شرح قصيدة المساء لخليل مطران
شرح قصيدة المساء لخليل مطران
قائل القصيدة هو الشاعر خليل مطران، وهو شاعرٌ لبناني يلقب بشاعر القطرين، وهو من الشعراء اللبنانيين المشهورين ولكنه عاش معظم حياته في مصر لذلك أطلق عليه هذا اللقب، وقد كان ملمًّا باللغتين العربية والأجنبية ويغوص في المعاني بكل مهارة، وقد قال في قصيدته المساء:
- داءٌ ألَمَّ فَخِلْتُ فِيهِ شَفَائِي
- مِنْ صَبْوَتِي فَتَضَاعَفَتْ بُرَحَائِي
يذكر الشاعر هنا أنّ المرض الذي أصابه قد ينسيه لوعته على فراق الحبيب ، ولكن ما حدث هو العكس إذ ازدادت عذاباته.
- يَا لَلضَّعِيفَيْنِ اسْتَبَدَّا بِي وَمَا
- فِي الظُّلْمِ مِثْلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ
يشكو الشاعر من تحكم الضعيفين فيه وهما الحب والمرض ولا حيلة له بهما.
- قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالْجَوَى
- وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنِ الأَدْوَاءِ
يتحدث هنا الشاعر عن قلبه المتعب من شدة وطأة العشق، وعن جسده الذي أصبح كالثوب البالي، من شدة مرضه.
- وَالرُّوْحُ بيْنَهُمَا نَسِيمُ تَنَهُّدٍ
- فِي حَالَيَ التَّصْوِيبِ وَ الصُّعَدَاءِ
يتحدث الشاعر عن روحه وكيف أصبحت تخرج أنفاسها الأخيرة من قلبه المتعب فهذه الروح في صراع بين جسده المتهالك، وبين قلبه المحروق في حالتي الشهيق والزفير.
- وَالعَقْلُ كَالمِصْبَاحِ يَغْشَى نُورَهُ
- كَدَرِي وَيُضْعِفُهُ نُضُوبُ دِمَائِي
يتحدث الشاعر عن عقله وكيف أصبح كالمصباح ولكن نوره يبث الحزن ويصيب المساء بالجفاف.
- هَذَا الَّذِي أَبْقَيْتِهِ يَا مُنْيَتِي
- مِنْ أَضْلُعِي وَحَشَاشَتِي وَذَكَائِي
يخاطب الشاعر محبوبته ويخبرها بأنها أتعبت قلبه وعقله حتى أصبح كالمجنون.
- إِنِّي أَقَمْتُ عَلى التَّعِلَّةِ بِالمُنَى
- فِي غُرْبَةٍ قَالوا تَكُونُ دَوَائِي
هنا يواسي الشاعر نفسه ويحاول أن يمتع ذاته ببعض الأماني، بأنّ الغربة ستكون الحل لما هو فيه من أمراض.
- إِنْ يَشْفِ هَذَا الْجِسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا
- أَيُلَطَّف النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ
يطرح الشاعر سؤالًا على من يقول بأن الغربة دواء، إن كان هواء الغربة قادرًا على شفائه من أمراض جسده فهل يستطيع أن يشفي نيران قلبه المشتاق.
- أَوْ يُمْسِكِ الْحَوْبَاءَ حُسْنُ مُقَامَهَا
- هَلْ مَسْكَةٌ فِي البُعْدِ للْحَوْبَاءِ
يكمل الشاعر طرح أسئلته فيقول هل تستطيع الغربة أن تجبر النفس على المكوث في مقامها وإن استطاعت ذلك، هل تقدر أن تمسك النفس على عدم التفكير بمحبوبته.
- عَبَثٌ طَوَافِي فِي الْبِلاَدِ وَعِلَّةٌ
- فِي عِلَّةٍ مَنْفَايَ لاِسْتشْفَاءِ
بعد طرح الشاعر الأسئلة حول كون الغربة دواءً لمرضه، يجيب عن هذه الأسئلة فيقول أن الغربة لا جدوى منها، لم تزده إلّا مرضًا فوق أمراضه.
- شاكٍ إِلى البَحْرِ اضْطَرابَ خَوَاطِرِي
- فَيُجِيبُنِي بِرِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ
يشكو الشاعر هنا ما به من ألم واضطراب إلى البحر أنها كالمشاعر المضطربة أمواجه.
- ثاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمَّ وَلَيْتَ لِي
- قَلْباً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ
هنا يخبرنا الشاعر عن حالته بأنه جالسٌ على صخرةٍ صمّاء، متيقنًا يغدو قلبه مثل هذه الصخرة ليقتل كل المشاعر التي يختزلها.
- يا لَلْغُرُوبِ وَمَا بِهِ مِنْ عَبْرَةٍ
- للِمْسْتَهَامِ وَعِبْرَةٍ لِلرَّائي
يتحدث الشاعر عن مشهد الغروب وما يقدمه هذا المشهد من موعظة تتمثل في أن مصير الوجود إلى زوال، ويتحدث عن نهاية الأشياء.
- وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالنَّهَارُ مُوَدِّعٌ
- وَالْقَلْبُ بَيْنَ مَهَابَةٍ وَرَجَاء
في مشهد الغروب يتذكر الشاعر محبوبته وقلبه ينبض بين الخوف والرجاء، فالشاعر هنا في حالة من اليأس والأمل.
- وَكأَنَّنِي آنَسْتُ يَوْمِيَ زَائِلاً
- فَرَأَيْتُ فِي المِرْآةِ كَيْفَ مَسَائي
يختم الشاعر القصيدة بعد مشهد الغروب، فيقول بعد أن شاهدت غروب الشمس وزوالها نظرت إلى المرآة فعلمتُ كيف تكون نهايتي.
معاني قصيدة المساء لخليل مطران
فيما يلي مجموعة من المعاني والمفردات الصعبة في قصيدة المساء للشاعر خليل مطران:
المفردة | معنى المفردة |
ألمَّ | أصابَ |
صبوتي | شوقي وحنيني |
بُرحائي | شدّتي |
الصبابة | حرارة الشوق |
الجوى | شدة الحب |
غِلالة | الثوب الرقيق |
رَثَّت | بليت |
تَنَهُّدٍ | النفس الخارج من شدة الألم |
الصُعداء | الزفير |
الكدر | الحزن |
منيتي | ما يتمنى (المحبوبة) |
نُضوبُ | جفاف |
حشاشتي | القلب |
ذكائي | عقلي |
التعلة | التسلي |
الحوباء | النفس |
الهوجاء | المضطربة |
المستهام | العاشق |
مهابة | خوف |
الفكرة العامة لقصيدة المساء
احتوت قصيدة المساء على العديد من النقاط التي تحدد وبشكل أساسي الفكرة العامة التي تدور حولها القصيدة، وهي كالتالي:
- الأسباب التي دفعته للغربة والنتائج التي لمسها الشاعر بعد غربته، بدءًا من نصح أصدقائه له بالمغادرة من أجل الراحة من عذاباته، وصولًا إلى قناعته بأن الغربة لم تُفده في أي شيء.
- شارك الشاعر العناصر الطبيعية المتعددة مثل؛ البحر وكل ما يحيط به من صخور وأمواج وأفق حزين ومساء، ورياح.
- جعل الشاعر من الطبيعة مرآةً تعكس كافة آلامه وأشجانه، فقد جسد فيها كل مشاعره ويظهر ذلك واضحًا من خلال الأبيات.
- تشابه مشهد الغروب مع الفراق والوداع وذكرياته السابقة مع الحبيبة التي فارقته.
- شعوره باقتراب النهاية الحزينة مع اقتراب المساء وإلقائه لظلاله الحزينة على المكان.
الصور التعبيرية في قصيدة المساء
تحتوي قصيدة المساء على مجموعة من الصور التعبيرية الجميلة نوجزها فيما يلي:
- "شاكٍ إِلى البَحْرِ اضْطَرابَ خَوَاطِرِي": استعارة مكنية إذ يصور الشاعر البحر بالصديق الذي يبثه شكواه.
- "في غُرْبَةٍ قَالوا تَكُونُ دَوَائِي": في البيت السابع يشبه الشاعر الإسكندرية بالغربة، وهي استعارة تصريحية .
- "أَيُلَطَّف النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ": في البيت الثامن استعارة مكنية، وقد صور الهواء الطيب بدواء يشفي الأجساد من المرض.
- (أقمتُ-غربة) (علة-استشفاء): بينهما طباق.
- (إن يشف هذا الجسم طيب هوائها): يوجد في البيت إيجاز بحذف جواب الشرط، وفي ذلك دلالة على شكه في الشفاء.
- "اضطراب خواطري": كناية عن الحيرة والقلق.
- "يجيبني برياحه الهوجاء": في البيت الحادي عشر شبه الشاعر البحر بالإنسان المضطرب وهي استعارة مكنية.
- (عَبرة- عِبرة): جناس ناقص .
- (النهار مودع): استعارة مكنية.
- (وَالْقَلْبُ بَيْنَ مَهَابَةٍ وَرَجَاء): كناية عن الاضطراب والحيرة.
- "مهابة ورجاء": طباق.