شرح قصيدة بهاء الدين زهير (نهاك عن الغواية)
شرح قصيدة بهاء الدين زهير (نهاك عن الغواية)
في هذا المقال وقفة مع شرح قصيدة من روائع الشاعر بهاء الدين زهير أحد شعراء العصر الأيوبي كالآتي:
شرح القصيدة
يقول بهاء الدين زهير في قصيدته نهاك عن الغواية:
نهاك عن الغواية ما نهاكا
- وذقتَ من الصّبابة ما كفاكا
وطال سُراك في ليل التصابي
- وقد أصبحتَ لم تحمد سراكا
فلا تجزع لحادثة الليالي
- وقل لي إن جزعتَ فما عساكا
وكيف تلوم حادثةً وفيها
- تبيّن من أحبّك ومن قلاكا
بروحي من تذوب عليه روحي
- وذق يا قلب ما صنعت يداكا
لقد منعك عن ضلالك أمورٌ كثيرة، وذقتَ من الشّوق والحسرة و الندم والعذاب ما يكفيك أيّها القلب، ولكنّك بقيت تسير في طريقة الصّبية وتتصرّف تصرّفاتهم، فلم يعد مسراك حسنًا فلا تبتعد عن الصّبر بعد ما أصابك من بلوى.
كيف لك أن تعذل تلك المصيبة التي أصابتك وقد بيّنت لك كلّ محبٍّ وكل مبغضٍ؟ ثمّ إنّني قد فديتك بحياتي، فذابت روحي صبابةً على لقياك، فنل يا قلب ما صنعته يداك بسبب حبّك وتعلّقك الشديدين.
لعمري كنتَ عن هذا غنيًّا
- ولم تعرف ضلالك من هداكا
ضنيتُ من الهوى وشقيتُ منه
- وأنت تجيب كلّ هوى دعاكا
فدع يا قلب ما قد كنت فيه
- ألست ترى حبيبك قد جفاكا
لقد بلغت به روحي التراقي
- وقد نظرت به عيني الهلاكا
فيا من غاب عنّي وهو روحي
- وكيف أطيق من روحي انفكاكا
أيّها القلب إنك كنت تستطيع أن تتجاوز كل تلك الأمور، لكنّك لم تعرف الفرق بين الحق والباطل ، فقد أتعبك الحب وأصابك بالمرض، ما زلت تستجيب لكلّ حبّ يطرق بابك، فتجمّل يا قلب واصبر على مصابك، فمحبوبك قد تركك ورحل عنك، لقد أوصلني حبّي له إلى نهاية حياتي، وقد كان الموت بالنسبة إلي، وكان حياتي التي أحيا بها، فكيف يستطيع المرء أن يتجرّد من الحياة ويحيا؟
حبيبي كيف حتّى غبت عنّي
- أتعلم أنّ لي أحدًا سواكا
أراك هجرتني هجرًا طويلًا
- وما عوّدتني من قبل ذاكا
عهدتك لا تطيق الصّبر عنّي
- وتعصي في ودادي من نهاكا
فكيف تغيّرت تلك السّجايا
- ومن هذا الذي عني ثناكا
فلا والله ما حاولتَ عذرًا
- فكل الناس يعذر ما خلاكا
يتساءل الشاعر ويقول: كيف تركتني وابتعدتَ عنّي وأنت تعلم أنّني لا أملك أحدًا غيرك في هذه الحياة؟ لقد ابتعدتَ عنّي فطال غيابك، ولم أرَ ذلك منك من قبل، ولقد عرفتك محبًّا لا تستطيع تحمّل بعدك عني، وتخالف في حبّك لي كلّ من أراد إبعادك عنّي، فكيف تبدّلت تلك الخصال الحسنة بك، ومن الذي أبعدك عنّي؟ إنّني والله لم أستطع أن أعذرك على فعلتك، فإنّني أستطيع أن أعذر جميع الناس إلّا أنت.
وما فارقتني طوعًا ولكن
- دهاك من المنيّة ما دهاكا
لقد حكمت بفرقتنا الليالي
- ولم يك عن رضاي ولا رضاكا
فليتك لو بقيت لضعف حالي
- وكان الناس كلّهم فداكا
يعزّ عليّ حين أدير عيني
- أفتّش في مكان لا أراكا
ولم أرَ في سواك ولا أراه
- شمائلك المليحة أو حلاكا
يضيف الشاعر ويقول: إنّك لم تبتعد عني باختيارك إنّما هو الموت الذي حكم علينا بالفرقة، فقد حكمت الحياة بفراقنا ولم يكن ذلك بموافقتي أو موافقتك، أتمنّى لو أنّك لم تمت ومات جميع الناس دونك، لأنّني لا أستطيع تحمّل فراقك، نعم، يصعب عليّ أن أنقّل ناظري من مكان لآخر ولا أراك، فإنّني والله لم أجد في جميع الناس ما بك من صفات حسنة وجمال.
الأفكار الرئيسة في قصيدة بهاء الدين زهير (نهاك عن الغواية)
من أبرز الأفكار الرئيسة في القصيدة السابقة:
- لوم الشّاعر لقلبه ولما أصابه به من الوجد و الحب والمعاناة.
- معاتبة الشّاعر للحبيب الذي تركه وحيدًا.
- الانصياع للقضاء والقدر والتفكّر بأنّ ما حصل هو أمر الله تعالى.
- تمنّي الشّاعر فداء الحبيب ليحيا.
شرح مفردات قصيدة بهاء الدين زهير (نهاك عن الغواية)
في قصيدة البهاء زهير بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها ما يأتي:
المفردة | شرح المفردة |
التّصابي | التّصرف كالشباب في طيشهم مع التقدم في السن. |
يجزع | جزع الإنسان للمصاب إذا لم يصبر على ما أصابه. |
السّجايا | جمع سجية، وهي الطبيعة والخلق. |
قلاك | قلا -وقلى- فلانًا أي أبغضه. |
جفاك | جفا المرء بمعنى قسا. |
دهاك | يُقال دهت الدّاهية إذا حلّت ونزلت. |