شعر أبو العتاهية عن الصبر
قصيدة الحمد لله على ما نرى
قال أبو العتاهية :
الحَمدُ لِلَّهِ عَلى ما نَرى
- كُلُّ مَنِ احتيجَ إِلَيهِ زَها
يا أَيُّها المُبتَكِرُ الرائِحُ الـ
- ـمُشتَغِلُ القَلبِ الطَويلُ العَنا
نِعمَ الفِراشُ الأَرضُ فَاقنَع بِهِ
- وَكُن عَنِ الشَرِّ قَصيرَ الخُطا
ما أَكرَمَ الصَبرَ وَما أَحسَنَ الـ
- ـصِدقَ وَما أَزيَنَهُ بِالفَتى
الخُرقُ شُؤمٌ وَالتُقى جُنَّةٌ
- وَالرِفقُ يُمنٌ وَالقُنوعُ الغِنى
نافِس إِذا نافَستَ في حِكمَةٍ
- آخِ إِذا آخَيتَ أَهلُ التُقى
ما خَيرُ مَن لا يرتجى نَفعُهُ
- يَوماً وَلا يُؤمَنُ مِنهُ الأَذى
وَاللَهُ لِلناسِ بِأَعمالِهِم
- وَكُلُّ ناوٍ فَلَهُ ما نَوى
وَطالِبَ الدُنيا المُسامي بِها
- في فاقَةٍ لَيسَ لَها مُنتَهى
قصيدة فقصر ما ترى بالصبر حقا
وقال أبو العتاهية:
فَقَصِّر ما تَرى بِالصَبرِ حَقّاً
- فَكُلٌّ إِن صَبَرتَ لَهُ مُزيلُ
قصيدة أسيدتي هاتي فديتك ما جرمي
وقال أبو العتاهية:
أَسَيِّدَتي هاتي فَدَيتُكِ ما جُرمي
- فَأَنزِلَ فيما تَشتَهينَ مِنَ الحُكمِ
تَلاعَبتِ بي يا عُتبُ ثُمَّ حَمَلتِني
- عَلى مَركَبٍ بَينَ المَنِيَّةِ وَالسُقمِ
خَليلَيَّ ما لي لا تَزالُ مَضَرَّتي
- تَكونُ عَلى الأَقدارِ حَتماً مِنَ الحَتمِ
يُصابُ فُؤادي حينَ أُرمى وَرَميَتي
- تَعودُ إِلى نَحري وَيَسلَمُ مَن أَرمي
صَبَرتُ وَلا وَاللَهِ ما بي جَلادَةٌ
- عَلى الصَبرِ لَكِن قَد صَبَرتُ عَلى رَغمي
أَلا في سَبيلِ اللَهِ جِسمي وَقُوَّتي
- أَلا مُسعِدٌ حَتّى أَنوحَ عَلى جِسمي
تُعَدُّ عِظامي واحِداً بَعدَ واحِدٍ
- بِمَنحى مِنَ العُذّالِ عَظماً عَلى عَظمِ
كَفاكِ بِحَقِّ اللَهِ ما قَد ظَلَمتِني
- فَهَذا مَقامُ المُستَجيرِ مِنَ الظُلمِ
قصيدة سأصبر جهدي لما أسمع
وقال أبو العتاهية:
سَأَصبِرُ جُهدي لِما أَسمَعُ
- فَإِن عيلَ صَبري فَما أَصنَعُ
قصيدة اذكر معادك أفضل الذكر
وقال أبو العتاهية:
اذكُر مَعادَكَ أَفضَلَ الذِكرِ
- لا تَنسَ يَومَ صَبيحَةِ الحَشرِ
يَومَ الكَرامَةِ لِلأُلى صَبَروا
- وَالخَيرُ عِندَ عَواقِبِ الصَبرِ
في كُلِّ ما تَلتَذُّ أَنفُسُهُم
- أَنهارُهُم مِن تَحتِهِم تَجري
أَأُخَيَّ ما الدُنيا بِواسِعَةٍ
- لِمُنىً تَلَجلَجُ مِنكَ في الصَدرِ
تَرتاحُ مِن عِبَرٍ إِلى سِعَةٍ
- وَتَفِرُّ مِن فَقرٍ إِلى فَقرِ
وَطَفِقتُ كَالظَمآنِ مُلتَمِساً
- لِلآلِ في الدَيمومَةِ القَفرِ
تَبغي الخَلاصَ بِغَيرِ مَأخَذِهِ
- لِتَنالَ رَوحَ اليُسرِ بِالعُسرِ
أَكثَرتَ في طَلَبِ الغِنى لَعِباً
- وَغِناكَ أَن تَرضى عَنِ الدَهرِ
وَالخَيرُ مالٍ أَنتَ كاسِبُهُ
- ما كانَ عِندَ اللَهِ مِن ذُخرِ
قصيدة لا يأمن الدهر إلا الخائن البطر
وقال أبو العتاهية:
لا يَأمَنُ الدَهرُ إِلّا الخائِنُ البَطِرُ
- مَن لَيسَ يَعقِلُ ما يَأتي وَما يَذَرُ
ما يَجهَلُ الرُشدُ مَن خافَ الإِلَهَ وَمَن
- أَمسى وَهِمَّتُهُ في دينِهِ الفِكَرُ
فيما مَضى فِكرَةٌ فيها لِصاحِبِها
- إِن كانَ ذا بَصَرٍ بِالرَأيِ مُعتَبَرُ
أَينَ القُرونُ وَأَينَ المُبتَنونَ لَنا
- هَذي المَدائِنَ فيها الماءَ وَالشَجَرُ
وَأَينَ كِسرى أَنوشِروانُ مالَ بِهِ
- صَرفُ الزَمانِ وَأَفنى مُلكَهُ الغِيَرُ
بَل أَينَ أَهلُ التُقى بَعدَ النَبِيِّ وَمَن
- جاءَت بِفَضلِهِمُ الآياتُ وَالسُوَرُ
أُعدُد أَبا بَكرٍ الصِدّيقَ أَوَّلَهُم
- وَنادِ مِن بَعدِهِ في الفَضلِ يا عُمَرُ
وَعُدَّ مِن بَعدِ عُثمانٍ أَبا حَسَنٍ
- فَإِنَّ فَضلَهُما يُروى وَيُدَّكَرُ
لَم يَبقَ أَهلُ التُقى فيها لِبِرِّهِمُ
- وَلا الجَبابِرَةُ الأَملاكُ ما عَمَروا
فَاِعمِل لِنَفسِكَ وَاِحذَر أَن تُوَرِّطَها
- في هُوَّةٍ ما لَها وِردٌ وَلا صَدَرُ
ما يَحذَرُ اللَهَ إِلّا الراشِدونَ وَقَد
- يُنجي الرَشيدَ مِنَ المَحذورَةِ الحَذَرُ
وَالصَبرُ يُعقِبُ رِضواناً وَمَغفِرَةً
- مَعَ النَجاحِ وَخَيرُ الصُحبَةِ الصُبرُ
الناسُ في هَذِهِ الدُنيا عَلى سَفَرٍ
- وَعَن قَريبٍ بِهِم ما يَنقَضي السَفَرُ
فَمِنهُمُ قانِعٌ راضٍ بِعيشَتِهِ
- وَمِنهُمُ موسِرٌ وَالقَلبُ مُفتَقَرُ
ما يُشبِعُ النَفسَ إِن لَم تُمسِ قانِعَةً
- شَيءٌ وَلَو كَثُرَت في مُلكِها البِدَرُ
وَالنَفسُ تَشبَعُ أَحياناً فَيُرجِعُها
- نَحوَ المَجاعَةِ حُبُّ العَيشِ وَالبَطَرُ
وَالمَرءُ ما عاشَ في الدُنيا لَهُ أَثَرٌ
- فَما يَموتُ وَفي الدُنيا لَهُ أَثَرُ