شرح قصيدة (ناجيت قبرك)
شرح قصيدة (ناجيت قبرك)
قصيدة ناجيتُ قبركِ من القصائد الرائعة في الرثاء كتبها الشاعر محمد مهدي الجواهري في رثاء زوجته، يقول فيها:
في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أجِدُ
- أهذِهِ صَخرةٌ أمْ هذِه كبِدُ
قدْ يقتُلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُدوا
- عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِدوا
تَجري على رِسْلِها الدُنيا ويتبَعُها
- رأيٌ بتعليلِ مَجراها ومُعتقَدُ
يقول الجواهري في هذه القصيدة إنّني أترك في ذمة الله ما لاقيتُ من هذه الدنيا، ثمّ ينصرف للحديث عن كبده التي تلقى ما تلقى هل هي من لحم ودم أو هي صخرة، ثمّ يقول الجواهري ممهدًا للرثاء إنّ من يبتعد عنه أحبابه عادة يحزن عليهم حزنًا شديدًا فكيف بمن مات أحبابه، فيقول:
أعيا الفلاسفةَ الأحرارَ جهلُهمُ
- ماذا يخِّبي لهمْ في دَفَّتيهِ غدُ
طالَ التَمحْلُ واعتاصتْ حُلولُهم
- ولا تزالُ على ما كانتِ العُقَدُ
يُتابع الجواهري فيقول إنّ هذه الدنيا تجري بلا حول من الإنسان ولكنهم يحاولون تحليل كيفية هذا المسير وما يتبع ذلك من آراء وفلسفة حول الحياة والخلود وغير ذلك، ولكنّهم مهما حاولوا فإنّهم لا يقدرون على فهمها أو معرفة ماذا سيأتي في الغد، ومهما حاولوا وفكروا فلن يجدوا سبيلًا جديدًا لفهم هذه الدنيا وطريقة الحياة، وذلك بقوله:
حُييَّتِ "أُمَّ فُراتٍ" إنَّ والدة
- بمثلِ ما انجبَتْ تُكنى بما تَلِدُ
تحيَّةً لم أجِدْ من بثِّ لاعِجِها
- بُدّاً، وإنْ قامَ سدّاً بيننا اللَحدُ
إنّا إلى اللهِ! قولٌ يَستريحُ بهِ
- ويَستوي فيهِ مَن دانوا ومَن جَحدوا
ينتقل الجواهري للرثاء فيُنادي زوجته ويقول لها "أم فرات" فهذه كنيتها نسبةً لابنها الأكبر، ثمّ يبثّها تحيته التي يتمنى لو أنّها تصل وتعبر اللحد إليها، ثمّ يقول إنّ المؤمن يستريح بحقيقة أنّ كلّ الناس سيعودون لله تمثلًا بالآية القرآنية التي تقول: {إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، فيقول الجواهري إنّ الإيمان بهذه الحقيقة يستوي فيها المؤمن والكافر، فالكافر يؤمن بالموت لا محالة، والمؤمن يؤمن بالآية الكريمة، فيقول:
مُدَّي إليَّ يَداً تُمْدَدْ إليكِ يدُ
- لا بُدَّ في العيشِ أو في الموتِ نتَّحِدُ
ناجيتُ قَبرَكِ استوحي غياهِبَهُ
- عنْ حالِ ضيفٍ عليه مُعجلًا يفدُ
يتابع الجواهري فيقول لزوجته إمّا خذيني إليكِ إلى الموت وإمّا تعالي إلى الحياة فنحن اثنان لا تفرق بيننا لا الحياة ولا الموت، ثمّ يخاطبها بقوله إنّني وقفتُ على قبرك أناجيه وأسأله عن حال ضيفه الجديد الذي أتاه وهو ما يزال في ريعان شبابه، ويقصد بذلك أنّ زوجته قد ماتت شابة.
الأفكار الرئيسة في قصيدة (ناجيت قبرك)
من أهم الأفكار التي أتى عليها الجواهري في قصيدته ناجيت قبرك ما يأتي:
- الحزن قاتل الإنسان وهو على قيد الحياة.
- مسير الدنيا على الوجه المكتوب لها في علم الغيب .
- محاولات الإنسان لتفسير الحياة ومسيرة الدنيا كلها محض احتمالات قاصرة عن فهمها وإدراكها حق الإدراك.
- تحية الشاعر لزوجته وبثّ همومه لها وهي في قبرها.
- مناجاة الشاعر لقبر زوجته وسؤاله عن حالها.
معاني المفردات في قصيدة (ناجيت قبرك)
يمتاز الجواهري باختياره للمفردات الجزلة التي تحتاج لبيان كثير من معانيها، ومن ذلك ما يأتي:المفردة | معنى المفردة |
أعيا | أعيا من الإعياء وهو التعب الشديد. |
التمحّل | التمحّل مصدر الفعل تمحَّلَ بمعنى التمَسَ الحيلة. |
اعتاصت | اعتاصت بمعنى اشتدّت ولم يهتدِ الإنسان معها إلى الصواب. |
اللحد | اللحد شق في جانب القبر يوضع فيه الميت. |