقْتَرَبَ إلَيَّ شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنِ اقْتَرَبَ إلَيَّ ذِراعًا، اقْتَرَبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً).
حكم الحديث والتعريف براوي الحديث
الحديث صحيح بل من أعلى درجات الصحيح لاتفاق البخاري ومسلم على إخراجه في صحيحيهما، والراوي هو أبو هريرة -رضي الله عنه-، واسمه عبد الرحمن بن صخر الدوسي من قبيلة دوس من اليمن، كان اسمه في الجاهلية عبد شمس، فسمَّاه النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الرحمن.
أسلم في السنة السابعة للهجرة عام خيبر، لازم النبي -صلى الله عليه وسلم- وسمع منه كثيراً من الأحاديث، فكان أبو هريرة -رضي الله عنه- من المكثرين في رواية الحديث فقد روى ما يزيد عن خمسة آلاف حديث، توفي عام 59 هجرية.
شرح الحديث
يتضمن الحديث الشريف مواضيع متعددة تحثُّ المسلم على حسن الظن بالله -تعالى- وعلى الأعمال الصالحة، وإصلاح القلوب والجوارح، وعلى التقرب إلى الله -تعالى- بالطاعات فيُحصِّل الثواب الجزيل، وتفصيل شرح الحديث ما يأتي:
- معنى حسن الظن بالله تعالى
يحثُّ الحديث على حسن الظن بالله -تعالى- ومعنى حسن الظن بالله -تعالى-: قوة اليقين بما وعد الله -تعالى- عباده من النعيم المقيم الذي أعده الله -تعالى- لعباده، فالله -تعالى- عند ظن عبده به فإن ظنَّ العبد بالله المغفرة فإنّ الله -تعالى- يغفر له، وإن ظنّ العبد بربه إجابة دعائه أجاب الله -تعالى دعاءه.
وإذا ظنّ العبد بربه القبول قبل الله -تعالى- أعماله وجازاه عليها، فالعبد المؤمن يُحسن الظن بربه -تعالى- ويرجو رحمته وغفرانه،قال القاضي عياض -رحمه الله- في معنى هذا الحديث: "بالغفران له إذا استغفرنى والقبول إذا أناب إلىّ والإجابة إذا دعاني، والكفاية إذا استكفانى، لأن هذه الصفات لا تظهر من العبد إلا إذا أَحسن ظنه بالله وقوى يقينه".
حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على حسن الظن بالله، فقد ثبت في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يموتَنَّ أحدٌ منكُم إلَّا وَهوَ يُحسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ)، قال الخطابي -رحمه الله- في شرح الحديث: "يعنى في حسن عمله، فمَنْ حَسُن عمله حَسُن ظنه، ومَنْ ساء عمله ساء ظنه، وقد يكون من الرجاء وتأميل العفو".
- معنى وأنا معه حين يذكرني
معناه أنَّ الله -تعالى- قريب من عباده، فمن ذكر الله -تعالى- بقلبه وفقَّه الله -تعالى- وهداه وأعانه على ذلك، ومن ذكر الله -تعالى- في ملأ ذكره الله -تعالى- وأثنى عليه أمام الملائكة الكرام البررة.
- معنى ومن تقرب مني شبراً إلى آخر الحديث
وهذا كله من باب الكنايات، والمعنى: إذا تقرب إلي العبد بطاعتي وما أمرت أسرع إليه بمغفرتي ورحمتي، ومعنى قوله: ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، أي هو كناية عن حسن إثابته ومزيد فضله على عباده الطائعين التائبين المقبلين إليه.