شروط الزواج
شروط الزواج في الإسلام
الشرط في الزواج هو الشيء الذي لا بدّ أن يكون موجوداً حتى يصحّ عقد الزواج، وإلا كان العقد باطلاً، وقد فصّل الفقهاء وأهل العلم في شروط الزواج تفصيلاً كبيراً في كتبهم، بل قد يتفرّع من الشرط ذاته شروطٌ عديدة له، لِذا نذكر هنا أبرز الشروط وأهمّها فيما يأتي:
رضا الزوجين
يُشترط لصحّة الزواج أن يكون الرجل والمرأة راضيان عن هذا الزواج، فلا يجوز إجبار الرجل بزواج مَن لا يريدها، ولا إجبار المرأة كذلك على مَن لا تُريد، وقد نهى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن تزويج المرأة بغير رضاها، وإذا امتنعت عن زواج رجلٍ معيَّنٍ فلا يجوز إجبارها، وممّا يدلّ على ذلك:
- قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً).
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُنْكَحُ الأيِّمُ حتَّى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البِكْرُ حتَّى تُسْتَأْذَنَ قالوا: كيفَ إذْنُها؟ قالَ: أنْ تَسْكُتَ).
الولي
إنّ ولاية المرأة لنفسها في الزواج أمرٌ مستنكرٌ فطرةً وذوقاً، لذلك اشترط الشرع أن يكون عقد الزواج بواسطة وليّ المرأة ، وهو أبوها أو أخوها أو الأقرب فالأقرب، ويدلّ على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا نِكاح إلّا بوليّ)، وقوله: (أيُّما امرأةٍ نكَحَت بغيرِ إذنِ وَلِيِّها فنكاحُها باطِلٌ، باطِلٌ، باطِلٌ)، وقد قال ابن المنذر -رحمه الله- عن اشتراط الولي في الزواج: "إنه لا يعلم مخالفاً من الصحابة له".
الشاهدان
نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الزواج دون شاهدي عدل فقال: (لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ وشاهدَيْ عَدلٍ)، وهذا النّهي يدلّ على فساد العقد، وقد قال الترمذي -رحمه الله-: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم التابعين، حيث قالوا: لا نكاح إلا بشهود"، ويُشترط في الشاهديْن في عقد الزواج أن يكونا رجليْن، مسلميْن، بالغيْن، عاقليْن، حُرّيْن، عدليْن.
المهر
يُشترط لصحة عقد الزواج في الإسلام وجود مهرٍ يبذله الرجل للمرأة، وهو ملكٌ لها تفعل به ما شاءت، ويدلّ على ذلك قول الله -تبارك وتعالى-: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا)، وقوله -تعالى-: "وَآَتُوا" يعني الوجوب، وجاء في السنّة النبوية ما يدلّ على ذلك أيضاً.
الإحصان والكفاءة
يُقصد بشرط الإحصان أن يكون كلا الزوجين خاليين من موانع النّكاح، فلا يكون فيهما أو بأحدهما ما يمنع من الإحصان أو التزويج؛ مثل التحريم بسبب النسب ، أو التحريم لسببٍ كالرّضاع، ومثل اختلاف الدين بينهما، كأن يكون أحدهما مسلماً والآخر وثنيّ، ويُستثنى من ذلك زواج المسلم من الكتابية إذا كانت عفيفة.
أما في الكفاءة فقد جعل الشرع أموراً أساسيّة يجب أن تكون موجودة ليصحّ الزواج، وهناك أمور أهدرها ولم يعتبرها؛ كاللون، والمال، والقبيلة، والحالة الاجتماعية، لأنّ مثل ذلك لا يخدش بالزواج، وهناك أمور أرشد إليها وحسّنها في اختيار الزوجين، وبما أنّنا نتحدّث هنا عن الشروط فقد جعل الشرع الاتفاق في الحرية والدين -باستثناء ما ذُكر سابقاً- من الكفاءة التي لا بدّ من وجودها حتى يصح النكاح.
الإيجاب والقبول
لَمّا كان رضا الزوج والزوجة ابتداءً شرطاً من شروط صحة الزواج كان لا بدّ من التعبير الذي يدلّ على رضاهما بذلك، وما يصدر أولاً من أحد العاقديْن في طلب إنشاء الرابطة الزوجية يُسمّى بالإيجاب، ثمّ ما يصدر عن الطرف الآخر من العبارات الدالة على الرضا وعدم الإعراض يُسمّى قبولاً.
الحكمة من شروط الزواج في الإسلام
الإسلام دينٌ يحفظ لكلٍّ مرءٍ حقّه، ويُراعي مصلحته دون أن يظلمه، والشروط نوعٌ من الحقوق التي أمر الله -تعالى- بالوفاء والالتزام بها، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، وهذه الشروط تضمن لكلّ طرفٍ أن لا يكون مهدور الحقّ، وتضمن للمرأة كذلك أن تكون مُصانةً ومُكرَّمةً في بيت زوجها، ولذلك عظّم الإسلام هذه الشروط وجعلها أساساً يقوم عليها الزواج، وأمر بالوفاء بها وأداء حقّها.