شرح قصيدة قوة العلم
شرح أبيات قصيدة قوة العلم
أبيات قصيدة قوة العلم للشاعر محمود سامي البارودي وهو من شعراء العصر الحديث، وهو يُمجد العلم ويحكي عن فضله وقد بلغ عدد أبيات القصيدة ثمان وثلاثين بيتًا، وهذه القصيدة هي معارضة لواحدة من قصائد الشريف الرضي التي مطلعها: "لغير العلا مني القلى والتجنب"، وقد نسج الشاعر أبياته على بحر البسيط:
بِقُوَّةِ الْعِلْمِ تَقْوَى شَوْكَةُ الأُمَمِ
فَالْحُكْمُ فِي الدَّهْرِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَلَمِ
يبدأ الشاعر قصيدته مستهلًا مطلعها بالربط بين العلم وقوة الدولة، فالدولة التي تعلو بالعلم والفهم تعلو قوتها وتقسو شوكتها فلا تكون ألعوبة في يد الأعداء.
كَمْ بَيْنَ مَا تَلْفِظُ الأَسْيَافُ مِنْ عَلَقٍ
وَبَيْنَ مَا تَنْفُثُ الأَقْلامُ مِنْ حِكَمِ
يضع الشاعر القارئ في مفارقة عجيبة وهو يلفت نظره إلى الفرق بين الأمة التي تسعى للقتل وإراقة الدماء والأمة التي تسعى للعلم والتعليم.
لَوْ أَنْصَفَ النَّاسُ كَانَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمُ
بِقَطْرَةٍ مِنْ مِدَادٍ لا بِسَفْكِ دَمِ
يُذكر الشاعر النّاس بفضل العدل وأهميته ويُبيّن نتائجه، فلو أنصف الإنسان وكان عادلًا مع غيره لكان التفاضل بالعلم والتعليم والثقافة، لا بسفك الدماء وقتل الأبرياء.
فَاعْكِفْ عَلَى الْعِلْمِ تَبْلُغْ شَأْوَ مَنْزِلَةٍ
فِي الْفَضْلِ مَحْفُوفَةٍ بِالْعِزِّ وَالْكَرَمِ
فَلَيْسَ يَجْنِي ثِمَارَ الْفَوْزِ يَانِعَةً
مِنْ جَنَّةِ الْعِلْمِ إِلَّا صَادِقُ الْهِمَمِ
يحضّ الشاعر القارئ على طلب العلم ويُذكره أنه لن يستطيع أن يبلغ المنزلة العالية إلا بطلب العلم، ويضيف أن لا بدّ على الإنسان من أن يجمع ما بين السعي لطلب العلم والإخلاص وبذلك يصل الإنسان إلى مبتغاه وهدفه من الحياة.
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسَاعِي مَا يَبِينُ بِهِ
سَبْقُ الرِّجَالِ تَسَاوَى النَّاسُ فِي الْقِيَمِ
يذكر الشاعر أنّ الناس يتفاضلون فيما بينهم بالسعي إلى الأمور الطيبة الحسنة، ولولا ذلك السعي إلى العلم والفهم لكان النّاس كلهم سواسية لا أحد يعلو على الآخر.
وَلِلْفَتَى مُهْلَةٌ فِي الدَّهْرِ إِنْ ذَهَبَتْ
أَوْقَاتُهَا عَبَثَاً لَمْ يَخْلُ مِنْ نَدَمِ
يحذر الشاعر النّاس من تضييع الوقت بغير فائدة، فكل إنسان له مهلة في هذه الحياة لكن إن هي انقضت من دون فائدة فلن يكون حليف الإنسان سوى الحسرة والندامة.
لَوْلا مُدَاوَلَةُ الأَفْكَارِ مَا ظَهَرَتْ
خَزَائِنُ الأَرْضِ بَيْنَ السَّهْلِ وَالْعَلَمِ
ليس عيبًا أن يأخذ الإنسان أفكارًا من الأقوام السابقة، بل العيب أن يبقى متشبثًا برأيه فلولا أخذت كل أمة من علوم التي سبقتها لبقي الجهل محتمًا على هذه الأرض.
كَمْ أُمَّةٍ دَرَسَتْ أَشْبَاحُهَا وَسَرَتْ
أَرْوَاحُهَا بَيْنَنَا فِي عَالَمِ الْكَلِمِ
تبقى الأمة حية بالعلم الذي تركته، فلولا ذلك العلم لنُسيت تلك الأمم البائدة منذ زمن بعيد، لكنّ العلم وحده هو الميراث الذي لا ينضب ولا يُمكن نسيانه.
فَانْظُرْ إِلَى الْهَرَمَيْنِ الْمَاثِلَيْنِ تَجِدْ
غَرَائِبًا لا تَرَاهَا النَّفْسُ فِي الْحُلُمِ
يُؤكد سامي البارودي على فكرته تلك حيث يقول: انظر إلى الأهرامات الشاخصة الآن، هي تذكرنا بعهد الحضارة الفرعونية مع أنّ الملايين من السنين بيننا وبينهم.
صَرْحَانِ مَا دَارَتِ الأَفْلاكُ مُنْذُ جَرَتْ
عَلَى نَظِيرِهِمَا فِي الشَّكْلِ وَالْعِظَمِ
يُشير الشاعر في هذا البيت إلى عظمة الأهرامات وكأنّهما الصروح الضخمة التي ما شهدت الكواكب مذ فطرها الله تعالى بهيئتهما ولا بهيبتهما.
تَضَمَّنَا حِكَمًا بَادَتْ مَصَادِرُهَا
لَكِنَّهَا بَقِيَتْ نَقْشًا عَلَى رَضَمِ
إنّ الأهرامات تدل على الحكمة العالية التي امتلكها الفراعنة، وعلى قوة العلم الذي امتلكوه، صحيح أنّ ذلك العلم لم يصلنا منه شيء لكنّنا نراه الآن شاخصًا أمام أنظارنا.
قَوْمٌ طَوَتْهُمْ يَدُ الأَيَّامِ فَانْقَرَضُوا
وَذِكْرُهُمْ لَمْ يَزَلْ حَيّاً عَلَى الْقِدَمِ
صحيح أنّ الفراعنة قد انقرضوا ولم يبق أي أحد منهم الآن، ولكنّ ذكراهم ما زالت موجودة من خلال الأهرامات والنقوش والكنوز الثمينة العلمية والمعرفية التي خلفوها.
فَكَمْ بِهَا صُوَر كَادَتْ تُخَاطِبُنَا
جَهْرًا بِغَيْرِ لِسَانٍ نَاطِقٍ وَفَمِ
يرى الشاعر أنّ الرسومات المنقوشة على جدران المعابد والأهرمات كأنّها الصور الحية التي صارت تخاطب الإنسان وتُفصح له عن تلك الأمة البائدة وحضارتها.
إنّ الصور الشاخصة على الأهرام
آيَاتِ فَخْرٍ تَجَلَّى نُورُهَا فَغَدَتْ
مَذْكُورَةً بِلِسَانِ الْعُرْبِ وَالْعَجَمِ
إنّ مظاهر التراث الفرعوني التي بقيت حتى هذه اللحظة مصدر فخر عظيم للأمم الحاضرة، ولا يختصّ ذلك بالعرب فقط بل حتى الأعاجم قد انفتنوا بتلك الحضارة العظيمة.
فَاسْتَيْقِظُوا يَا بَني الأَوْطَانِ وَانْتَصِبُوا
لِلْعِلْمِ فَهْوَ مَدَارُ الْعَدْلِ فِي الأُمَمِ
يحضّ الشاعر أمته على الاستيقاظ من ذلك الرقاد الذي ألمّ بالشباب اليوم، وليتذكروا تلك الأمم والحضارات التي خلفتها ولا ينسوا ما لذلك من أثر إيجابي على حياة الإنسان.
الصور الفنيّة في قصيدة قوة العلم
وردت في القصيدة مجموعة من الصور الفنية التي خطها الشاعر لتعبر عن خلجات صدره، ومن بينها:
فَلَيْسَ يَجْنِي ثِمَارَ الْفَوْزِ يَانِعَةً
مِنْ جَنَّةِ الْعِلْمِ إِلَّا صَادِقُ الْهِمَمِ
شبّه الشاعر الفوز بالشجرة التي لها ثمار، وهنا استعمل الشاعر الاستعارة المكنية حيث حذف المشبه به وهو الشجرة وأبقى على شيء من لوازمه وهي الثمار.
كَمْ بَيْنَ مَا تَلْفِظُ الأَسْيَافُ مِنْ عَلَقٍ
وَبَيْنَ مَا تَنْفُثُ الأَقْلامُ مِنْ حِكَمِ
شبّه الشاعر الأقلام بالإنسان الذي ينفث، فحذف المشبه به وهو الإنسان وأبقى شيئًا من لوازمه وبذلك يكون استعارة مكنية.
قَوْمٌ طَوَتْهُمْ يَدُ الأَيَّامِ فَانْقَرَضُوا
:::وَذِكْرُهُمْ لَمْ يَزَلْ حَيّاً عَلَى الْقِدَمِ
شبّه الأيام باٌنسان الذي له يد ويطويها، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو استعارة مكنية.
معاني مفردات قصيدة قوة العلم
وردت مجموعة من المفردات في قصيدة بقوة العلم لا بدّ من الوقوف معها وشرحها، ومن ذلك:
المفردة | معنى المفردة |
أنصف | الإنصاف هو العدالة. |
المداد | معناه السائل الذي يكتب به الإنسان ويقصد في ذلك الحبر. |
رضم | هي الحجارة البيضاء والصخور العظيمة التي يستند بعضها إلى بعض |
الأفكار الرئيسة في قصيدة قوة العلم
وردت مجموعة من الأفكار في الأبيات الشعرية تمجد قيمة العلم من بينها:
- العلم هو ما يتفاضل به الإنسان على غيره من الناس.
- العودة إلى العلم تعني العودة إلى الحضارة التي ما زالت آثارها موجودة إلى الآن.
- الأمم لا تنتهي بانقراضها فآثارها حتى الآن شاهدة عليها.
- القوم الجاهلون هم مَن يعيثون في الأرض فسادًا ويريقون الدماء.