شرح وتفسير سورة الضحى المُبسط
شرح آيات سورة الضحى
تعدّ سورة الضحى إحدى السور المكية، وتبلغ عدد آياتها إحدى عشر، وقد تحثت عن مواضيع أربعة وهي: أنّ الله -تعالى- لم يترك ويتخلّى عن رسول الله، ووعد الله -تعالى- بأنّ حال رسول الله القادم سيكون أفضل من الماضي، وتذكير رسول الله بنعم الله عليه، والطلب من رسول الله أنّ يشكر الله على نعمه، وفيما يأتي شرحاً مبسطاً لآيات سورة الضحى.
الآية الأولى (وَالضُّحَى)
يُقصد بلفظ (الضُّحَى)؛ هو وقت ظهور ضوء الشمس في أول النهار، وقد أقسم الله -تعالى- بهذا الوقت عندما انقطع وحيه عن رسول الله بغية تقوية نفسه -صلّى الله عليه وسلّم- على ملاقاة جبريل -عليه السلام- فأقسم -تعالى- على أنّه ما ترك وتخلّى عن رسوله كرهاً وغضباً.
الآية الثانية (وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)
يُقصد بلفظ (سَجَى)؛ أي سكن وحلّ ظلامه، فيُقسم الله -تعالى- أيضاً بالليل وظلمته على أنّه ما ترك وتخلّى عن رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- وقت انقطاع الوحي عنه.
الآية الثالثة (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)
يُقصد بلفظ (مَا وَدَّعَكَ)؛ أي ما تركك، وأمّا لفظ (وَمَا قَلَى)؛ أي ما أبغضك، وهذه الآية جواب قسم الله -تعالى- بالضحى والليل بأنّه -سبحانه- منذ أن اختار محمداً رسولاً له ونبياً ما تركه وتخلّى عنه، ومنذ أن أحبّه واصطفاه ما كرهه وأبغضه.
الآية الرابعة (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى)
يُبشر الله -تعالى- رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- ويعده بأنّ ما سيكون له في الدار الآخرة من مقام محمود، والحوض المورود خير له من كل ما في الأولى وهي الدنيا.
الآية الخامسة (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)
يُبشر الله -تعالى- رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّه سيعطيه من الخير الكثير والعطاء الجامع الذي من شأنه أن يرضيه، ومن ذلك ما أعدّ له من الكرامة، والخير لأمته والفوز بالجنة والسعادة في الآخرة.
الآية السادسة (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ)
يُقصد بلفظ (يَتِيمًا) ؛أي لا أب له يقوم على تنشئته وتربيته وتلبية احتياجاته، فيبدأ الله -تعالى- بذكر الدلائل التي تُشير إلى إكرامه -سبحانه- وإحسانه لرسوله -صلّى الله عليه وسلّم- ومن ذلك أنّه قد يسّر له من يقوم على رعايته والإعتناء به بعد أن كان والده قد توفي وهو ما زال في بطن أمّه، ثمّ توفيت أمّه آمنة وهو ما زال في عمر الست سنين، فقد تكفّل به جدّه عبد المطلب حتى مات عنه، ثمّ تكفّل به عمّه أبو طالب الذي ما توانى بنصره والذبّ عنه حتى أصبح -صلّى الله عليه وسلّم- في عمر الأربعين فتوفي عنه.
الآية السابعة (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ)
يستمر الله -تعالى- بعرض دلائل إكرامه لرسوله -صلّى الله عليه وسلّم- ومن ذلك أنّ رسول الله كان حائراً في شأن المعتقدات الني كانت من حوله، وباحثاً عن طريق الحق، حتى منّ الله -تعالى- عليه بأن هداه إلى الحق ومنهجه.
الآية الثامنة (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى)
يُقصد بلفظ (عَائِلًا)؛ أي فقيراً لا يملك المال، فيُذكّر الله -تعالى- رسوله بأنّه كان فقيراً لا مال له حتى منّ -سبحانه- عليه وأعطاه من رزقه الواسع.
الآية التاسعة (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)
يُقصد بلفظ (فَلَا تَقْهَرْ)؛ أي لا تَحقر من شأن اليتيم، يدعو الله -تعالى- نبيّه إلى إكرام اليتيم والإحسان إليه كما أكرمه الله -تعالى- وأحسن إليه في يتمه -صلّى الله عليه وسلّم-.
الآية العاشرة (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ)
يُقصد بلفظ (فَلَا تَنْهَرْ)؛ أي لا تزجر بالكلام فينفر، يدعو الله -تعالى- نبيّه ألّا يزجر من جاء إليه سائلا فينفر منه ويبتعد عنه، ويدخل في معنى السائل من يسأل عن أحكام الشريعة والعلم، والمحتاج الفقير الذي يطلب المال.
الآية الحادية عشر (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)
تقابل هذه الآية قول الله -تعالى-: (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى)؛ حيث يدعو الله -تعالى- نبيّه إلى الحديث عن نعمة الإغناء التي منّ بها عليه، ويحثه على شكر هذه النعمة؛ لكن لا يتوقف الشكر على نعمة الإغناء فحسب، بل شكره -تعالى- على سائر نعمه.
أقسم الله -تعالى- بوقت الضحى وظلمة الليل بأنّه ما ترك وتخلى عن رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-، كما ووعده بأنّ ما سيكون له في الآخرة من خير ومقام محمود خير له من الدنيا وما فيها، وأخذ الله -تعالى- بذكر نعمه العديدة على رسوله بأن آواه عندما كان يتيما، وهداه بعد أن كان لا يعرف طريق الحق، وأغناه بعد أن كان فقيرا، ثمّ دعا الله -تعالى- رسوله إلى شكره على نعمه.
أثر سورة الضحى في حياة الفرد المسلم
يكمن أثر سورة الضحى في حياة الفرد المسلم في عدة أمور منها ما يأتي:
- اليقين بأنّ فرج الله -تعالى- قادم وإن طال وتأخر.
- إكرام اليتامى والإحسان إليهم ومعاملتهم معاملة حسنة.
- شكر الله -تعالى- على سائر نعمه الدينية؛ كالهداية للإسلام، والدنيوية؛ كالرزق والمال.
- الله لا يترك عباده الصالحين ولا يُبغضهم.
تعزز سورة الضحى العديد من القيم والأخلاق في نفس المؤمن لا سيما الإحسان إلى اليتامى والفقراء، والحديث عن نعم الله -تعالى- وشكرها.