شرح قصيدة المتنبي: عيد بأية حال عدت يا عيد
نص قصيدة المتنبي: عيد بأية حال عدت يا عيد
يقول المتنبي في هذه القصيدة:
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
- بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ
- فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ
لَولا العُلى لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها
- وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ
وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً
- أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ
لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي
- شَيءً تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جيدُ
يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما
- أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ
أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني
- هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ
إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً
- وَجَدتُها وَحَبيبُ النَفسِ مَفقودُ
ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُ
- أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ
أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِناً وَيَداً
- أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ
إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ
- عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ
جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ
- مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ
ما يَقبِضُ المَوتُ نَفساً مِن نُفوسِهِمُ
- إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ
مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ
- لا في الرِجالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ
أَكُلَّما اِغتالَ عَبدُ السوءِ سَيِّدَهُ
- أَو خانَهُ فَلَهُ في مِصرَ تَمهيدُ
صارَ الخَصِيُّ إِمامَ الآبِقينَ بِها
- فَالحُرُّ مُستَعبَدٌ وَالعَبدُ مَعبودُ
نامَت نَواطيرُ مِصرٍ عَن ثَعالِبِها
- فَقَد بَشِمنَ وَما تَفنى العَناقيدُ
العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ
- لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ
لا تَشتَرِ العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ
- إِنَّ العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ
ما كُنتُ أَحسَبُني أَحيا إِلى زَمَنٍ
- يُسيءُ بي فيهِ كَلبٌ وَهوَ مَحمودُ
وَلا تَوَهَّمتُ أَنَّ الناسَ قَد فُقِدوا
- وَأَنَّ مِثلَ أَبي البَيضاءِ مَوجودُ
وَأَنَّ ذا الأَسوَدَ المَثقوبَ مِشفَرُهُ
- تُطيعُهُ ذي العَضاريطُ الرَعاديدُ
جَوعانُ يَأكُلُ مِن زادي وَيُمسِكُني
- لِكَي يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقصودُ
إِنَّ اِمرَأً أَمَةٌ حُبلى تُدَبِّرُهُ
- لَمُستَضامٌ سَخينُ العَينِ مَفؤودُ
وَيلُمِّها خُطَّةً وَيلُمِّ قابِلِها
- لِمِثلِها خُلِقَ المَهرِيَّةُ القودُ
وَعِندَها لَذَّ طَعمَ المَوتِ شارِبُهُ
- إِنَّ المَنِيَّةَ عِندَ الذُلِّ قِنديدُ
مَن عَلَّمَ الأَسوَدَ المَخصِيَّ مَكرُمَةً
- أَقَومُهُ البيضُ أَم آبائُهُ الصيدُ
أَم أُذنُهُ في يَدِ النَخّاسِ دامِيَةً
- أَم قَدرُهُ وَهوَ بِالفَلسَينِ مَردودُ
أَولى اللِئامِ كُوَيفيرٌ بِمَعذِرَةٍ
- في كُلِّ لُؤمٍ وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ
وَذاكَ أَنَّ الفُحولَ البيضَ عاجِزَةٌ
- عَنِ الجَميلِ فَكَيفَ الخِصيَةُ السودُ
الأفكار الرئيسة في القصيدة
لقد احتوت قصيدة المتنبي السابقة على عدد من الأفكار الرئيسة يمكن إجمالها فيما يلي:
- الشكوى من الدهر والأيّام وما جرّته عليه من آلام ومشكلات.
- وصْف رحلته والناقة التي تحمله.
- حديث الشاعر عن لواعج نفسه وما يدور فيه ذهنه.
- الشاعر صار مجرَّدًا من المشاعر والأحاسيس فلم تعد تؤثِّر به الخمر ولا غيرها.
- تعجّب الشاعر من حال الحاسدين له على ما هو فيه من ضيق وهم.
- هجاء كافور الإخشيدي والنفر الذين معه ووصفهم بأبشع الصفات من الكذب والبخل والجبن ونحو ذلك.
- وصْف الموت بأنّه يشمئز وهو يخطف أرواح جنود كافور فهم ليسوا رجالًا ولا نساء كما يرى هو.
- وصْف كافور الإخشيدي بأنّه عبد أسود اللون تتحكم به النساء وأنّه قد قتل سيده ليحكم مصر.
- هجاء كافور مع قومه والافتخار بقوم المتنبي.
معاني مفردات القصيدة
من أبرز المفردات التي تتطلب تبيين معانيها في قصيدة المتنبي:المفردة | معنى المفردة |
البيداء | البيداء هي الفلاة أو الصحراء. |
وجناء | الوجناء من النوق هي العظيمة الخلق الغليظة لحم الوجنة. |
قيدود | القيدود الفرس طويلة العنق. |
الغيد | جمع غادة وهي المرأة اللينة الناعمة. |
المُدام | المُدام اسم من أسماء الخمر. |
الآبقين | جمع آبق وهو العبد الهارب من سيده. |
الصور الفنية في القصيدة
من أبرز الصور الفنية في قصيدة المتنبي ما يأتي:
- لا تُحَرِّكُني هَذي المُدامُ
شبّه الخمر بالإنسان الذي يُحرِّك غيره، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- طَعمَ المَوتِ
شبّه الموت بطعام له نكهة وطَعم، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- المَنِيَّةَ عِندَ الذُلِّ قِنديدُ
شبّه الموت بالخمر المرغوب، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.