شرح قصيدة أبي العتاهية (قطعت منك حبائل الآمال)
شرح قصيدة أبي العتاهية (قطعت منك حبائل الآمال)
قَطَّعتُ مِنكَ حَبائِلَ الآمالِ
- وَحَطَطتُ عَن ظَهرِ المَطِيِّ رِحالي
وَيَئِستُ أَن أَبقى لِشَيءٍ نِلتُ مِم
- ما فيكِ يا دُنيا وَأَن يَبقى لي
وَوَجَدتُ بَردَ اليَأسِ بَينَ جَوانِحي
- وَأَرَحتُ مِن حَلّي وَمِن تَرحالي
وَلَئِن طَمِعتُ لِرُبَّ بَرقَةِ خُلَّبٍ
- بَرَقَت لِذي طَمَعٍ وَلَمعَةِ آلِ
يبدأ الشاعر حديثه عن علاقته في الدنيا، وأنّ لا شيء يجمعهما الآن، وأنه لم يعد يرى منها أي شيء، وإن حدثته نفسه وطمع في شيء ما فإنّ ذلك محض انبهار سرعان ما يزول وينتهي
ما كانَ أَشأَمَ إِذ رَجاؤكِ قاتِلي
- وَبَناتُ وَعدِكَ يَعتَلِجنَ بِبالي
الآنَ يا دُنيا عَرَفتُكِ فَاِذهَبي
- يا دارَ كُلِّ تَشَتُّتٍ وَزَوالِ
وَالآنَ صارَ لي الزَمانُ مُؤَدَّباً
- فَغَدا عَلَيَّ وَراحَ بِالأَمثالِ
وَالآنَ أَبصَرتُ السَبيلَ إِلى الهُدى
- وَتَفَرَّغَت هِمَمي عَنِ الأَشغالِ
يقول الشاعر إنّ وعود الدنيا قد أوشكت على قتله وإلحاق الألم والضرر به، لذلك فإنّه هجر الوعود وهجر كل مغرياتها، وقد أدّبه الزمان عن مثل ذلك وصار الآن لا يُبصر سوى الطريق المستقيم.
وَلَقَد أَقامَ لِيَ المَشيبُ نُعاتَهُ
- يُفضي إِلَيَّ بِمَفرَقٍ وَقَذالِ
وَلَقَد رَأَيتُ المَوتَ يَبرُقُ سَيفُهُ
- بِيَدِ المَنِيَّةِ حَيثُ كُنتُ حِيالي
وَلَقَد رَأَيتُ عُرى الحَياةِ تَخَرَّمَت
- وَلَقَد تَصَدّى الوارِثونَ لِمالي
وَلَقَد رَأَيتُ عَلى الفَناءِ أَدِلَّةً
- فيما تَنَكَّرَ مِن تَصَرُّفِ حالي
الآن يبدأ الشاعر الحديث عن الأمور التي تنذره بالموت، وخير مُنذر هو ذلك الشيب الذي يخط العارضين ومفرق الرأس، وبِدء الوارثون انتظار موته، وذلك كله إنذار بالفناء.
وَإِذا اِعتَبَرتُ رَأَيتُ حَطَّ حَوادِثٍ
- يَجرينَ بِالأَرزاقِ وَالآجالِ
وَإِذا تَناسَبَتِ الرِجالُ فَما أَرى
- نَسَباً يُقاسُ بِصالِحِ الأَعمالِ
وَإِذا بَحَثتُ عَنِ التَقِيِّ وَجَدتُهُ
- رَجُلاً يُصَدِّقُ قَولَهُ بِفِعالِ
وَإِذا اِتَّقى اللَهَ اِمرُؤٌ وَأَطاعَهُ
- فَتَراهُ بَينَ مَكارِمٍ وَمَعالِ
عَلى التَقِيِّ إِذا تَرَسَّخَ في التُقى
- تاجانِ تاجُ سَكينَةٍ وَجَلالِ
يقف أبو العتاهية الآن ويُعلن الحقيقة الأزلية أن لا فائدة تُرجى من هذه الحياة سوى الأعمال الصالحة ، ولا شيء يؤمل من الدنيا سوى تقوى الله، والإنسان الذي يعرف حدود ربه سيكون عنوانه الجلال، والجمال، والطمأنينة.
شرح المفردات في قصيدة قطعت منك حبائل الآمال
وردت في القصيدة مجموعة من المفردات التي لا بدّ من بيانها، وشرح معانيها وهي كالآتي:
المفردة | المعنى |
حَطَطتُ | أي وضعت واسترحت. |
أَشأَمَ | أي الشخص الذي يجر الشر والشؤم على غيره من الناس. |
نُعاتَهُ | أي الأشخاص الذي يأتون بخبر الموت. |
المَنِيَّةِ | هي مفرد المنايا أي الموت. |
الأفكار الرئيسة في قصيدة قطعت منك حبائل الآمال
برزت في القصيدة مجموعة من الأفكار الرئيسة التي لا بدّ من الوقوف معها وذكرها وبيانها، وهي كالآتي:
- انقطاع رجاء الشاعر من الحياة الدنيا وملذاتها.
- الراغب في الحياة الدنيا لا بدّ أن يموت في سبيل وعودها الكاذبة.
- منذرات الموت كثيرة ومنها الشيب والضعف.
- الفوز لا يكون إلا من خلال تقوى الله تبارك وتعالى.