شرح حديث (من أرضى الله بسخط الناس)
شرح حديث (من أرضى اللَّهِ بسَخطِ النَّاسِ)
قبل البدء بشرح هذا الحديث لا بُد من استعراض الحديث بأكمله، فقد روى الإمام الترمذي -رحمه الله- عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (منِ التمسَ رضا اللَّهِ بسَخطِ النَّاسِ كفاهُ اللَّهُ مؤنةَ النَّاسِ، ومنِ التمسَ رضا النَّاسِ بسخطِ اللَّهِ وَكلَهُ اللَّهُ إلى النَّاسِ).
رأى بعض أهل العلم أنَّ هذا الحديث موقوف على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ولم يُرفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، والمقصود بأنَّه موقوف؛ أي إنَّه من كلام عائشة -رضي الله عنها- وليس من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن الراجح أنَّ هذا الحديث مرفوع وهو من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-.
المعنى العام لحديث (منِ التمسَ رضا اللَّهِ بسَخطِ النَّاسِ)
الأصل في المسلم أن يكون كل عمله صالحاً و خالصاً لوجه الله -تعالى- ولا يجوز للمسلم أن يرتكب المعاصي لأي سبب من الأسباب، وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث الشريف مزلقاً خطيراً من مزالق الشيطان، وهو أنَّ المرء قد يرتكب المعاصي إرضاءً للناس ومجاملة لهم ولئلا يقع في الإحراج أمامهم.
وعلى سبيل المثال، قد تجلس مجموعة من الناس في مجلس فيقوم أحدهم باستغابة أحدٍ غير موجود في المجلس، فإن رضي بقية الجالسين بمعصيته وفعله فإنهم مُشاركون له بالمعصية، والأعظم من ذلك أن يقوموا بمجاملته ومداراته والخوض معه في هذه المعصية من أجل كسب رضاه وعدم إغضابه، وكل ذلك لا قيمة له عند الله -تعالى- بل إنَّه سبب لإحلال غضب الله عليهم.
وقد يجلس شاب مع مجموعة من الشباب فيقوموا بفعل معصية من المعاصي فيقوم هذا الشاب بفعل تلك المعصية مجاملةً لهم وإرضاءً لهم على حساب دينه؛ فيكون بذلك قد أرضى الناس بمعصية تُغضب الله وتستوجب سخطه عليه، بيِّن الحديث الشريف عقوبتان وجزائان بيانهم ما يأتي:
- العقوبة الأولى: سخط الله -تعالى-.
- العقوبة الثانية: أن يكل الله العبد إلى الناس، أي أنَّ الله -تعالى- سيسلط الناس على العبد فيقومون بإيذائه وظلمه والاعتداء عليه واحتقاره وذلك لأنَّه قد قدَّم إرضاء الناس على إرضاء الله -تعالى- ومن قدَّم الناس على الله أخرَّه الله -تعالى-.
- الجزاء الأول: رضا الله -تعالى-.
- الجزاء الثاني: إرضاء الناس على العبد، وذلك لأنه قام بإرضاء الله -تعالى- رغم سخط الناس له.
الدروس المستفادة من الحديث
أرشد الحديث الشريف إلى مجموعة من الفضائل والعبر ومن ذلك ما يأتي:
- يجب على المؤمن أن يقدم رضا الله -تعالى- على ما سواه إذ إنَّ رضا الله -تعالى- هي الغاية العظمى للإنسان.
- تقديم رضا الله -تعالى- على ما سواه هو ربح لرضا الله -تعالى- ورضا الناس كما بين ذلك الحديث الشريف.
- المسلم لا يخجل من تطبيق دينه وفعل الطاعات وترك المنكرات حيث إنَّ دين الله -تعالى- لا مجاملة فيه.