شعر إيليا أبو ماضي
إيليا أبو ماضي
يعدّ إيليا أبو ماضي شاعراً عربيّاً لبنانيّاً ، وهو من أهمّ شعراء المهجر، عُرف بشعره الجميل وبمعانيه الرّائعة الّتي تدخل القلوب، وسنذكر لكم في هذا المقال بعض أجمل قصائده.
فلسفة الحياة
أيّهذا الشّاكي وما بك داء
- كيف تغدو إذا غدوت عليلاً
إنّ شرّ الجناة في الأرض نفس
- تتوقّى قبل الرّحيل الرّحيلا
وترى الشّوك في الورود وتعمى
- أن ترى فوقها النّدى إكليلا
هو عبءٌ على الحياة ثقيل
- من يظنّ الحياة عبئاً ثقيلا
والّذي نفسه بغير جمال
- لا يرى في الحياة شيئاً جميلا
فتمتّع بالصّبح ما دمت فيه
- لا تخف أن يزول حتّى يزولا
أيّهذا الشاكي وما بك داء
- كن جميلا ترى الوجود جميلاً.
التينة الحمقاء
وتينةٌ غضّة الأفنان باسقةٌ
- قالت لأترابها والصّيف يحتضر
بئس القضاء الّذي في الأرض أوجدني
- عندي الجمال وغيري عنده النّظر
لأحبسنّ على نفسي عوارفها
- فلا يبيّن لها في غيرها أثر
لذي الجناح وذي الأظفار بي وطر
- وليس في العيش لي فيما أرى وطر
إنّي مفصّلة ظلّي على جسدي
- فلا يكون به طول ولا قصر
ولست مثمرةً إلّا على ثقة
- إن ليس يطرقني طيرٌ ولا بشر
عاد الرّبيع إلى الدّنيا بموكبه
- فازيّنت واكتست بالسندس الشجر
وظلّت التينة الحمقاء عاريةً
- كأنّها وتدٌ في الأرض أو حجر
ولم يطق صاحب البستان رؤيتها
- فاجتثّها، فهوت في النّار تستعر
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به
- فإنّه أحمقٌ بالحرص ينتحر.
العيون السود
ليت الذي خلق العيون السودا
- خلق القلوب الخافقات حديدا
لولا نواعسها ولولا سحرها
- ما ودّ مالكٌ قلبه لو صيدا
عَوذْ فؤادك من نبال لحاظها
- أو متْ كما شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهم
- كنت امرءاً خشن الطباع ، بليدا
وإذا طلبت مع الصّبابة لذةً
- فلقد طلبت الضّائع الموجودا
يا ويح قلبي إنّه في جانبي
- وأظنّه نائي المزار بعيدا
مستوفزٌ شوقاً إلى أحبابه
- المرء يكره أن يعيش وحيدا
برأ الإله له الضّلوع وقايةً
- وأرته شقوته الضّلوع قيودا
فإذا هفا برق المنى وهفا له
- هاجت دفائنه عليه رعودا
جشَّمتُهُ صبراً فلما لم يطقْ
- جشمته التّصويب والتّصعيدا
لو أستطيع وقيته بطش الهوى
- ولو استطاع سلا الهوى محمودا
هي نظرة عَرَضت فصارت في الحشا
- ناراً وصار لها الفؤاد وقودا
والحبٌ صوتٌ، فهو أنّة نائحٍ
- طوراً وآونة يكون نشيدا
يهب البواغم ألسناً صداحة
- فإذا تجنّى أسكت الغريدا
ما لي أكلّف مهجتي كتم الأسى
- إن طال عهد الجرح صار صديدا
ويلذُّ نفسي أن تكون شقيّةً
- ويلذّ قلبي أن يكون عميدا
إن كنت تدري ما الغرام فداوني
- أو، لا فخلّ العذل والتّفنيدا.