شعر نوروز
شعر نوروز: أصله ونشأته
يعود أصل كلمة نوروز إلى اللغة الفارسية؛ حيث تتكوّن الكلمة من لفظين هما: "نو" وتعني الجديد، و"روز" التي تعني اليوم، فهي بذلك تعني اليوم الجديد، وقد اشتقّ العرب قديمًا من كلمة نيروز الفعل "نيْرزَ"، وتعني اصطلاحًا: اليوم الأول من السنة الشمسيّة الذي يُوافق الحادي والعشرين من شهر آذار؛ أي أوّل أيام فصل الربيع.
قال المعريّ إنّ كلمة النيروز مُعربة، حيث ذُكرت في دولة بني العباس فحسب، أمّا القزويني فقال: "النوروز: أول يوم من السنة واسمه بالفارسية يُعطي هذا المعنى، وزعموا أنّ الله في هذا اليوم أدار الأفلاك وسير الشمس والقمر وسائر الكواکب، واسم هذا اليوم هرمزد، وهو اسم من أسماء الله، وقالوا إنّ في هذا اليوم قسّم الله السعادات لأهل الأرض".
تحولات شعر نوروز عبر التاريخ
كان شعر النوروز حاضرًا بعد قيام الدولة العباسيّة، ولا ضيرَ من التّنويه بأنّ أول مَن قدّم هدايا النوروز هو الحجاج بن يوسف الثقفي ، حيث تبادلَ الخلفاء الهدايا في العصر العباسي والأمويّ، واستمرّ هذا التّبادل حتى عهد أحمد بن يوسف الكاتب الذي أهدى المأمون سفطًا من الذهب.
تغنّى كثيرٌ من الشعراء بعيد النوروز، فكان أثرُه واضحًا في أشعارهم مثل: المتنبي، والبحتري، وابن المعتز، وابن الرومي وغيرهم، وأشار المتنبي إلى عيد النيروز في شعره؛ حيث هنّأ سيف الدولة به قائلًا:
هَنيئًا لَكَ العيدُ الَّذي أَنتَ عيدُهُ
:::وَعيدٌ لِمَن سَمّى وَضَحّى وَعَيَّدا
وَلا زالَتِ الأَعيادُ لُبسَكَ بَعدَهُ
:::تُسَلِّمُ مَخروقًا وَتُعطى مُجَدَّدا
اقترن شعر نوروز بالربيع عند بعض الشعراء أمثال: البحتري ، إذ يتّضح من خلال شعره إعجابه وحبّه للطبيعة الباسمة والجمال والورد، وأقرّ البحتري بوجوب الاحتفال بانطلاق الربيع، حيث يقول:
وَقَد نَبَّهَ النَوروزُ في غَلَسِ الدُجى
:::أَوائِلَ وَردٍ كُنَّ بِالأَمسِ نُوَّما
يُفَتِّقُها بَردُ النَدى فَكَأَنَّهُ
:::يَبُثُّ حَديثًا كانَ أَمسِ مُكَتَّما
وَمِن شَجَرٍ رَدَّ الرَبيعُ لِباسُهُ
:::عَلَيهِ كَما نَشَّرتَ وَشيًا مُنَمنَما
أَحَلَّ فَأَبدى لِلعُيونِ بَشاشَةً
:::وَكانَ قَذىً لِلعَينِ إِذ كانَ مُحرَما
وَرَقَّ نَسيمُ الريحِ حَتّى حَسِبتَهُ
:::يَجيءُ بِأَنفاسِ الأَحِبَّةِ نُعَّما
نماذج من شعر نوروز
نماذج من شعر نوروز فيما يأتي:
- قصيدة وحي النيروز لبدر شاكر السياب :
طيف تحدّى به البارود والنار
::: ما حاك طاغ وما استبناه جبار
ذكرى من الثورة الحمراء وشحها
::: بالنور والقانيء المسفوك آذار
مرت على القمة البيضاء صاهرة
::: عنها الجليد فملء السفح أنهار
في كل نهر ترى ظلا تحف به
::: أشباح (كاوا) ويزهو حوله الفار
يا شعب (كاوا) سل الحداد كيف هوى
::: صرح على الساعد المفتول ينهار
وكيف أهوت على الطاغي يد نفضت
::: عنها الغبار وكيف انقض ثوار
والجاعل (الكير) يوم الهول مشعلة
::: تنصب منه على الآفاق أنوار
قف عند (شيرين) واهتف ربما نطقت
::: وحدثتك بما تشتاق أحجار
وربما ارتجت الأصداء وانفجرت
::: قيثارة في يد الراعي ومزمار
والفارس الثائر المغوار هل بقيت
::: من خيله الصافنات البلق آثار
تكاد تسمع في الآفاق صيحة
::: كأنها في سماء الحق إعصار
مرت على الظلم فاهتزت دعائمه
::: وجلجلت فهي للباغين إنذار
وساء مستعمرًا أن يستفيق على
::: أصدائها جائع في الحقل منهار
- قصيدة أسعد بعيد أخي نُسك وإسلام لابن الرومي :
أسْعدْ بعيدِ أخي نـُسْكٍ وإسلامِ
- وعيدِ لهوٍ طليق ِالوجهِ بسام ٍ
عيدان ِ أضحى ونيروزٌ كأنهما
- يومًا فعالكَ من بؤس وإنعامِ
من ناضحٍ بالذي تحيى النفوسُ به
- وحائلٍ بينَ أرواحٍ وأجسامِ
كذاكَ يوماكَ يومٌ سيبهُ ديمٌ
- على العفاةِ ويومٌ سيفهُ دامِ
رأيتُ أشرافَ خلقِ اللهِ قد جعلوا
- للناسِ هامًا وأنتمْ أعينُ الهامِ
أنتم نجومُ سماءٍ لا أفولَ لها
- وتلكَ أشرفُ من نيرانِ أعلامِ
وخافكمْ كلُّ شيءٍ فاكتسى نفقًا
- كأنه في حشاهُ حرفُ إدغامِ
- قصيدة جاء نيروزنا وأنت مراده للمتنبي :
جاءَ نَيروزُنا وَأَنتَ مُرادُه
:::وَوَرَت بِالَّذي أَرادَ زِنادُه
هَذِهِ النَظرَةُ الَّتي نالَها مِن
:::ـكَ إِلى مِثلِها مِنَ الحَولِ زادُه
يَنثَني عَنكَ آخِرَ اليَومِ مِنهُ
:::ناظِرٌ أَنتَ طَرفُهُ وَرُقادُه
نَحنُ في أَرضِ فارِسٍ في سُرورٍ
:::ذا الصَباحُ الَّذي نَرى ميلادُه
عَظَّمَتهُ مَمالِكُ الفُرسِ حَتّى
:::كُلُّ أَيّامِ عامِهِ حُسّادُه
ما لَبِسنا فيهِ الأَكاليلَ حَتّى
:::لَبِسَتها تِلاعُهُ وَوِهادُه
عِندَ مَن لا يُقاسُ كِسرى أَبو سا
:::سانَ مُلكًا بِهِ وَلا أَولادُه
عَرَبِيٌّ لِسانُهُ فَلسَفِيٌّ
:::رَأيُهُ فارِسِيَّةٌ أَعيادُه
كُلَّما قالَ نائِلٌ أَنا مِنهُ
:::سَرَفٌ قالَ آخَرٌ ذا اِقتِصادُه
- قصيدة نام الربيع على دمي:
- نام الربيعُ على دمي
- فرأى على شطآنِ صوتي
- عاشقًا منهارا
- فتَّحْتَ قلبي يا ربيعُ
- ولم أكنْ من قبل عيدِكَ
- أَعشقُ الأزهارا
- فتّحتَ لي فرحًا
- فصارَ ملوّناً
- مثل الشموسِ تُكحِّلُ الأسرارا،
- عمَّرْتَ لي حُلُمًا
- وكان محطَّمًا
- وأعدتَ لي وطنًا
- وكان غُبارا
- فأنا وأنتَ كعاشقينِ كلاهما
- يزدادُ في لغةِ الأصابعِ نارا
- أنهارُ فجركَ
- في عروقي فجَّرَتْ لبلابَ عشقٍ
- ينزلُ الأقمارا،
- هل أنت صوتي
- أم ظلاُلكَ في دمي
- بين المرايا
- توقِظُ الأمطارا؟
- الآن أدركُ أنني طفلٌ
- على أطرافِ عُمري
- أنزف الأطيارا.