شعر عن فراق الأم
هوىً كانَ لي أنْ ألبسَ المجدَ معلما لمحمود سامي البارودي
يقول محمود البارودي :
هوىً كانَ لي أنْ ألبسَ المجدَ معلما
- فلما ملكتُ السبقَ عفتُ التقدما
وَمَنْ عَرفَ الدُّنْيَا رَأَى مَا يَسُرُّه
- منَ العيشِ هماً يتركُ الشهدَ علقما
وأيُّ نعيمٍ في حياة ٍ وراءها
- مَصَائِبُ لَوْ حَلَّتْ بِنجمٍ لأَظْلَمَا
إذا كانَ عقبى كلَّ حي منية ٌ
- كفَسِيَّانِ مَنْ حَلَّ الْوِهَادَ، وَمَنْ سَمَا
ومن عجبٍ أنا نرى الحقَّ جهرة
- وَنَلْهُو، كَأَنَّا لاَ نُحَاذِرُ مَنْدَمَا
يودُّ الفتى في كلَّ يومٍ لبانة
- فإنْ نالها أنحى لأخرى وصمما
طماعة ُ نفسٍ توردُ المرءَ مشرعاً
- منَ البؤسِ لا يعدوهُ أوْ يتحطما
أَرَى كُلَّ حَيٍّ غَافِلاً عَنْ مَصِيرِهِ
- وَلَوْ رَامَ عِرْفَان الحَقِيقة لأنتمي
فَأين الأُلَى شَادُوا، وَبَادوا؟ أَلَم نَكُن
- نحلُّ كما حلوا، وَ نرحلُ مثلما؟
مَضَوْا، وَعَفَتْ آثارُهُمْ غَيْرَ ذُكْرَة ٍ
- تُشِيدُ لَنَا مِنْهُمْ حَدِيثاً مُرَجَّمَا
سلِ الأورقَ الغريدَ في عذباتهِ
- أَنَاحَ عَلَى أَشْجَانِهِ، أَمْ تَرَنَّمَا؟
تَرَجَّحَ فِي مَهْدٍ مِنَ الأَيْكِ، لا يَنِي
- يميلُ عليهِ مائلاً وَمقوا
ينوحُ على َ فقدِ الهديلِ، ولم يكنْ
- رآه، فيا للهِ كيفَ تهكما؟
وَشَتَّانَ مَنْ يَبْكِي عَلَى غَيْرِ عِرْفَة
- جزافاً، وَمن يبكي لعهدٍ تجرما
لَعَمْرِي لَقَدْ غَالَ الرَّدَى مَنْ أُحِبُّهُ
- وَ كانَ بودي أنْ أموتَ وَيسلما
وَأيُّ حياة بعدَ أم فقدتها
- كَمَا يفْقِدُ الْمَرْءُ الزُّلاَلَ عَلَى الظَّمَا
تَوَلَّتْ، فَوَلَّى الصَّبْرُ عَنِّي، وَعَادَنِي
- غرامٌ عليها، شفَّ جسمي، وأسقما
وَلَمْ يَبْقَ إِلّا ذُكْرَة تَبْعَثُ الأَسى
- وَطَيْفٌ يُوَافِيني إِذَا الطَّرْفُ هَوَّمَا
وَكانتْ لعيني قرة وَلمهجتي
- سروراً، فخابَ الطرفُ وَالقلبُ منهما
فَلَوْلاَ اعْتقادِي بِالقضَاءِ وَحُكمِهِ
- لقطعتُ نفسي لهفة وَتندما
فيا خبراً شفَّ الفؤادَ؛ فأوشكتْ
- سويدَاؤهُ أنْ تستحيلَ، فتسجما
إِلَيْكَ؛ فَقَدْ ثَلمتَ عَرشاً مُمنعاً
- وفللتَ صمصاماً، وذللتَ ضيغما
أشادَ بهِ الناعي، وكنتُ محارباً
- فألقيتُ منْ كفى الحسامَ المصمما
وَطَارَتْ بِقَلْبِي لَوْعَة ٌ لَوْ أَطَعْتُهَا
- لأوشَكَ رُكْنُ الْمَجْدِ أَنْ يَتَهَدَّمَا
وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي، لأَنْثَنِي
- عنِ الحربِ محمودَ اللقاءِ مكرما
فَلَمَّا اسْتَرَدَّ الْجُنْدَ صِبْغٌ مِنَ الدُّجَى
- وَعَادَ كِلاَ الجَيشينِ يَرتَادُ مَجثِمَا
صَرَفْتُ عِنَانِي رَاجِعاً، وَمَدَامِعِي
- على الخدَّ يفضحنَ الضميرَ المكتما
فَيَا أُمَّتَا؛ زَالَ الْعَزَاءُ، وَأَقْبَلَتْ
- مَصَائِبُ تَنْهَى القلبَ أَن يَتَلَومَا
وَكُنْتُ أَرَى الصَّبْرَ الْجَمِيلَ مَثُوبَة ً
- فَصِرْتُ أَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَأْثَمَا
وَكيفَ تلذُّ العيشَ نفسٌ تدرعتْ
- منَ الحزنِ ثوباً بالدموعِ منمنما
تألمتُ فقدانَ الأحبة جازعاً
- وَمن شفهُ فقدُ الحبيبِ تألما
وَقدْ كنتُ أخشى أنْ أراكِ سقيمة
- فكيفَ وَقدْ أصبحتِ في التربِ أعظما
بَلَغْتِ مَدَى تِسْعِينَ فِي خَيرِ نِعْمَة
- وَمن صحبَ الأيامَ دهراً تهدما
إِذَا زَادَ عُمْرُ الْمَرْءِ قَلَّ نَصِيبُهُ
- منَ العيش وَ النقصانُ آفة ُ من نما
فيا ليتنا كنا تراباً، ولم نكن خلقنا
- وَلمْ نقدمْ إلى الدهرِ مقدما
أَبَى طَبْعُ هَذَا الدَّهْرِ أَنْ يَتَكَرَّمَا
- وَكَيْفَ يَدِي مَنْ كَانَ بِالْبُخْلِ مغرَمَا
أَصَابَ لَدَينَا غِرة فَأَصَابَنَا
- وَأَبْصَرَ فِينَا ذِلَّة فَتَحَكَّمَا
وَكيفَ يصونُ الدهرُ مهجة َ عاقلٍ
- وَقدْ أهلكَ الحيينِ: عاداً وجرهما
هوَ الأزلمُ الخداعُ ، يحفرُ إنْ رعى
- وَيَغْدِرُ إِنْ أَوْفَى، وَيُصمِي إِذَا رَمَى
فَكَمْ خَانَ عَهْداً، واسْتَبَاحَ أَمَانَة ً
- وَأخلفَ وعداً، واستحل محرما
فإن تكنِ الأيامُ أخنتْ بصرفها
- عَلَيَّ، فَأَيُّ النَّاسِ يَبْقَى مُسَلَّمَا؟
وإني لأدري أنَّ عاقبة الأسى
- وإِن طَال لاَ يُرْوِي غَلِيلاً تَضَرَّمَا
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَرَى الصَّبْرَ سُبَّة
- عَلَيهَا، وَتَرْضَى بِالتَّلَهُّفِ مَغْنَمَا
وَكَيْفَ أَرَانِي نَاسِياً عَهْدَ خُلَّة ٍ
- ألفتُ هواها ناشئاً، ومحكما
وَلَوْلاَ أَلِيمُ الْخَطْبِ لَمْ أَمْرِ مُقْلَة ً
- بِدَمعٍ، وَلَمْ أَفغَرْ بِقافيَة فَمَا
فيا ربة َ القبرِ الكريمِ بما حوى
- وَقَتْكِ الرَّدَى نَفْسِي وَأَيْنَ؟ وَقَلَّمَا
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ فِدْيَة راحِلٍ
- تَخَرَّمَهُ الْمِقْدَارُ فِيمَن تَخَرمَا؟
سقتكِ يدُ الرضوانِ كأسَ كرامة ٍ
- منَ الكوثرِ الفياضِ معسولة اللمى
ولا زال ريحان التحية ناضراً
- عليكِ، وهفاف الرضا متنسما
لِيَبْكِ عَلَيْكِ الْقَلْبُ، لاَ الْعَينُ؛ إِنَّنِي
- أرى القلبَ أوفى بالعهودِ وَ أكرما
فواللهِ لاَ أنساكِ ما ذرَّ شارق
- وَمَا حَن طَيْر بِالأَرَاكِ مُهَيْنِمَا
عَلَيك سَلاَم لاَ لِقاءَة َ بَعدَهُ
- إِلَى الْحَشرِ إِذْ يَلقى الأَخِيرُ الْمُقدمَا
أحنُ إليكِ يا منْ أنتِ مِني
يقول الشاعر:
أحنُ إليكِ يا منْ أنتِ مِني
- وتنزلُ دَمعتي تكوي المآقي
أذوبُ وأبتغي مِنْكِ الوصالَ
- وأرجو لمسة تروي اشتياقي
واحلمُ كلَ ليلٍ أن أراكِ
- وتوقظني تراتيل الفراق
تُرتلُ نسمةُ الليل طقوساً
- فأذكر وجهكِ عندَ العناقِ
يُصاحبني الحنينُ لوجه أُمي
- يلازم مهجتي عند التلاقِ
يخالط طيبها روحي ودمي
- ولو غابت غدا بالقلبِ باقِ
ماذا أسجلُ في أمي وقد رحلت
يقول الشاعر:
ماذا أسجلُ في أمي وقد رحلتْ
- وكيف أشرح آهاتي وأحزاني
ماذا أقول وآمالي تبدّدُها
- عواصف الحزن في صحراء وجداني
أأجعل الدمع يا أمّاهُ يرسمُهُ
- وأعزف الشعر في حزني وسلواني
أم أترك القلب يمضي في توجّعِهِ
- إلى منازلَ ما عادت بأوطاني؟
قولي لمهجة محتار تمزّقهُ
- خناجرُ الحزن في سرّي وإعلاني
قدكنت كالروض يا أماهُ تطربني
- فيهِ العصافير والأفراح تهواني
واليوم ذكراكِ تطويني على وجع
- وتلفح الآهُ أوراقي وأغصاني
تـركـتني هـا هـنا بـين الـعذاب ل عبد الله البردوني
يقول الشاعر عبد الله البردوني :
تـركـتني هـا هـنا بـين الـعذاب
- ومـضت، يا طول حزني واكتئابي
تـركـتني لـلـشقا وحــدي هـنا
- واسـتراحت وحـدها بـين الـتراب
حـيـث لا جــور ولا بـغي ولا
- تـنـبي وتـنـبي بـالـخراب
حــيـث لا سـيـف ولا قـنـبل
- حـيث لا حـرب ولا لـمع حـراب
حـيـث لا قـيـد ولا ســوط ولا
- الـم يـطـغى ومـظلوم يـحابي
خـلّـفتني أذكــر الـصـفو كـما
- يـذكـر الـشـيخ خـيالات الـشباب
ونــأت عـنّـي وشـوقي حـولها
- الماضي و بي – أوّاه – ما بي
ودعـاهـا حـاصـد الـعمر إلـى
- حـيث أدعـوها فـتعيا عـن جوابي
حـيـث أدعـوهـا فــلا يـسمعني
- غـير صـمت الـقبر والقفر اليباب
مـوتـها كــان مـصـابي كـلّـه
- وحـيـاتي بـعدها فـوق مـصابي
أيــن مـنّي ظـلّها الـحاني قـد
- ذهـبـت عـنّي إلـى غـير إيـاب
سـحـبت أيّـامـها الـجرحى عـلى
- لـفـحة الـبيد وأشـواك الـهضاب
ومـضت فـي طـرق الـعمر فـمن
- مـسلك صـعب إلـى دنـيا صـعاب
وانـتهت حـيث انـتهى الـشوط بها
- فـاطـمأنّت تـحت أسـتار الـغياب
آه "يــا أمّـي" وأشـواك الأسـى
- تـلهب الأوجـاع فـي قـلبي المذاب
فـيـك ودّعــت شـبابي والـصبا
- وانـطوت خـلفي حـلاوات التصابي
كـيـف أنـسـاك وذكـراك عـلى
- سـفـر أيّـامي كـتاب فـي كـتاب
إنّ ذكـــراك ورائــي وعـلـى
- وجـهتي حـيث مـجيئي وذهـابي
كــم تـذكّـرت يـديـك وهـمـا
- فـي يـدي أو فـي طعامي وشرابي
كـــان يـضـنيك نـحـولي وإذا
- مـسّـني الـبـرد فـزنـداك ثـيابي
وإذا أبـكـانـي الـجـوع ولــم
- تملكني شـيئا سـوى الـوعد الكذّاب
هـدهـدت كـفـاك رأســي مـثلما
- هـدهـد الـفجر ريـاحين الـرّوابي
كــم هـدتـني يـدم الـسمرا إلـى
- حقلنا في ( الغول ) في ( قاع الرحاب )
وإلــى الـوادي إلـى الـظلّ إلـى
- حـيث يـلقي الـروض أنفاس الملاب
وسـواقـي الـنـهر تـلقي لـحنها
- ذائـبا كـاللطف فـي حـلو الـعتاب
كـــم تـمـنّينا وكــم دلّـلـتني
- تـحت صمت اللّيل والشهب الخوابي
كــم بـكـت عـيـناك لـمّا رأتـا
- بـصري يـطفا ويطوي في الحجاب
وتـذكّـرت مـصـيري والـجوى
- بـين جـنبيك جـراح فـي الـتهاب
هــا أنــا يـا أمّـي الـيوم فـتى
- طـائـر الـصـيت بـعيد الـشهاب
أمــلأ الـتـاريخ لـحـنا وصـدى
- وتـغـني فـي ربـا الـخلد ربـابي
فـاسمعي يـا أمّ صـوتي وارقـصي
- مـن وراء الـقبر كـالحورا الـكعاب
هــا أنــا يـا أمّ أرثـيك وفـي
- شـجو هـذا الشعر شجوي و نتحابي
في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أجِدُ للجواهري
يقول الشاعر محمد مهدي الجواهري:
في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أجِدُ
- أهذه صَخرةٌ أمْ هذِه كبِدُ
قدْ يقتُلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُدوا
- عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِدوا
تَجري على رِسْلِها الدُنيا ويتبَعُها
- رأيٌ بتعليلِ مَجراها ومُعتقَد
أعيا الفلاسفةَ الأحرارَ جهلُهمُ
- ماذا يخِّبي لهمْ في دَفَّتيهِ غد
طالَ التَمحْلُ واعتاصتْ حُلولُهم
- ولا تزالُ على ما كانتِ العُقَد
ليتَ الحياةَ وليت الموتَ مرَحمَةٌ
- فلا الشبابُ ابنُ عشرينٍ ولا لبَد
ولا الفتاةُ بريعانِ الصِبا قُصفَتْ
- ولا العجوزُ على الكّفينِ تَعتمِد
وليتَ أنَّ النسورَ استُنزفَتْ نَصفاً
- أعمارُهنَّ ولم يُخصصْ بها أحد
حُييَّتِ » أُمَّ فُراتٍ » إنَّ والدة
- بمثلِ ما انجبَتْ تُكنى بما تَلِد
تحيَّةً لم أجِدْ من بثِّ لاعِجِها
- بُدّاً ، وإنْ قامَ سدّاً بيننا اللَحد
بالرُوح رُدِّي عليها إنّها صِلةٌ
- بينَ المحِبينَ ماذا ينفعُ الجَسد
عزَّتْ دموعيَ لو لمْ تَبعثي شَجَناً
- رَجعت مِنه لحرِّ الدمع أبترِد
خَلعتُ ثوبَ اصطِبارٍ كانَ يَستُرنُي
- وبانَ كِذبُ ادِعائي أنَّني جَلِد
بكَيتُ حتَّى بكا من ليسَ يعرِفُني
- ونُحتُ حتَّى حكاني طائرٌ غَرِد
كما تَفجَّرَ عَيناً ثرَّةً حجَرٌ
- قاسٍ تفَجَّرَ دمعاً قلبيَ الصَلد
إنّا إلى اللهِ ! قولٌ يَستريحُ بهِ
- ويَستوي فيهِ مَن دانوا ومَن جَحدوا
مُدَّي إليَّ يَداً تُمْدَدْ إليكِ يدُ
- لابُدَّ في العيشِ أو في الموتِ نتَّحِد
كُنَّا كشِقَّينِ وافي واحداً قدَرٌ
- وأمرُ ثانيهما مِن أمرِهِ صَدَد
ناجيتُ قَبرَكِ استوحي غياهِبَهُ
- عن ْحالِ ضيفٍ عليهُ مُعجَلا يفد
وردَّدَتْ قفرةٌ في القلبِ قاحِلةٌ
- صَدى الذي يَبتغي وِرْداً فلا يجِد
ولَفَّني شَبَحٌ ما كانَ أشبَههُ
- بجَعْدِ شَعركِ حولَ الوجهِ يَنعْقد
ألقيتُ رأسيَ في طيَّاتِه فَزِعاً
- نظير صُنْعِيَ إذ آسى وأُفتأد
أيّامَ إنْ صناقَ صَدري أستريحُ إلى
- صَدرٍ هو الدهرُ ما وفى وما يَعِد
لا يُوحشِ اللهُ رَبعاً تَنزِلينَ بهِ
- أظُنُ قبرَكِ رَوضاً نورُه يَقِد
وأنَّ رَوْحكِ رُحٌ تأنَسِينَ بها
- إذا تململَ مَيْتٌ رُوْحُهُ نَكَد
كُنَّا كنبَتةِ رَيحانٍ تخطَّمَها
- صِرٌّ. فأوراقُها مَنزوعَةٌ بَددَ
غَّطى جناحاكِ أطفالي فكُنتِ لهُمْ
- ثغراً إذا استيقَظوا، عِيناً اذا رقَدوا
شّتى حقوقٍ لها ضاقَ الوفاءُ بها
- فهلْ يكونُ وَفاءً أنني كمِد
لم يَلْقَ في قلبِها غِلٌّ ولا دَنَسٌ
- لهُ محلاً، ولا خُبْثٌ ولا حَسد
ولم تكُنْ ضرةً غَيرَى لجِارَتِها
- تُلوى لخِيرٍ يُواتيها وتُضْطَهد
ولا تَذِلُّ لخطبٍ حُمَّ نازِلُهُ
- ولا يُصَعِّرُ مِنها المالُ والولد
قالوا أتى البرقُ عَجلاناً فقلتُ لهمْ
- واللهِ لو كانَ خيرٌ أبطأتْ بُرُد
ضاقَتْ مرابِعُ لُبنانٍ بما رَحُبَتْ
- عليَّ والتفَّتِ الآكامُ والنُجُد
تلكَ التي رقَصَتْ للعينِ بَهْجَتُها
- أيامَ كُنَّا وكانتْ عِيشةٌ رَغَد
سوداءُ تنفُخُ عن ذِكرى تُحرِّقُني
- حتّى كأني على رَيعانِها حَرِد
واللهِ لم يحلُ لي مغدىً ومُنْتَقَلٌ
- لما نُعيت، ولا شخصٌ، ولا بَلَد
أينَ المَفَرُّ وما فيها يُطاردُني
- و الذِكرياتُ ، طرُّيا عُودُها، جُدُد
أألظلالُ التي كانتْ تُفَيِّئُنا
- أم الِهضابُ أم الماء الذي نَرِد؟
أم أنتِ ماثِلةٌ ؟ مِن ثَمَّ مُطَّرَحٌ
- لنا ومنْ ثَمَّ مُرتاحٌ ومُتَّسَد
سُرعانَ ما حالتِ الرؤيا وما اختلفَتْ
- رُؤىً ، ولا طالَ – إلا ساعةٍ – أمَد
مررتُ بالحَورِ والأعراسُ تملؤهُ
- وعُدتُ وهو كمثوى الجانِ يَرْتَعِد
مُنىً – وأتعِسْ بها – أنْ لا يكونَ على
- توديعها وهيَ في تابُوتها رَصَد
لعلَّني قارئٌ في حُرِّ صَفْحَتِها
- أيَّ العواطِفِ والأهواءِ تَحْتَشِد؟
وسامِعٌ لفظةً مِنها تُقَرِّظُني
- أمْ أنَّها – ومعاذَ اللهِ – تَنْتَقِد
ولاقِطٌ نظرةً عَجلى يكونُ بها
- ليْ في الحياةِ وما ألقى بِها، سَند