شرح منظومة الألبيري في الأدب
شرح منظومة الألبيري في الأدب
فيما يأتي شرح منظومة الألبيري في الأدب على شكل مقاطع:
المقطع الأول
قال الشاعر أبو إسحاق الإلبيري:
تَفُتُّ فُؤادَكَ الأَيّامُ فَتّا
- وَتَنحِتُ جِسمَكَ الساعاتُ نَحتا
وَتَدعوكَ المَنونُ دُعاءَ صِدقٍ
- أَلا يا صاحِ أَنتَ أُريدُ أَنتا
أَراكَ تُحِبُّ عِرساً ذاتَ غَدرٍ
- أَبَتَّ طَلاقَها الأَكياسُ بَتّا
يبدأ الشاعر في قصيدته بعضًا من الحكم والمواعظ حيث يُذكر النّاس بالموت وأنّ تتالي الأيام تعني اقتراب الأجل وهذه الدنيا التي تحبها قد ابتعد عنها العقلاء حتى كأنّهم طلقوها.
المقطع الثاني
تَنامُ الدَهرَ وَيحَكَ في غَطيطٍ
- بِها حَتّى إِذا مِتَّ اِنتَبَهنا
فَكَم ذا أَنتَ مَخدوعٌ وَحَتّى
- مَتى لا تَرعَوي عَنها وَحَتّى
أَبا بَكرٍ دَعَوتُكَ لَو أَجَبتا
- إِلى ما فيهِ حَظُّكَ إِن عَقَلتا
يُشير الشاعر في هذه الأبيات إلى أهمية اغتنام الوقت والابتعاد عن مسليات الحياة الدنيا، وأن لا بدّ للإنسان من أن ينتبه إلى وقته فيما يمضيه، وأبو بكر هنا شخصية وهمية اخترعها للحوار.
المقطع الثالث
إِلى عِلمٍ تَكونُ بِهِ إِماماً
- مُطاعاً إِن نَهَيتَ وَإِن أَمَرتا
وَتَجلو ما بِعَينِكَ مِن عَشاها
- وَتَهديكَ السَبيلَ إِذا ضَلَلتا
وَتَحمِلُ مِنهُ في ناديكَ تاجاً
- وَيَكسوكَ الجَمالَ إِذا اِغتَرَبتا
يَنالُكَ نَفعُهُ ما دُمتَ حَيّاً
- وَيَبقى ذُخرُهُ لَكَ إِن ذَهَبتا
يدعو الشاعر تلك الشخصية وهو في ذلك يدعو كافة الناس إلى طلب العلم والالتحاق بمجالس العلماء والابتعاد عن اللذات، فالعمل والعلم هما الشيئان الوحيدان اللذان يبقيان مع الإنسان بعد موته.
المقطع الرابع
هُوَ العَضبُ المُهَنَّدُ لَيسَ يَنبو
- تُصيبُ بِهِ مَقاتِلَ ضَرَبتا
وَكَنزاً لا تَخافُ عَلَيهِ لِصّاً
- خَفيفَ الحَملِ يوجَدُ حَيثُ كُنتا
يَزيدُ بِكَثرَةِ الإِنفاقِ مِنهُ
- وَينقُصُ أَن بِهِ كَفّاً شَدَدتا
فَلَو قَد ذُقتَ مِن حَلواهُ طَعماً
- لَآثَرتَ التَعَلُّمَ وَاِجتَهَدتا
أي أنّ العلم هو بمثابة السيف القوي الذي يُقاتل الإنسان فيه، وكذلك هو الكنز الذي لا يطمع به سارق، وكلما زاد الإنسان في الإنفاق منه كلما غزر وربا ذلك الكنز.
المقطع الخامس
وَلَم يَشغَلَكَ عَنهُ هَوى مُطاعٌ
- وَلا دُنيا بِزُخرُفِها فُتِنتا
وَلا أَلهاكَ عَنهُ أَنيقُ رَوضٍ
- وَلا خِدرٌ بِرَبرَبِهِ كَلِفتا
فَقوتُ الروحِ أَرواحُ المَعاني
- وَلَيسَ بِأَن طَعِمتَ وَأِن شَرِبتا
فَواظِبهُ وَخُذ بِالجِدِّ فيهِ
- فَإِن أَعطاكَهُ اللَهُ أَخَذتا
أي أنّ هذا الكنز الذي يسعى إليه الإنسان هو الذي يريح روحه ويوصله إلى ما يريد من النعيم، وهو المتعة الحقيقية بخلاف مجموعة الزخارف التي يطمع بها الإنسان، ولو امتنّ الله على العبد بذلك الكنز لأعطاه كل شيء.
المقطع السادس
وَإِن أوتيتَ فيهِ طَويلَ باعٍ
- وَقالَ الناسُ إِنَّكَ قَد سَبَقتا
فَلا تَأمَن سُؤالَ اللَهِ عَنهُ
- بِتَوبيخٍ عَلِمتَ فَهَل عَمِلتا
فَرَأسُ العِلمِ تَقوى اللَهِ حَقّاً
- وَلَيسَ بِأَن يُقال لَقَد رَأَستا
وإيّاك إذا امتنّ الله عليك بذلك العلم أن تكون من الأشخاص الذين يضربهم الغرور والذين يرغبون في السيادة، تقوى الله عز وجل هو ما يجب عليك أن ترغب فيه وأن تتحلى به دائمًا.
المقطع السابع
وَضافي ثَوبِكَ الإِحسانُ لا أَن
- تُرى ثَوبَ الإِساءَةِ قَد لَبِستا
إِذا ما لَم يُفِدكَ العِلمُ خَيراً
- فَخَيرٌ مِنهُ أَن لَو قَد جَهِلتا
وَإِن أَلقاكَ فَهمُكَ في مَهاوٍ
- فَلَيتَكَ ثُمَّ لَيتَكَ ما فَهِمتا
ثم إيّاك أن تسيء إلى الآخرين أو حتى تتعالى عليهم، وحاول دائمًا أن تكون ذلك الرجل الخيّر الطيب وإياك أن تتكبر وتقع في المهالك بسبب علمك، فتكون قد جررت الويل على نفسك.
المقطع الثامن
سَتَجني مِن ثِمارِ العَجزِ جَهلاً
- وَتَصغُرُ في العُيونِ إِذا كَبُرتا
وَتُفقَدُ إِن جَهِلتَ وَأَنتَ باقٍ
- وَتوجَدُ إِن عَلِمتَ وَقَد فُقِدتا
وَتَذكُرُ قَولَتي لَكَ بَعدَ حينٍ
- وَتَغبِطُها إِذا عَنها شُغِلتا
لَسَوفَ تَعَضُّ مِن نَدَمٍ عَلَيها
- وَما تُغني النَدامَةُ إِن نَدِمتا
ولو بقي الإنسان جاهلًا فإنّ العجز عن التغيير هو ثمرته الوحيدة، ولا تكون أصلًا من عداد الأحياء على هذه الأرض، وفي ذلك الوقت لن ينفعك الندم في أي شيء.
شرح مفردات منظومة الألبيري
ورد في القصيدة مجموعة من المفردات التي لا بدّ من الوقوف على معانيها وهي كالآتي:المفردة | المعنى |
المنون | أي الموت. |
الأَكياسُ | أي الرجل صاحب الطنة والعقل الذي ينظر للأمور بتؤدة. |
العَضبُ | أي القوي والحد والقاطع. |
المهند | أي السيف. |
الأفكار الرئيسة في منظومة الألبيري
وردت في منظومة الألبيري مجموعة من الأفكار الرئيسة التي لا بدّ من الوقوف عليها وهي كالآتي:
- العوة إلى الزهد في الدنيا والاقتناع بالقليل منها.
- العزوف عن المتع الزائفة والالتحاق بطلب العلم.
- الترفع عن الجهل والعمل بالعلم.
- عدم التكبر والطمع بالسيادة.