شرح قصيدة قال السماء كئيبة وتجهما
شرح أبيات قصيدة قال السماء كئيبة وتجهما
إن هذه القصيدة التي تبلغ عدد أبياتها واحد وعشرين بيتا والتي كتبها الشاعر العربي إيليا أبو ماضي في عام 1948م لتحمل معاني التفاؤل والسعادة، وتبعث في الروح شيئا من الجمال، كما أنها تخاطب النفس البشرية بنقاء وصفاء بروح عالية، فيحاول الشاعر أن يجعل اليأس فيه أمل وتفاؤل، والحزين سعيد.
واستخدم أبو ماضي في تلك القصيدة أساليب متنوعة، وحوار شعري رائع، يجري هذا الحوار بينه ومن لا يبتسم للحياة، ويدعو فيه للمحبة، مستخدمًا لغة واضحة ومفهومة قريبة لمجتمع القرّاء وتعبر عن مشاعرهم، وفيما يلي شرح للأبيات:
قال: السماء كئيبة وتجهما
قلت: ابتسم يكفي التجهم في السّما
قال: الصِبا ولّى، فقلت له: ابتسم!
لن يرجع الأسف الصِبا المترنّما
حوار بين صديق متخيل متذمر وبين الشاعر
تبدأ القصيدة بأسلوب الحوار، بين صديق متخيل والشاعر، يتذمر فيه الأول من كآبة السماء ويتحدث بوجه عابس، متحسرًا على أيام الصبا والشباب، فينصحه الشاعر بالتبسم وعدم العبوس، وأن الاكتئاب والتحسر لن يعيد أيام الشباب.
قال: المواسم قد بدت أعلامها
وتعرضت لي في الملابس والدُّمى
وعلي للأحباب فرضٌ لازم
لكن كفي ليس تملك درهما
قلت: ابتسم يكفيك أنك لم تزل
حيًا ولست من الأحبة معدما
ويواصل الصديق المتخيل تذمره من المناسبات التي تتطلب الإنفاق، ويشكو ضيق الحال وانعدام القدرة المادية، فتأتي نصيحة الشاعر أن يبتسم رغم كل ما يعيشه، وذلك لأنه ما زال حيا وأحباؤه حوله.
قال: الليالي جرّعتني علقما
قلت: ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مُرنما
طرح الكآبة جانبًا وترنما
يستمر الصديق المتخيل الشكوى من ضيق الحال ومر العيش، وتستمر محاول الشاعر بالتهوين على صديقه نكد الحياة، ويرجو منه أن يبقى مبتسما، فربما يقتدي به الآخرون ويكون سببًا في سعادة أحدهم.
أتراك تغنم بالتبرُّم درهمًا؟
أم أنت تخسر في البشاشة مغنما؟
يا صاح لا خطر على شفتيك أن
تتثلما، والوجه أن يتحطما
سؤال الشاعر حول إمكانية أن يجلب الاكتئاب مكاسب مادية
يستخدم الشاعر في هذه الأبيات أسلوب الاستفهام، إذ يتساءل حول إمكانية أن يجلب الاكتئاب والتذمر مكاسب مادية، وإمكانية أن تخسر شيئا إذا ابتسمت، ومن ثم يقدم الشاعر نصيحة لصديقه أن لا خطر على شفتيه ووجهه إذا ابتسم.
فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى
متلاطم ولذا نحب الأنجما
قال البشاشة ليس تسعد كائنا
يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغما
قلت ابتسم ما دام بينك والردى
شبر فإنك بعد لن تتبسما
يختم الشاعر قصيدته بنصيحة لصديقه أن يحافظ على الابتسامة، مشيرًا إلى أن النجوم والشهب التي تزين السماء، فالابتسامة أيضًا تزين وجه صاحبها، فالتبسم يزيل الهم والضيق، وعندما يأتي الموت لن تستطيع التبسم، فابستم ما دمت على قيد الحياة.
الأفكار الرئيسة في قصيدة قال السماء كئيبة وتجهما
تتلخص الأفكار الرئيسة في قصيدة قال السماء كئيبة وتجهما فيما يلي:
- الندم والتحسر على أيام الصبا والشباب التي لن يعيدها مرة أخرى.
- الدعوة للتفاؤل والأمل وعدم التذمر والشكوى من ضيق الحال ومرارة العيش.
- التأكيد على أن الابتسامة تزيل الهم وتخفف ضيق العيش وتزين وجه صاحبها.
- الدعوة لضرورة الابتعاد عن السلبية والتشاؤم في الحياة.الد
معاني المفردات في قصيدة قال السماء كئيبة وتجهما
تنوعت أساليب القصيدة، إذ استخدم الشاعر أسلوب الخطاب تارة وأسلوب الاستفهام تارة أخرى، وتميزت اللغة أنها بسيطة وسهلة وواضحة، وفيما يلي بيان لبعض المفردات والمعاني التي جاءت في القصيدة:
- تجهم
صار عابس الوجه كريه.
- صبا
الصغر والحداثة.
- ولّى
أدبر وذهب.
- مُتصرّما
ذهب وانقضى.
- الدمى
لعبة يلعب بها الأولاد.
- مُعدم
فقير لا يملك شيئًا.
- جرّع
سقاه وشرّبه.
- العلقم
هو نبات شديد المرارة.
- ترنم
تغنى.
- تغنم
تكسب.
- التبرم
الاستياء والملل.
- تتثلم
يصبح فيها شقًا.
- الدجى
ظلام الليل.
- تلاطم
تداخل وتضارب بعضها ببعض.
الصور الفنية في قصيدة قال السماء كئيبة وتجهما
فيما يلي نستعرض مجموعة من أبرز الصور الفنية في قصيدة قال السماء كئيبة:
- التشبيهات الرائعة
تميزت هذه القصيدة باحتوائها على تشبيهات برع الشاعر في توظيفها، إذ حملت القصيدة صورا فنية محسوسة كان الهدف منها الجمال والإقناع، ومن هذه الصور:
قال السماء كئيبة وتجهما
قلت: ابتسم يكفي التجهم في السّما
شبه الشاعر تغير المناخ في الجو بالسماء حزينة وكئيبة، وهنا دلالة على حزن صديق الشاعر المتخيل.
- تنويع الأساليب
نوّع إيليا أبو الماضي في الأساليب المستخدمة في بناء القصيدة وهذه إضافة جمالية ورونقا للقصيدة، إضافة إلى ذلك لا يمكن إغفال التكرار في القصيدة الذي أسهم في إيصال فكرة الشاعر وبيان مقصده، فكرر لفظة (ابتسم) و(السماء) و(قال).
- الصور البلاغية
إن كثرة الصور البلاغية بأساليبها المختلفة زاد من رونق القصيدة، فنجد الجناس في الكلمات التالية: (حولي - حولي)، (السماء - السماء)، وأيضا نلحظ الطباق في الكلمات التالية: (دائها - شفائها)، (الكآبة - البشاشة).
- استخدام بحر شعري ذا إيقاع سهل
إضافة إلى ما سبق، فقد ميز القصيدة إيقاعها، إذ استخدم الشاعر بحرًا شعريًا ذا إيقاع سهل، وهو بحر الرجز، وكرر جملًا من الأحرف والكلمات التي تعطي إيقاعا مميزًا، مثل حرف السين في قوله: "السماء، ابتسم، المواسم، المسافر" وابتعد عن الحروف الثقيلة كالضاد والصاد.