علاج الإسهال
علاج الإسهال
يُشفى المصاب بالإسهال (Diarrhea) خلال وقت قصير من تلقاء نفسه في العادة دون الحصول على علاج دوائي، ولكن في بعض الحالات قد يحتاج المصاب للحصول على علاجات دوائية لحالته، خاصة إذا لم يتحسن أو ازدادت أعراضه سوءاً مع مرور الوقت، ومن الأمور المفيدة في وقف الإسهال أو تخفيف أعراضه ومنع تفاقمها: تعديل النظام الغذائي والإكثار من شرب السوائل والمحاليل الفموية لتعويض السوائل المفقودة، كما يمكن الحصول على أدوية لإيقاف الإسهال وتخفيفه، بالإضافة للأدوية التي يصفها الطبيب لعلاج المرض أو الاضطراب الذي أدى للإصابة بالإسهال، ويعتمد العلاج المناسب للإسهال على العديد من العوامل، منها شدة الإسهال، وطبيعة الأعراض المصاحبة له، وعمر المريض وصحته العامة:
تعويض السوائل
يبدأ علاج الإسهال بتعويض السوائل التي يفقدها الجسم نتيجة للإسهال لوقاية المصاب من الجفاف أو علاجه في حال حدوثه، خاصةً في الحالات التي يُرافقها خروج كمياتٍ كبيرةٍ من البراز المائي؛ وفي هذا السياق ينبغي التأكيد على أنّ تعويض السوائل المفقودة لا يمكنه إيقاف الإسهال، ولا يعالج مسبب الإسهال، ولكنّه يُستخدم فقط للعلاج أو الوقاية من الجفاف عن طريق تعويض الجسم بالسوائل والأملاح المفقودة.
ويمكن القول بشكل عام أنّ تعويض السوائل ممكن من خلال زيادة استهلاك الفرد للسوائل المختلفة مثل: الماء والعصائر، أو الحصول على محاليل الإمهاء الفموي "محاليل الجفاف" (Oral rehydration therapy) واختصاراً ORS من الصيدليّات؛ وهي محاليل محضرة بحيث تحتوي على نسبة مدروسة ومتوازنة تغطي حاجة المصاب من الماء، والسكر، والأملاح التي يفقدها خلال الإسهال، وبذلك تُعدّ خياراً أفضل من الاكتفاء بشرب السوائل المعتادة خاصة للأطفال،
تجدر الإشارة إلى أنّ حجم المحلول المستخدم في تعويض السوائل المفقودة من الجسم يعتمد على مدى شدة الجفاف الذي يُعاني منه المُصاب؛ إذا يحتاج المُصاب الذي تظهر عليه أعراض الجفاف بشكلٍ واضحٍ أو الذي يُخرج برازاً مائياً باستمرار لكمياتٍ أكبر من هذا المحلول مقارنةً بالمُصاب الذي لا تظهر عليه أعراض الجفاف بشكلٍ واضح أو الذي يُخرج بمعدل أقل تكرار، وعادةً ما تُنصح الأمهات بالاستمرار في إرضاع الطفل حتى خلال فترة إعطائه المحلول، فيما يُنصح بتقديم كمياتٍ من الماء الأطفال والبالغون بالقدر الذي يرغبون فيه أثناء فترة علاجهم بهذا المحلول.
وفي حال تقيأ المُصاب أثناء العلاج، فإنّه يُنصح بإيقافه لمدة عشر دقائق، ومن ثمّ استكمال إعطائه المحلول ولكن بكميات أقل، وكما أشرنا سابقاً، فإنّ محاليل الإمهاء الفموي آمنة جداً؛ ويُمكن إعطاؤها للنساء الحوامل والمرضعات، وفيما يخص مدة استمرار المعالجة بالإمهاء الفموي، فإنّه يبنغي الاستمرار في إعطاء المحلول طالما لا يزال المُصاب يُعاني من أعراض الإسهال والجفاف، ولكن في حال كان الجفاف شديداً جداً تنبغي مراجعة الطبيب أو الطوارىء على الفور لتلقي العلاج التعويضيّ للسوائل عن طريق الوريد.
مضادات الإسهال
تشمل مضادات الإسهال (Antidiarrheals) الأدوية المُعطاة لإيقاف الإسهال والتخفيف من أعراضه، كالحاجة المُلّحة للتبرز أو التبرز المتكرر، دون علاج الأسباب الكامنة وراء الإصابة به، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّه لا يُنصح باستخدام مضادات الإسهال إذا كان سبب الإسهال عدوى بكتيرية أو طفيلية إذ يساعد التبرز المتكرر الجسم على إخراج مسببات العدوى هذه من الجسم، وفي سياق الحديث عن مضادات الإسهال ينبغي القول أنّها توقف الإسهال أو تخفف من شدته بأكثر من طريقة؛ فبعضها يُقلّل من حركة الأمعاء، ممّا يُفسح المجال لامتصاص الجسم كمياتٍ أكبر من الماء عبرها؛ وبالتالي تزداد صلابة البراز، وبعضها يزيد حجم البراز من خلال إضافة بعض المواد الشبيهة بالألياف إليه، وفيما يأتي بيانٌ لأهم هذه المضادات مع شيءٍ من التفصيل:
- لوبراميد: يتمثل مبدأ عمل اللوبراميد (Loperamide) في إبطاء حركة الأمعاء، ممّا يُقلّل من سيولة البراز وعدد مرات الإخراج، وعادةً ما يُستخدم هذا الدواء في علاج الإسهال المفاجىء، والسيطرة على الإسهال المستمر الناجم عن أمراض الأمعاء الالتهابية، وعادةً ما يُؤخد اللوبراميد عن طريق الفم بعد كل عملية إخراج للبراز أو حسب إرشادات الطبيب، ويعتمد الطبيب في تحديد الجرعة الأنسب للبالغين على الوضع الصحي للمُصاب استجابته للعلاج، في حين يعتمد في تحديد الجرعة الأنسب للأطفال على عمر الطفل ووزنه،
- بسموث سبساليسيلات: يتمثل مبدأ عمل بسموث سبساليسيلات (Bismuth subsalicylate) كمضاد للإسهال في تحقيق التوازن في حركة السوائل في الأمعاء، وتخفيف الالتهاب،، ومن الجدير بالذكر أنّ بسموث سبساليسيلات يُمكن استخدامه في علاج حُرقة المعدة، واضطراب المعدة، والغثيان، ويتوفّر بسموث سبساليسيلات على شكل أقراصٍ للبلع، أو أقراصٍ قابلةٍ للمضغ، أو سائل، تُؤخد مع أو بدون الطعام،
علاج المسبب
تُشفى معظم حالات الإسهال من تلقاء نفسها كما أسلفنا، ودون حاجة لعلاج المسبب، ولكن إذا استمر الإسهال ولم يتحسن مع الوقت، وتسبب بأعراض شديدة، ولم تجدِ الخيارات الدوائية السابقة وتعديل النظام الغذائي في إيقافه فتنبغي مراجعة الطبيب لتحديد سبب الإسهال وعلاجه بشكل مناسب، وفيما يلي بيان لبعض من مسببات الإسهال وكيفية علاجها:
- العدوى الميكروبية: قد يلجأ الطبيب إلى مضادات الميكروبات (Antimicrobial) مثل: المضادات الحيوية والمضادات الطفيلية في علاج الإسهال الناجم عن الإصابة بالعدوى البكتيرية والطفيلية،، وفي هذا السياق تنبغي الإشارة إلى أنّ اختيار الطبيب لنوع المضاد الميكروبي ومدة العلاج يعتمد على النوع المحدد لمسبب العدوى، وإضافة لذلك تجدر الإشارة إلى أنّ المضادات الحيوية لا تُعطى كعلاجٍ للإسهال الحاد الناجم عن الإصابة بالعدوى الفيروسية والتي تشكل غالبية حالات الإسهال؛ نظراً لأنّ المصاب يشفى منها من تلقاء ذاته ولأنّ المضادات الحيوية لا تفيد في مكافحة الفيروسات.
- الأمراض المزمنة: وتتضمن ما يأتي:
- داء الأمعاء الالتهابي، والذي يشمل عدّة أمراض تُسبّب التهاباتٍ في القناة الهضمية، أكثرها شيوعاً داء كرون (Crohn's disease)، والتهاب القولون التّقرحيّ (Ulcerative colitis)، ويُعدّ الإسهال المزمن أحد الأعراض الشائعة بين المصابين بداء الأمعاء الالتهابي، ويُعالج الإسهال لدى هؤلاء المرضى باستخدام أدوية خاصة يصفها الطبيب لعلاج الالتهابات في القناة الهضمية، وهناك العديد من الخيارات العلاجية التي قد يصفها الطبيب لعلاج هذه الأمراض.
- القولون العصبي (Irritable Bowel Syndrome)، وهو اضطرابٌ يتمثل بمعاناة الفرد من مجموعة من الأعراض بشكل مستمر، مثل: الانتفاخ، والنوبات المتكررة من الإسهال و/أو الإمساك، ويتم التحكم بأعراض القولون العصبي من خلال تعديل نمط النظام الغذائي، والسيطرة على التوتر، واستخدام بعض العلاجات الدوائية.
- داء سيلياك (Celiac disease)، وهو من الأمراض الهضمية الشائعة التي تُصيب الأمعاء الدقيقة فتؤدي إلى التهابها والحدّ من قدرتها على امتصاص المواد الغذائية، والذي ينجم عن تناول المنتجات الغذائية المحتوية على الجلوتين مثل: القمح والشعير، ويُنصح المرضى المصابون به بتناول الأغذية الخالية من الجلوتين للتخفيف من اعراضه والتّحكم بها.
- الإسهال الناجم عن استخدام بعض الأدوية: فقد يظهر الإسهال دون أن يرتبط بمرض أو مشكلة صحية معينة بل كأحد الأعراض الجانبية للعديد من الأدوية، كبعض المضادات الحيوية، وأدوية السرطان، ومضادات الحموضة (Antacids) التي تحتوي على عنصر المغنيسيوم، وفي هذه الحالة تنبغي استشارة الطبيب حول الحلّ المناسب سواء كان ذلك باستبدال الدواء، أو الصبر لعدة أيام حتى يزول الإسهال من تلقاء ذاته، أو وصف دواء لإيقاف الإسهال.
- الإسهال الناجم عن العلاج بالأشعة: (Radiation therapy)، قد يؤدي العلاج بالأشعة إلى إلحاق الضرر بالأنسجة الطبيعية الواقعة في الجزء المتعرّض لها؛ مما يعني أنّ تضرّر الأمعاء بفعل الأشعة إذا تعرّضت لها قد يؤدي إلى الإصابة بالإسهال المزمن، ولأنّ هذا الضرر يستمر لفتراتٍ طويلة، فإنّ الطبيب قد ينصح باتباع نظام غذائي يُخفف من اعراض الإسهال، وقد يصف بعض العلاجات لذلك.
تغيير النمط الغذائي
يُنصح الأشخاص المُصابون بالإسهال باتباع الحمية منخفضة الألياف ( BRAT diet) التي تشتمل على الموز الغني بالبوتاسيوم، والأرز، والخبز المحمص أو التوست؛ حيث تُساهم هذه الحمية في جعل البراز أكثر صلابة، ومن الأغذية الأخرى التي يُمكن تناولها خلال فترة الإصابة بالإسهال البطاطا المسلوقة أو المطبوخة، والدجاج المطبوخ منزوع الجلد، والشوفان .، إضافةً إلى ذلك، يُمكن اتباع العديد من الإرشادات والنصائح العامة للتخفيف من أعراض الإسهال وتقليل مدته، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز هذه العلاجات:
- الإكثار من شرب الماء والسوائل؛ للتخفيف من الجفاف وترطيب الجسم، ويمكن للمُصاب صنع محلول إمهاء فموي في المنزل من خلال إضافة نصف ملعقةٍ من الملح وستّ ملاعقٍ من السُّكر إلى لتر من الماء؛ لصنع محلولٍ فمويٍّ منزليٍّ لتعويض سوائل الجسم المفقودة؛ حيث يُساهم كُلّاً من السُّكر والملح في زيادة قدرة الأمعاء على امتصاص السوائل بشكلٍ أكثر فعاليةً مقارنةً بالماء وحده.
- تجنّب المشروبات التي قد تزيد من تهيّج الجهاز الهضمي، كالمشروبات المحتوية على الكافيين، والمشروبات الغازية ، والمشروبات الساخنة جداً، والكحول.
- تجنّب تناول بعض المأكولات، كالأطعمة الغنيّة بالدهون، والحارّة، والمحتوية على المُحليّات الصناعية، والمحتوية على كمياتٍ كبيرةٍ من الفركتوز.
- تجربة البروبيوتيك (Probiotic)؛ وهي سلائل من البكتيريا النافعة، والتي يمكن أن تساعد على إعادة التوازن للبكتيريا المفيدة في الأمعاء، ويجدر بالذكر أنّ فاعلية البروبيوتيك في علاج الإسهال بشكل سريع غير مثبتة بشكل قطعي علمياً، لكنّها تستحق التجربة، وتتوفر البروبيوتيك على هيئة مُكمّلات يمكن الحصول عليها من الصيدلية، كما يمكن الحصول عليها من بعض أنواع الطعام مثل: اللبن.
مراجعة الطبيب
يُمكن بيان الأعراض والعلامات التي تستدعي مراجعة الطبيب وفقاً للفئة العمرية للمصاب الآتي:
لدى الأطفال من المصابين بالإسهال
يجدر على الآباء مراجعة الطبيب إذا كان الطفل يُعاني مما يأتي:
- عدم وجود أيّ تحسّنٍ ملحوظٍ في أعراض الإسهال بعد مرور 24 ساعة.
- جفاف حفاظ الطفل لمدة ثلاث ساعاتٍ أو أكثر.
- إصابة الطفل بالحُمّى.
- تغير لون البراز إلى الأسود أو وجود دمٍ فيه.
- ظهور أعراض وعلامات الجفاف على الطفل مثل:
- جفاف فم الطفل أو لسانه.
- البكاء دون ذرف الدموع.
- فقدان الجلد لمرونته ورطوبته المعتادة.
- ظهور البطن أو العينين أو الخدَّين بشكل غائر.
- الشعور بالنعاس، أو الكسل، أو التهيّج، أو عدم الاستجابة على غير العادة.
- عدم التبوّل أو تبليل الحفاظ لمدة 4-6 ساعات متتالية للرضع والأطفال الصغار، ولمدة 6-8 ساعات متتالية للأطفال الأكبر سناً.
لدى البالغين من المصابين بالإسهال
حيث يُنصح بمراجعة الطبيب في حال ظهور أيّ من العلامات الآتية:
- استمرار الإسهال لمدة تزيد عن يومين دون تحسّن.
- ألمٍ شديدٍ في البطن أو منطقة الشرج.
- وجود دمٍ في البراز أو تغيّر لونه للأسود.
- ارتفاع درجة حرارة الجسم عن 39 درجة مئوية.
- ظهور أعراض وعلامات الجفاف، ويُمكن معرفة ذلك من خلال الأعراض التالية، كجفاف الجلد ، والعطش الشديد، والدوخة أو الإعياء، وقلّة أو انعدام التبول.