شرح قصيدة النابغة الذبياني يا دار مية
نص القصيدة
يقول النابغة الذبياني:
يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ
- أَقوَت وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ
وَقَفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها
- عَيَّت جَواباً وَما بِالرَبعِ مِن أَحَدِ
إِلّا الأَوارِيَّ لَأياً ما أُبَيِّنُها
- وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ
رَدَّت عَلَيهِ أَقاصيهِ وَلَبَّدَهُ
- ضَربُ الوَليدَةِ بِالمِسحاةِ في الثَأَدِ
خَلَّت سَبيلَ أَتِيٍّ كانَ يَحبِسُهُ
- وَرَفَّعَتهُ إِلى السَجفَينِ فَالنَضَدِ
أَمسَت خَلاءً وَأَمسى أَهلُها اِحتَمَلوا
- أَخنى عَلَيها الَّذي أَخنى عَلى لُبَدِ
فَعَدِّ عَمّا تَرى إِذ لا اِرتِجاعَ لَهُ
- وَاِنمِ القُتودَ عَلى عَيرانَةٍ أُجُدِ
مَقذوفَةٍ بِدَخيسِ النَحضِ بازِلُها
- لَهُ صَريفٌ صَريفُ القَعوِ بِالمَسَدِ
كَأَنَّ رَحلي وَقَد زالَ النَهارُ بِنا
- يَومَ الجَليلِ عَلى مُستَأنِسٍ وَحِدِ
مِن وَحشِ وَجرَةَ مَوشِيٍّ أَكارِعُهُ
- طاوي المُصَيرِ كَسَيفِ الصَيقَلِ الفَرَدِ
سَرَت عَلَيهِ مِنَ الجَوزاءِ سارِيَةٌ
- تُزجي الشَمالُ عَلَيهِ جامِدَ البَرَدِ
فَاِرتاعَ مِن صَوتِ كَلّابٍ فَباتَ لَهُ
- طَوعَ الشَوامِتِ مِن خَوفٍ وَمِن صَرَدِ
فَبَثَّهُنَّ عَلَيهِ وَاِستَمَرَّ بِهِ
- صُمعُ الكُعوبِ بَريئاتٌ مِنَ الحَرَدِ
وَكانَ ضُمرانُ مِنهُ حَيثُ يوزِعُهُ
- طَعنَ المُعارِكِ عِندَ المُحجَرِ النَجُدِ
شَكَّ الفَريصَةَ بِالمِدرى فَأَنقَذَها
- طَعنَ المُبَيطِرِ إِذ يَشفي مِنَ العَضَدِ
كَأَنَّهُ خارِجاً مِن جَنبِ صَفحَتِهِ
- سَفّودُ شَربٍ نَسوهُ عِندَ مُفتَأَدِ
فَظَلَّ يَعجُمُ أَعلى الرَوقِ مُنقَبِضاً
- في حالِكِ اللَونِ صَدقٍ غَيرِ ذي أَوَدِ
لَمّا رَأى واشِقٌ إِقعاصَ صاحِبِهِ
- وَلا سَبيلَ إِلى عَقلٍ وَلا قَوَدِ
قالَت لَهُ النَفسُ إِنّي لا أَرى طَمَعاً
- وَإِنَّ مَولاكَ لَم يَسلَم وَلَم يَصِدِ
فَتِلكَ تُبلِغُني النُعمانَ إِنَّ لَهُ
- فَضلاً عَلى الناسِ في الأَدنى وَفي البَعَدِ
وَلا أَرى فاعِلاً في الناسِ يُشبِهُهُ
- وَلا أُحاشي مِنَ الأَقوامِ مِن أَحَدِ
إِلّا سُلَيمانُ إِذ قالَ الإِلَهُ لَهُ
- قُم في البَرِيَّةِ فَاِحدُدها عَنِ الفَنَدِ
وَشَيِّسِ الجِنَّ إِنّي قَد أَذِنتُ لَهُم
- يَبنونَ تَدمُرَ بِالصُفّاحِ وَالعَمَدِ
فَمَن أَطاعَكَ فَاِنفَعهُ بِطاعَتِهِ
- كَما أَطاعَكَ وَاِدلُلهُ عَلى الرَشَدِ
وَمَن عَصاكَ فَعاقِبهُ مُعاقَبَةً
- تَنهى الظَلومَ وَلا تَقعُد عَلى ضَمَدِ
إِلّا لِمِثلِكَ أَو مَن أَنتَ سابِقُهُ
- سَبقَ الجَوادَ إِذا اِستَولى عَلى الأَمَدِ
أَعطى لِفارِهَةٍ حُلوٍ تَوابِعُها
- مِنَ المَواهِبِ لا تُعطى عَلى نَكَدِ
الواهِبُ المِئَةَ المَعكاءَ زَيَّنَها
- سَعدانُ توضِحَ في أَوبارِها اللِبَدِ
وَالأُدمَ قَد خُيِّسَت فُتلاً مَرافِقُها
- مَشدودَةً بِرِحالِ الحيرَةِ الجُدُدِ
وَالراكِضاتِ ذُيولَ الرَيطِ فانَقَها
- بَردُ الهَواجِرِ كَالغِزلانِ بِالجَرَدِ
وَالخَيلَ تَمزَعُ غَرباً في أَعِنَّتِها
- كَالطَيرِ تَنجو مِنَ الشُؤبوبِ ذي البَرَدِ
الأفكار الرئيسة في القصيدة
من الأفكار الرئيسة التي حملتها معلقة النابغة الذبياني ما يأتي:
- وقوف الشاعر على الأطلال ومناجاتها.
- وصْف الشاعر للأطلال وما بقي منها بعد رحيل أهلها.
- وصْف الشاعر للوحوش في الفلوات.
- ذكْر قصة ضمران واحبه الكلب واشق.
- وصْف الناقة التي تحمله إلى النعمان بن المنذر.
- مدْح النعمان بن المنذر ووصفه بأرفع الصفات.
معاني مفردات القصيدة
من أبرز المفردات التي يجب شرحها في القصيدة ما يأتي:المفردة | معنى المفردة |
الأواري | جمع آري وهو محبس الدابة. |
النؤي | مجرى يُحفَر حول الخيمة ليقيها السيل. |
السجفين | مثنى سجف وهو ستر رقيق يكون في مقدمة البيت. |
دخيس | هو الشيء الكثير المجتمع الذي دخل بعضه في بعض من كثرته. |
الصيقل | هو من يجلو السيوف ويشحذها، وقيل هو صانع السيوف. |
الصور الفنية في القصيدة
من الصور الفنية في القصيدة ما يأتي:
- سَرَت عَلَيهِ مِنَ الجَوزاءِ سارِيَةٌ
- تُزجي الشَمالُ عَلَيهِ جامِدَ البَرَدِ
استعارة مكنية؛ فقد شبه السحابة بالإنسان الذي يسير ليلًا، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
- قالَت لَهُ النَفسُ إِنّي لا أَرى طَمَعاً
- وَإِنَّ مَولاكَ لَم يَسلَم وَلَم يَصِدِ
استعارة مكنية؛ فقد شبه النفس بالإنسان الذي يتحدث ويقول، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
- وَالخَيلَ تَمزَعُ غَرباً في أَعِنَّتِها
- كَالطَيرِ تَنجو مِنَ الشُؤبوبِ ذي البَرَدِ
تشبيه تام الأركان؛ فقد شبه الخيل بالطيور وهي تعدو مسرعة، فذكر المشبه والمشبه به وأداة التشبيه ووجه الشبه.