شرح حديث (من بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله ..)
نص الحديث
عن عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ -رضي الله عنه- يقولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فيه حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: (إنَّكُمْ أكْثَرْتُمْ، وإنِّي سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن بَنَى مَسْجِدًا - قالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أنَّه قالَ: يَبْتَغِي به وجْهَ اللَّهِ - بَنَى اللَّهُ له مِثْلَهُ في الجَنَّةِ).
التعريف براوي الحديث
هو أبو عمرو، عثمان بن عفان الأموي القرشي، من السابقين للإسلام، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، لقّبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذي النورين، لأنّه تزوج ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم- رقية -رضي الله عنها-، وبعد وفاتها تزوج ابنته أم كلثوم -رضي الله عنها-، وكان مُتّصفاً بصفة الحياء حتى أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أنَّ الملائكة تستحي منه.
هاجر إلى الحبشة ومن ثم إلى المدينة، وهو ثالث الخلفاء الراشدين، وأمر في خلافته بنسخ المصحف الذي جمعه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، وكان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- معروفاً بالكرم، والبذل في سبيل الله -تعالى-، توفي يوم الجمعة ثامن عشر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة، وعاش بضعًا وثمانين سنة.
شرح الحديث
هذا حديث جليل يبين أهمية بناء المساجد وعظم أجرها عند الله -تعالى-، فلما أراد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- هدم المسجد النبوي وإعادة بنائه على وجهٍ أفضل، أنكر الناس عليه ذلك، لأنّ عثمان -رضي الله عنه- أراد إعادة بنائه بالأحجار المزركشة والجص، بعدما كان مبنياً باللبن والجريد.
وأخبرهم عثمان -رضي الله عنه- أنهم أكثروا عليه الكلام والإنكار، ولكن هو إنكار في غير محله، ثم استدل عليهم بهذا الحديث الذي يبين أنّه لا وجه لإنكارهم عليه، ومعنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من بنى مسجدا لله"، أي من بنى مسجداً وهو المكان الذي تقام فيه الصلوات.
ويريد بذلك ابتغاء مرضاة الله -تعالى- وطلب ما عنده من الأجر والثواب، ولم يبنيه طلباً للرياء والسمعة والمدح، كان جزاءه من جنس عمله، فبيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الله - تعالى- يبني له بيتا في الجنة، وفي هذا كله دليل على أهمية إخلاص العبادات لله -تعالى-.
أهمية المساجد في حياة الناس
للمساجد أهمية عظيمة في حياة الناس ومن ذلك:
- أماكن يذكر فيها الله -تعالى- ويتقرب فيها العبد إلى الله -تعالى- بالصلاة والذكر والتعلم والتعليم والتربية الصالحة.
- المساجد مكان يجد فيه المسلم الطمأنينة والسكينة والراحة الدائمة، فهي أماكن ذكر لله تحفها الملائكة.
- المساجد هي أماكن تظهر فيها شعائر الله -تعالى-، و تعظيم شعائر الله -تعالى- من تقوى القلوب.
- المساجد أماكن يتم فيها إصلاح أحوال الناس، فيها يتلاقى المسلمون وفيه يجتمعون وتجتمع قلوبهم، يجتمع فيها الغني والفقير، والقوي والضعيف، والرئيس والمرؤوس، يصطفون صفاً واحداً.