شرح قصيدة جاءت معذبتي في غيهب الغسق
شرح قصيدة جاءت معذبتي في غيهب الغسق
شرح قصيدة جاءت معذبتي في غيهب الغسق فيما يأتي:
المقطع الأول
يقول لسان الدين الخطيب:
جَاءَتْ مُعَذِّبَتِي فِي غَيْهَبِ
- الغَسَقِ كَأنَّهَا الكَوْكَبُ الدُرِيُّ فِي الأُفُقِ
فَقُلْتُ نَوَّرْتِنِي يَا خَيْرَ زَائِرَةٍ
- أمَا خَشِيتِ مِنَ الحُرَّاسِ فِي الطُّرُقِ
كتب الشاعر لسان الدين الخطيب هذه القصيدة في وعكةٍ صحيةٍ مرت عليه، حيث يُبين فيها شدّة المعاناة التي ألمت به والأوجاع التي أصابته، فتراه يصف حاله وقلة النوم والمعاناة التي يعيشها، فبدأ قصيدته في وصف حاله مع المرض بالفتاة الحسناء التي تأتيه في صورة البدر وجماله لتُنير له ساعة الليل التي يسهرها متوجعاً.
كما يصنع من وجعه قالباً من الشوق الذي يُذيب جسمه وروحه، ويُخاطب هذه الفتاة (المرض) بسؤالها ألا تخشي حرس الطرقات في قدومكِ إليَّ؟ وذلك في صورة بديعة يُخاطب فيها مرضه: لماذا تصر على زيارتي في الليل ألا تترك لنا ساعة نوم؟
المقطع الثاني
يقول لسان الدين الخطيب:
فَجَاوَبَتْنِي وَدَمْعُ العَيْنِ يَسْبِقُهَا
- مَنْ يَرْكَبِ البَحْرَ لا يَخْشَى مِنَ الغَرَقِ
فقلت هذي أحاديثٌ ملفقة
- موضوعة قد أتت من قول مختلق
لم يكتف الشاعر بالوصف بل عَمد إلى التجسيد، وجعل من المرض عنصراً فاعلاً في قصيدته يسمع ويرد الخطاب ويسيلُ الدمع، فيقول له في جوٍ من الحكمة: من يركب البحر لا يخشى من الغرق، والذي يعشق ويُحب عليه أن يتحمل الصعاب في وصل محبوبه، ليرد الشاعر كلام هذه المحبوبة بقوله: إنّ زيارتك لي ليست عن حبٍّ ولا ودّ، وما هذه الأحاديث إلا كلامٌ مزخرف نُسج من الخيال.
المقطع الثالث
يقول لسان الدين الخطيب:
فقالت وحق عيوني عزّ من قسمٍ
- وما على جبهتي من لؤلؤ الرمق
إني أحبك حباً لا نفاد له
- ما دام في مهجتي شيء من الرمق
تعود تلك الحسناء (المرض) لترد على الشاعر بقسم عزيز على النفس، إذ تُقسم فيه بعينيها واللؤلؤ الذي ينحدر على جبهتها، أنّ المحبة التي تُكنها للشاعر لا تنتهي ما بقيت الحياة فيها فهي تُحبه إلى آخر العمر وحتى آخر نفس تتنفسه، فالمرض يُبين للشاعر أنّه على حبٍّ شديد له لا يستطيع معه الفراق فهو سيبقى معه ليلاً ونهاراً.
المقطع الرابع
يقول لسان الدين الخطيب:
فقمت ولهانَ من وجدي أقبلها
- زحتُ اللثام، رأيتُ البدر معتنقِ
قبلتها، قبلتني، وهي قائلة
- قبلت فاي، فلا تبخل على عنقي
قلت العناق حرامٌ في شريعتنا
- قالت أيا سيدي واجعلهُ في عنقي
يقول الشاعر قمت مع توجعي الشديد أراقب الفتاة الحسناء مع ما يعتريني من الحبّ والشوق لها، فقمت لها أقترب منها حتى أزحت اللثام عنها عن وجهها، وإذا أنا في صورة البدر الذي تجسد في وجهها، فقبلت ثغرها، وهي تقول لا تتوقف عن تقبلي، وزد في القُبَل على عنقي، ثم أرادت تلك الحسناء (المرض) أن يزيد في حبه فيضمها حتى وإن كان الدين يُحرم ذلك.
في نهاية قصيدته يصف الشاعر ملازمة المرض له ملازمةً دائمةً، كملازمة الحبيب لحبيبته، ليقول له أنّ القرب منه حرام لأنّه سيُؤدي للهلاك، فهو في شدّة من الوجع، بينما المرض يُريد أن يقترب أكثر من الشاعر ليبقى في قربه.
الأفكار الرئيسة في قصيدة جاءت معذبتي في غيهب الغسق
من الأفكار الرئيسة التي تضمنتها أبيات القصيدة ما يأتي:
- وصف الوعكة الصحية التي يمر بها الشاعر.
- تصوير اشتداد المرض عليه في ساعات الليل.
- التعبير عن شدّة الحرارة التي تُصيبه.
- بيان شدّة المعاناة التي ألمت بالشاعر والأوجاع التي أصابته.
- ملازمة المرض للشاعر ملازمة دائمة.
معاني مفردات قصيدة جاءت معذبتي في غيهب الغسق
معاني مفردات قصيدة جاءت معذبتي في غيهب الغسق فيما يأتي:الكلمة | المعنى |
غيهب | الظُلمة الشديدة. |
الغسق | عتمة أول الليل. |
الدري | المتلألئ. |
ملفقة | مزخرفة. |
مُهجة | دم القلب أو الروح. |
الرمق | بقية الروح، آخر النفس. |
ولهان | متحير وتائه من شدة الحب. |
اللِّثَامُ | النقاب يوضع على الفم أَو الشَّفَة. |
الصور الفنية في قصيدة جاءت معذبتي في غيهب الغسق
الصور الفنية في قصيدة جاءت معذبتي في غيهب الغسق فيما يأتي:
- جَاءَتْ مُعَذِّبَتِي
استعارة مكنية، حيث حذف المشبه به وهو المرض، وأبقى على شيء من لوازمه وهو التعذيب، حيث جعل المرض مثل الفتاة التي تزور معشوقها.
- رأيتُ البدر معتنقِ
استعارة تصريحية، حيث شبه الفتاة بالبدر، فحذف المشبه وهي الفتاة وأبقى ما يدل عليها وهو العنق، وصرح بالمشبه به وهو البدر.
- دَمْعُ العَيْنِ يَسْبِقُهَا
استعارة مكنية، حيث شبه الدمع بإنسان يُسابق، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو السباق.
- مَنْ يَرْكَبِ البَحْرَ لا يَخْشَى مِنَ الغَرَقِ
هذا نوع من ضرب المثل في الشعر وغايته البلاغية إيصال الفكرة والمعنى العميق إلى المستمع عن طريق المثل.