شرح حديث (من لا يشكر الناس لا يشكر الله)
شرح حديث (من لا يشكر الناس لا يشكر الله)
إنّ شكر الله -تعالى- واجبٌ على كل مؤمن، قال -تعالى-: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ}، فنعم الله -تعالى- لا تُعد ولا تُحصى، وشكرُ الله يكون في كل حال وفي كل شيء، وفي هذا الحديث يوضحُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أمراً في غاية الأهمية، وهو: أنه من لوازم شكرِ الله -تعالى- شكرُ النّاس فيما يُقدمونه من معروف وإحسان، بمعنى أن الله -تعالى- لا يقبل شُكر عبده له، إذا كان هذا العبد لا يشكرُ عباد الله، وينسى معروف من أحسن إليه منهم، وذلك لاتصال الأمرين ببعضهما، فمن كان من عادته وطبعه كُفران إحسان الناس ونسيان معروفهم وعدم شكرهم؛ كان من عادته وطبعه جحد نعم الله -تعالى- وعدم شكره؛ لأنّه لم يكن مُعتادًا على الشكر.
وبالتالي فإن من لا يشكر النّاس كان كمن لا يشكر الله -تعالى- حتى وإن شَكَره، وشكرُ النّاس لا يكون لأنّ النّعمة والإحسان قد صدر منهم، أو لاعتقاد أنّهم من فَعلوا ذلك، وإنّما لكون الإحسان جرى على أيديهم، ولأن الله -تعالى- قد أمر بشكرهم، فالله تعالى هو المُنعم والمُحسن الحقيقي، وشُكرُ النّاس قد يكونُ بالمكافأة والهدية، وقد يكون بالثناء والكلمة الطيّبة والدعاء بخير، كقول: جزاك الله خيراً، قال -صلى الله عليه وسلم-: (من صنع إليكم معروفًا فكافِئوه، فإن لم تجدوا ما تكافِئوه فادعوا له حتى ترَوا أنكم قد كافأتُموه)، فشُكْر الناس خُلُقٌ إسلاميٌ أصيل، يدل على عظم وكرم أخلاق الإسلام ورفعة آدابه.
فوائد الحديث
في الحديث جملةٌ من المعاني والفوائد المهمة، منها:
- الحثّ على حفظ المعروف لأهله.
- إن شكر الله مرتبط بشكر عباده.
- في الحديث ذم لمن لا يشكر النّاس على إحسانهم.
أحاديث في الإحسان إلى الناس
- عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ، وإنَّ صاحبَ حُسنِ الخلقِ ليبلُغُ بِهِ درجةَ صاحبِ الصَّومِ والصَّلاةِ".
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: هيَ في النَّارِ، قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ قال: هيَ في الجنَّةِ".
- عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: "جاءَ رجلٌ إلى نبيِّ اللهِ فاستأذَنَهُ في الجهادِ فقالَ: أحيٌّ والداكَ؟ قال: نعَم قال: ففيهِما فجاهِدْ وقال: أقبلَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ فقالَ: أبايِعُكَ على الهجرَةِ والجهاد أبتَغي الأجرَ منَ اللهِ قال: فَهلْ مِن والدَيكَ أحدٌ حيٌّ؟ قالَ: نعَم بل كِلاهُما حىٌّ قال: أفتَبتَغي الأجرَ منَ اللهِ؟ قالَ: نعَم قال: فارجِعْ إلى والدَيكَ فأحسِنْ صُحبَتَهُما".