دور المؤسسات الدينية في تحقيق الأمن الاجتماعي
دور المؤسسات الدينية في تحقيق الأمن الاجتماعي
يُعدُّ الأمن الاجتماعي أمراً مهماً في بناء الحياة الإنسانيّة وتحقيق معالم الاستخلاف الربّاني واستكمال مسيرة العمران لأداء الأمانة، وتظلّ المؤسسات الدينية صاحبة السّبق في السعي لتحقيق الأمن الاجتماعي.
مفهوم الأمن الاجتماعي وأهميته
يُعرّف مفهوم الأمن الاجتماعي بأنه: الاستعداد والأمان بحفظ الضرورات الخمس من أيِّ عدوان عليها، إنّ القضية الأساسية في حياة الإنسان هي شعوره بالاستقرار والأمان وتبرز هذه القضية في قوله -تعالى-: (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ).
ويقوم الأمن الاجتماعي على ركيزتين هما؛ وجود الغذاء لبقاء الاستقرار والأمن من الفزع، للانطلاق في خدمة مجتمعه وأمته، ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من أصبح معافىً في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا)، وبناءً على ما تقدّم فإنّ الأمن الاجتماعي يوفر للفرد مستلزمات الأمن الغذائي والصحي والحفاظ عليه من الأخطار والأزمات والكوارث الطبيعية.
دور المؤسسات الدينية في الأمن الاجتماعي
المؤسسات الدينية التي تُعنى بتعزيز الأمن الاجتماعي متعدّدة، ولا يخفى أنّ أهمّها المساجد، حيث يلتقي فيه المسلمون خمس مراتٍ يومياً، وتوفّر لهم هذه اللقاءات فرصةً للتشاور حول تعزيز قيَم الأمن مثلما يتلقّوْن توجيهاتٍ ومواعظ من الأئمة وأهل العلم، كما تعدّ المؤسسات الدينية الرسمية في العالم الإسلامي صاحبة رسالةٍ في تعزيز قيَم الأمن المجتمعي.
دور المساجد في الأمن الاجتماعي
يبرز دور هذه المؤسسات في تهذيب السلوك، وتنمية الشعور بالمسؤولية، ويقظة الضمير، والسعي لتقريب المسافات بين الناس، ومن المفترض أن تقوم هذه المؤسسات على تقريب التواصل بين النّاس ومعالم الاجتماع الآمن في تجمّعاتهم، ولهذا يغلب على مؤسسة المسجد تذويب الفوارق العنصرية سواء أكان ذلك في جانب اللون أو الجنس أو العرق أو الطبقة الاجتماعية أو الاقتصادية.
ويتجلّى دور المسجد أيضاً بما يأتي:
- تزكية الأفراد وتهذيبهم وموعظتهم بالحُسنى تجاه العمل الرشيد والقول السديد والتعايش السليم الآمن؛ فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وهناك الكثير من الأحاديث التي تدعو المسلم إلى احترام الأهل، و طاعة الوالدين وتقديرهم، واحترام الجار، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه).
- توعية الأفراد بضرورة إفشاء السلام لنشر روح المحبة والسلام، والرد على السلام بأحسن منه أو بالمثل، فضلاً عن تحقيق معالم التعارف السمة الأبرز من جعل الناس أُمماً وشعوباً وقبائل، وهذا واضح في قوله -تعالى-: (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).
- توجيه المجتمع إلى عدم إهمال الكفارات وعدم إغفاله عن استحقاقاته الدينية عند التقصير في أداء واجباته الدينية والتي تتوجه نحو تحقيق استقرار المجتمع وأمانه.
المؤسسات الدعوية الرسمية
تعدّ قضية الأمن المجتمعي قضيةً مركزيّة للمؤسسات الدعوية الرسمية في العالم الإسلامي، مثل: وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية، ودوائر ومجامع الإفتاء، والمراكز الإسلامية، ودور تحفيظ القرآن، وذلك عبر أنشطتها المتعدّدة التي تسعى من خلالها إلى ترسيخ قيم الفضيلة بين أبناء المجتمع ذكوراً وإناثاً، صغاراً وكباراً.
المؤسسات الاستثمارية
إنّ لمؤسسات بيت المال والزكاة والوقف دوراً مهماً في التعليم، والصحة، وتشغيل الأيدي العاملة، و مكافحة البطالة ، ولهذا فإن التعاون بين أفراد المجتمع يحقّق معالم أمنه وأمانه، ولعلّ أبرز المؤسسات الراعية لهذه القيمة ما يأتي:
- مؤسسة الزكاة
تأتي مؤسسة الزكاة لتوجب حقاً من مال الغني للفقير وصوناً لكرامته وتحقيقا لمعالم عزته، فإنها تعصم الفقير من الانحراف في سلوكه نحو الجريمة وآثارها وكلفتها على المجتمع والدولة، وبهذا يمكن أن تؤتي الزكاة ثمراتها في تحقيق معالم التزكية والتنمية وصولاً إلى حياة السلام والاستقرار، ومن ثم تحقيق معالم العمران والاستخلاف والأمانة الكبرى في الأرض.
- مؤسسة الوقف
تُعنى بشكل كبير في تحقيق معالم الاستثمار، وما لها من دور في تشغيل البطالة وتحقيق معالم التنمية من خلال الاستثمار في جوانب شتى كالتعليم والصحة والزراعة وغيرها مما يعود على المجتمعات بالنفع المادي والمعنوي لتحقيق أمنه الاجتماعي.