شرح قصيدة البردة لكعب بن زهير
شرح قصيدة البردة لكعب بن زهير
وفيما يأتي شرح لأبرز الأفكار الرئيسية في قصيدة البردة:
ذكر البين والبعد عن المرأة التي أحبها
قال كعب بن زهير :
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُجزَ مَكبولُ
وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا
- إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ
هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
- لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت
- كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ
يبدأ كعب بن زهير بقصيدته في وصف المرأة التي يهواها على عادة العرب في أشعارهم، ويأتي على ذكر سعاد، ويبدأ بوصف مواضع الجمال منها وكأنّها لمّا ابتعد صار قلبه أسيرًا لا يفديه أحد، فهي مثل الغزال في قوامها، وأمّا فمها فله ريح المسك العبق.
الاعتذار من الرسول صلى الله عليه وسلم
قال كعب بن زهير:
أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني
- وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ ال
- قُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ
لا تَأَخُذَنّي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم
- أُذِنب وَلَو كَثُرَت عَنّي الأَقاويلُ
يدخل الشاعر إلى الغرض الرئيس من قصيدته وهو الاعتذار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن هدر النبي عليه الصلاة والسلام دمه، ويتأمل العفو من النبي عليه الصلاة والسلام، ويضيف أنّ ما سمعه النبي عليه الصلاة والسلام عنه كان من الوشاة ولا أصل له.
وصف الحالة التي يعاني منها
قال كعب بن زهير:
لَقَد أَقومُ مَقاماً لَو يَقومُ بِهِ
- أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ
لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ
- مِنَ الرَسولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ
ما زلت أَقتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعاً
- جُنحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ
حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ
- في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ
يبين كعب بن زهير للرسول صلى الله عليه وسلم شدة الموقف الذي هو فيه، واختار لذلك الفيل وهو أشد الحيوانات ثباتًا ولو كان في موقفه لصار يرتعد من شدة الخوف، ولا أمان إلا لمن يُعطيه النبي عليه الصلاة والسلام الأمان، وقد كان ينعم ابن كعب بالأمان ويقطع الفيافي بالظلام لكن قبل أن يهدر النبي دمه وذلك جراء الوشاة.
وصف الرسول صلى الله عليه وسلم وهيبته
قال كعب بن زهير:
لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ
- وَقيلَ إِنَّكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ
مِن ضَيغَمٍ مِن ضِراءَ الأُسدِ مُخدِرَةً
- بِبَطنِ عَثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ
يَغدو فَيَلحَمُ ضِرغامَين عَيشُهُما
- لَحمٌ مِنَ القَومِ مَعفورٌ خَراذيلُ
إنّ هيبة النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من الأسد الذي يخافه الجميع، والذي يقتطع لحمًا من النّاس فلا يجرؤ أحد على سؤاله أو محادثته.
المدح الصريح للرسول صلى الله عليه وسلم
قال كعب بن زهير:
إِنَّ الرَسولَ لَسَيفٌ يُستَضاءُ بِهِ
- مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ
في عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم
- بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا
زَالوا فَمازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ
- عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ
يبدأ الآن ب المدح الصريح لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويُخبره أنّه سيف كأنّه مصنوع من الهند لشدة جماله، ويُكمل الحديث عن دعوته لما هاجر مع أصحابه وكانوا نعم الرجال الثابتي في الحرب الأشداء في القتال المسلحين عند اللقاء.
وصف الصحابة الكرام رضوان الله عليهم
قال كعب بن زهير:
شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ
- مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ
بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ
- كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ
يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم
- ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ
لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ
- قَوماً وَلَيسوا مَجازيعاً إِذا نيلوا
لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ
- ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ
يُكمل كعب بن زهير مدحه ل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويصفهم بأنّهم أصحاب الهمة كأنّهم الجبل الأشم لا يهابون المعارك يمشون إليها مشية الوقاء ولا يفرحون إذا نالوا من عدوهم ولا يخافون لو نال العدو منهم، ويتلقون الرماح في نحورهم أي لا يفرون فيتلقونها في ظهورهم، فهم أصحاب المنعة والرفعة.
شرح المفردات في قصيدة البردة
وردت في القصيدة مجموعة من المفردات التي لا بدّ من شرحها وهي:
المفردة | المعنى |
عرانين | الفرد منها هو عرنين ومعناه الأنف. |
مَسبورٌ | أي صاحب الهيئة اللطيفة والحسنة. |
الضيغم | أي الأسد صاحب العضة الشديدة. |
القَفعاءِ | واحدة من أنواع النباتات التي يكون لحشيشها حلق مثل حلق الخواتم. |
مجازيعًا | أي ليسوا أقوامًا يخافون إذا مسهم ضرر. |