شرح قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل
شرح قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل
يقول المتنبي في قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل:
المقطع الأول
لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ
- أَقفَرتِ أَنتِ وَهُنَّ مِنكِ أَواهِلُ
يَعلَمنَ ذاكِ وَما عَلِمتِ وَإِنَّما
- أَولاكُما يُبكى عَلَيهِ العاقِلُ
وَأَنا الَّذي اِجتَلَبَ المَنِيَّةَ طَرفُهُ
- فَمَنِ المُطالَبُ وَالقَتيلُ القاتِلُ
تَخلو الدِيارُ مِنَ الظِباءِ وَعِندَهُ
- مِن كُلِّ تابِعَةٍ خَيالٌ خاذِلُ
اللاءِ أَفتَكُها الجَبانُ بِمُهجَتي
- وَأَحَبُّها قُرباً إِلَيَّ الباخِلُ
الرامِياتُ لَنا وَهُنَّ نَوافِرٌ
- وَالخاتِلاتُ لَنا وَهُنَّ غَوافِلُ
يخاطب المتنبي دياره السابقة أو ديار المحبوبة، فيقول إنّها -وإن خلَت من أهلها- إلّا أنّها لا يزال لها مكان في قلبه، ويقول إنّ القلوب تعلم أنّ الأحباب غادروا والديار جمادات ولا تعلم، فالقلوب أحقّ بالبكاء من الديار، ثمّ يصرف المتنبي الحديث إلى نفسه فيقول إنّ طرفي هو الذي جلب المنية بالنظر، فمن سوف أطالب بحقّ دمي وأنا الذي قتلت نفسي.
يتابع المتنبي فيقول إنّ الديار تخلو من الحِسان وتفارقها، ولكنّ خيال من يهواه لا يفارقه، ثمّ يقول إنّ أشدّ تلك الظِّباء حسنًا وفتكًا بالفؤاد هي النّفور التي قد أغرم بها المتنبي، ولكنّ البخيلة منهنّ هي أحبّها إليه، تلك الحسناوات يرمين القلوب بسهام لِحاظِهن بينما هنّ نافرات غير مقبلات، وكذلك يصدنّ الناس بحسنهنّ من دون أن يعلمن بذلك.
المقطع الثاني
كافَأنَنا عَن شِبهِهِنَّ مِنَ المَها
- فَلَهُنَّ في غَيرِ التُرابِ حَبائِلُ
مِن طاعِني ثُغَرِ الرِجالِ جَآذِرٌ
- وَمِنَ الرِماحِ دَمالِجٌ وَخَلاخِلُ
وَلِذا اِسمُ أَغطِيَةِ العُيونِ جُفونُها
- مِن أَنَّها عَمَلَ السُيوفِ عَوامِلُ
كَم وَقفَةٍ سَجَرَتكَ شَوقاً بَعدَما
- غَرِيَ الرَقيبُ بِنا وَلَجَّ العاذِلُ
دونَ التَعانُقِ ناحِلَينِ كَشَكلَتَي
- نَصبٍ أَدَقَّهُما وَصَمَّ الشاكِلُ
اِنعَم وَلَذَّ فَلِلأُمورِ أَواخِرٌ
- أَبَداً إِذا كانَت لَهُنَّ أَوائِلُ
يتابع المتنبي وصف الجميلات فيقول إنّ هذه الحسناوات قد عاقبنَ الناس بسبب صيدهم البقر الوحشي الذي يشبههن في العيون، فنصبوا شباكًا للناس ولكن بعيونهن، وهذه الحسناوات يفعلن بعيونهن ما يفعله الطاعن بالرمح، ويقول إنّ أغطية العيون اسمها جفونًا لأنّ ما تحتها تعمل عمل السيوف، لذلك فإنّ اسمها كاسم غطاء السيف.
ثمّ يقول مخاطبًا نفسه: كم مرة وقفت مع الحبيبة فتركتك دون عناق مع شدة الشوق وكل ذلك خوف الرقيب والواشي، ويقول أخيرًا مخاطبًا نفسه أن تمتّع باللذة ما بقي لك من وقت في شبابك فإنّ له آخر كما كان له أوّل، بمعنى أنّه يفنى ولا يبقى وسيأتي الشيب والهرم.
المقطع الثالث
ما دُمتَ مِن أَرَبِ الحِسانِ فَإِنَّما
- رَوقُ الشَبابِ عَلَيكَ ظِلٌّ زائِلُ
لِلَّهوِ آوِنَةٌ تَمُرُّ كَأَنَّها
- قُبَلٌ يُزَوَّدُها حَبيبٌ راحِلُ
جَمَحَ الزَمانُ فَما لَذيذٌ خالِصٌ
- مِمّا يَشوبُ وَلا سُرورٌ كامِلُ
حَتّى أَبو الفَضلِ اِبنُ عَبدِ اللهِ رُؤ
- يَتُهُ المُنى وَهيَ المَقامُ الهائِلُ
مَمطورَةٌ طُرقي إِلَيها دونَها
- مِن جودِهِ في كُلِّ فَجٍّ وابِلُ
يقول المتنبي مخاطبًا نفسه أيضًا أنْ تَمَتّع بالحسناوات ما دمت شابًّا فهذا الشباب لا يدوم، وإنّ للهو ساعات تمرّ بسرعة مثل تزويد الحبيب الذي سيرحل ببعض القبلات سريعًا، وإنّ الزمان قد قهر وغلب، فليس هنالك لذّة خالصة من دون أن يشوبها أذًى، وكذلك السرور.
يقول أيضًا إنّ رؤية هذا الممدوح -ابن عبد الله- هي المنية التي يتمناها الجميع، ولكنها مع ذلك لذة مشوبة لأنّها في مقام هائل مهيب، ويقول إنّ الطرق إلى الممدوح ممطورة بجوده وفضله، ويقصد أنّ الجود يصل إلى المتنبي قبل أن يصل إليه، كناية عن كرم الممدوح.
الأفكار الرئيسة في قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل
الأفكار الرئيسة في قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل فيما يأتي:
- مخاطبة الشاعر الأطلالَ والوقوف عليها.
- وصف الجميلات.
- مدح ابن عبد الله.
الصور الفنية في قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل
مما جاء من صور فنية في قصيدة المتنبي ما يأتي:
- "اِجتَلَبَ المَنِيَّةَ"
استعارة مكنية ، فقد شبّه المنية بالشيء الذي يُجلَب، فحذف الشاعر المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
- "خَيالٌ خاذِلُ"
استعارة مكنية، فقد شبه الخيال بالإنسان الذي يخذل، فحذف الشاعر المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
- "ظِلٌّ زائِلُ"
استعارة مكنية، فقد شبّه الظل بالشيء الذي يزول ويختفي، فحذف الشاعر المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
- "آوِنَةٌ تَمُرُّ"
استعارة مكنية، فقد شبّه الآونة بالمرأة التي تمر وتمشي، فحذف الشاعر المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
- "جَمَحَ الزَمانُ"
استعارة مكنية، فقد شبّه الزمان بالحصان الذي يجمح، فحذف الشاعر المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
معاني المفردات في قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل
من أبرز معاني المفردات في قصيدة المتنبي ما يأتي:المفردة | معنى المفردة |
المنية | أي الموت. |
طرفه | يعني العين أو النظر. |
تابعة | التابعة هنا الظباء الصغيرة التي تتبع أمها. |
المها | جمع مهاة وهي البقر الوحشي. |