شرح قصيدة: على قدر أهل العزم
نص قصيدة: على قدر أهل العزم
يقول الشاعر أبو الطيب المتنبي في مديحه لسيف الدولة الحمداني:
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
- وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
- وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ
- وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ
- وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ
- نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ
- وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها
- وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ
- فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا
- وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ
وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَت
- وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ
طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها
- عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ
تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ
- وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ
إِذا كانَ ما تَنويهِ فِعلاً مُضارِعاً
- مَضى قَبلَ أَن تُلقى عَلَيهِ الجَوازِمُ
وَكَيفَ تُرَجّي الرومُ وَالروسُ هَدمَها
- وَذا الطَعنُ آساسٌ لَها وَدَعائِمُ
وَقَد حاكَموها وَالمَنايا حَواكِمٌ
- فَما ماتَ مَظلومٌ وَلا عاشَ ظالِمُ
أَتوكَ يَجُرّونَ الحَديدَ كَأَنَّهُم
- سَرَوا بِجِيادٍ ما لَهُنَّ قَوائِمُ
إِذا بَرَقوا لَم تُعرَفِ البيضُ مِنهُمُ
- ثِيابُهُمُ مِن مِثلِها وَالعَمائِمُ
خَميسٌ بِشَرقِ الأَرضِ وَالغَربِ زَحفُهُ
- وَفي أُذُنِ الجَوزاءِ مِنهُ زَمازِمُ
تَجَمَّعَ فيهِ كُلُّ لِسنٍ وَأُمَّةٍ
- فَما تُفهِمُ الحُدّاثَ إِلّا التَراجِمُ
فَلِلَّهِ وَقتٌ ذَوَّبَ الغِشَّ نارُهُ
- فَلَم يَبقَ إِلّا صارِمٌ أَو ضُبارِمُ
تَقَطَّعَ مالا يَقطَعُ الدِرعَ وَالقَنا
- وَفَرَّ مِنَ الأَبطالِ مَن لا يُصادِمُ
وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ
- كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ
تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً
- وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ
تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى
- إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ
ضَمَمتَ جَناحَيهِم عَلى القَلبِ ضَمَّةً
- تَموتُ الخَوافي تَحتَها وَالقَوادِمُ
بِضَربٍ أَتى الهاماتِ وَالنَصرُ غائِبُ
- وَصارَ إِلى اللَبّاتِ وَالنَصرُ قادِمُ
حَقَرتَ الرُدَينِيّاتِ حَتّى طَرَحتَها
- وَحَتّى كَأَنَّ السَيفَ لِلرُمحِ شاتِمُ
وَمَن طَلَبَ الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما
- مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِمُ
نَثَرتَهُمُ فَوقَ الأُحَيدِبِ كُلِّهِ
- كَما نُثِرَت فَوقَ العَروسِ الدَراهِمُ
تَدوسُ بِكَ الخَيلُ الوُكورَ عَلى الذُرى
- وَقَد كَثُرَت حَولَ الوُكورِ المَطاعِمُ
تَظُنُّ فِراخُ الفُتخِ أَنَّكَ زُرتَها
- بِأُمّاتِها وَهيَ العِتاقُ الصَلادِمُ
إِذا زَلِفَت مَشَّيتَها بِبِطونِها
- كَما تَتَمَشّى في الصَعيدِ الأَراقِمُ
أَفي كُلِّ يَومٍ ذا الدُمُستُقُ مُقدِمٌ
- قَفاهُ عَلى الإِقدامِ لِلوَجهِ لائِمُ
أَيُنكِرُ ريحَ اللَيثَ حَتّى يَذوقَهُ
- وَقَد عَرَفَت ريحَ اللُيوثِ البَهائِمُ
وَقَد فَجَعَتهُ بِاِبنِهِ وَاِبنِ صِهرِهِ
- وَبِالصِهرِ حَملاتُ الأَميرِ الغَواشِمُ
مَضى يَشكُرُ الأَصحابَ في فَوتِهِ الظُبى
- بِما شَغَلَتها هامُهُم وَالمَعاصِمُ
وَيَفهَمُ صَوتَ المَشرَفِيَّةِ فيهِمِ
- عَلى أَنَّ أَصواتَ السُيوفِ أَعاجِمُ
يُسَرُّ بِما أَعطاكَ لا عَن جَهالَةٍ
- وَلَكِنَّ مَغنوماً نَجا مِنكَ غانِمُ
وَلَستَ مَليكاً هازِماً لِنَظيرِهِ
- وَلَكِنَّكَ التَوحيدُ لِلشِركِ هازِمُ
تَشَرَّفُ عَدنانٌ بِهِ لا رَبيعَةٌ
- وَتَفتَخِرُ الدُنيا بِهِ لا العَواصِمُ
لَكَ الحَمدُ في الدُرِّ الَّذي لِيَ لَفظُهُ
- فَإِنَّكَ مُعطيهِ وَإِنِّيَ ناظِمُ
وَإِنّي لَتَعدو بي عَطاياكَ في الوَغى
- فَلا أَنا مَذمومٌ وَلا أَنتَ نادِمُ
عَلى كُلِّ طَيّارٍ إِلَيها بِرِجلِهِ
- إِذا وَقَعَت في مِسمَعَيهِ الغَماغِمُ
أَلا أَيُّها السَيفُ الَّذي لَيسَ مُغمَداً
- وَلا فيهِ مُرتابٌ وَلا مِنهُ عاصِمُ
هَنيئاً لِضَربِ الهامِ وَالمَجدِ وَالعُلى
- وَراجيكَ وَالإِسلامِ أَنَّكَ سالِمُ
وَلِم لا يَقي الرَحمَنُ حَدَّيكَ ما وَقى
- وَتَفليقُهُ هامَ العِدا بِكَ دائِمُ
الأفكار الرئيسة في قصيدة: على قدر أهل العزم
من أهم الأفكار التي تضمنتها قصيدة المتنبي ما يأتي:
- الأمور في الدنيا تأتي على قدر أهلها.
- وصف الأشخاص العظماء وحقيقة شخصياتهم، وفي ذلك تمهيد لمدح سيف الدولة الحمداني.
- مديح سيف الدولة الحمداني بصفات القيادة والفروسية.
- سيف الدولة الحمداني قائد شجاع لا يهاب ويفدي جنوده بنفسه.
- الحديث عن قلعة الحدث الحمراء.
- وصف المعارك التي تدور حول قلعة الحدث الحمراء.
- ذكر بطولات جيش سيف الدولة الحمداني.
- ذكر أفعال سيف الدولة في ساحة الحرب.
معاني مفردات قصيدة: على قدر أهل العزم
من المفردات التي تحتاج إلى توضيح معناها في القصيدة ما يأتي:المفردة | معنى المفردة |
الخضارم | الخضارم هو الكثير من كل شيء. |
الضراغم | جمع ضرغام وهو الأسد الضاري. |
القشاعم | جمع قشعم وهو الضخم والمسن من كل شيء. |
ضبارم | الرجل الجريء على الأعداء. |
خميس | الجيش الجرار المقسوم خمسة أقسام. |
الردى | يعني الموت والهلاك. |
الصور الفنية في قصيدة: على قدر أهل العزم
من أهم الصور الفنية التي جاء بها المتنبي في هذه القصيدة ما يأتي:
- تَأتي العَزائِمُ
شبه العزائم بالإنسان الذي يأتي، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- وَقَد حاكَموها وَالمَنايا حَواكِمٌ
شبه المنايا بالإنسان الذي يحكم الغير، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ
شبه القلعة بالإنسان العاقل الذي يعلم، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- مَوجُ المَنايا
شبه المنايا وهي الموت بالبحر الذي له أمواج، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.