شروط استجابة الدعاء
الدعاء
الدّعاء من أجلّ العبادات وأصدقها فهو دليل على ذل العبد وافتقاره إلى الله تعالى وحده، وقد قال النّبي -عليه الصلاة والسلام-: (الدُّعاءُ هوَ العبادةُ قَالَ رَبُّكُمُ ادعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، وفي الدعاء فوائد عديدة دلّت عليها نصوص شرعيّة من الكتاب والسنّة، ففي الدعاء دفع ل غضب الله تعالى ودفع للبلايا واستجلابٌ للنّعم إلى غير ذلك من فوائد لا يسعنا ذكرها.
شروط استجابة الدعاء
إنّ لقبول الدّعاء شروطاً ينبغي توافرها، آتيًا بيان تلخيصها:
دعاء الله وحده بإخلاص ويقين
فالدّعاء عبادة وينبغي للمسلم أن لا يدعو غير الله تعالى لقضاء حاجته، لقول الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، ولقول النّبي -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربّه -عز وجل-: (قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: أنا أغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أشْرَكَ فيه مَعِي غيرِي، تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ).
عدم الدّعاء بالإثم أو بقطيعة رحم
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما مِنْ رجلٍ يدعو اللهَ بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِمٍ إلا أعطاه بها إحدى ثلاثِ خِصالٍ: إمَّا أن يُعَجِّلَ له دعوتَه، أو يَدَّخِرَ له مِنَ الخيرِ مِثْلِها، أو يَصرِفَ عنه مِنَ الشرِّ مِثْلِها، قالوا يا رسولَ اللهِ، إذًا نُكْثِرُ، قال: اللهُ أكثرُ)، وذلك لعِظَم إثم قطيعة الرحم وفي ذلك اعتداء بالدّعاء إلى المنهي عنه ولما يؤدي إلى التباغض والعداوة.
حضور القلب واليقين
يعد حضور القلب عند الدّعاء واليقين بإجابته من الأمور المهمة التي تدلّ على إخلاص العبد وشعوره بقرب ربّه وإجابته لدعائه؛ فينبغي على العبد أن يدعو ربّه دعاء المضطر ولا يدعوه دعاء المستغني.
أن يكون متجنبًا لأكل الحرام
إذ إنّ أكل المال الحرام يعد حائلًا عن الإجابة، ودليل ذلك قول النّبي -عليه الصلاة والسلام-:(ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟!)، فإنّ النّبي عليه السلام رجّح عدم استجابة دعاء هذا الرّجل مع تحقق أسباب الإجابة من رفع اليدين، والدّعاء باسم الله "يا رب"، وكونه مسافراً ومن المعلوم أنّ للمسافر دعوةً مجابة على الغالب، ومع هذا كلّه كان أكله للحرام سببًا لامتناع إجابة دعائه.
ألّا يعجّل الإجابة
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبي -عليه الصلاة والسلام- قال:(يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي)، حيث إنّه من أحد أسباب عدم إجابة الدّعاء أن يستبطئ الدّاعي الإجابة فيتحسّر ويتركه بل على العكس فإنّ الله تعالى يحبّ العبد اللحوح وعلى العبد إن يُلحّ على الله في الدّعاء حتى يُستجاب له إن كان فيه خير له.