شرح حديث (من أحيا سنة من سنتي)
نص حديث (من أحيا سنة من سنتي)
عن عمرو بن عوف المُزني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن أحيا سنَّةً من سنَّتي، فعملَ بِها النَّاسُ، كانَ لَهُ مثلُ أجرِ من عَمِلَ بِها، لا يَنقصُ مِن أجورِهِم شيئًا، ومن ابتدعَ بدعةً، فعمِلَ بِها، كانَ عليهِ أوزارُ مَن عملَ بِها، لا ينقُصُ مِن أوزارِ من عملَ بِها شيئًا).
شرح حديث (من أحيا سنة من سنتي)
يُبيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث النبوي السابق أهمية اتّباع سُنته سواءً أكانت بأقواله أم بأفعاله، وكذلك صفاته وتقريراته أيضاً، وعلى المسلم الحقيقي أن يتّبع سنة النبيّ في الأوامر وعمل الطاعات، ويحذرَ من تحذيراته فيما يتعلّق بالذنوب والمعاصي، والتي حَرِصَ على أنْ يُحذر الأمة من اقترافها أو الاقتراب منها، وقد بيّن النبيّ الجائزة والمكافأة لمَن يسيرُ على هَدْيه ويعملَ بسنّته، فقال: (مَن أحيا سنَّةً من سنَّتي، فعملَ بِها النَّاسُ، كانَ لَهُ مثلُ أجرِ من عَمِلَ بِها)، أي أنَّ الله -سبحانه- سيمنحه على إحيائه لتلك السُنة أجراً كأجر مَن قام بها، ومن عظيم كرمه -سبحانه- أيضاً أنَّ الذي يعملُ بتلك السُنة التي أُحييت لن ينقصَ من أجره شيئاً، وسيكون للاثنين أجراً مساوياً، ويُقصدُ بالسنّة ما شرعه النبيّ، وقد يكونُ فرضاً؛ كزكاة الفطر مثلاً، وقد يكونُ نافلةً؛ كقيام الليل و التهجّد ، والمقصود بالإحياء: حضُّ الناس على أداء تلك السُنة، ومن المعاني العظيمة أيضاً للإحياء: تعليم الناس دينهم وسنة نبيّهم.
ثمّ حذّر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من الابتداع في الدِّين قائلاً: (من ابتدعَ بدعةً، فعمِلَ بِها، كانَ عليهِ أوزارُ مَن عملَ بِها، لا ينقُصُ مِن أوزارِ من عملَ بِها شيئًا)، وفي هذا البيان النبويّ تحذيرٌ من الابتداع وإضافة ما ليس في الدِّين أو إلصاق التهم والنقائص في الدِّين القويم الذي كمّلَه الله -سبحانه-، وقد بيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّ الذي ينشر تلك البدع ويكونَ سبباً في عملِ غيره بها سينالُ الوزر كالذي يقومُ بها ولا ينقصُ أيضاً من أوازر الذي قامَ بالبدعة ، وعلى كُلّ الحالات فإنَّ العملَ بالبدع هو إماتةٌ للسنة وإطفاءٌ لإحياء السُنن الحسنة، والذي يلجأ لتلك البدع سيناله السوءُ، لذلك على المسلم أن يحذرَ من البدع.
أمثلةٌ على إحياء السُنن
أرشد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الشريف إلى أهمية إحياء السُنة والعمل بها وإرشاد الناسِ إليها، والسنُن التي بحاجة إلى إحياء كثيرةٌ، وآتياً بيانُ جملةٍ منها:
- نشر السلام بين الناس: حثّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على إفشاء السلام ، بل جعل نشره سبباً لدخول الجنان، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ بينَكُم وأطعِموا الطَّعامَ وصِلوا الأرحامَ وصلُّوا والنَّاسُ نيامٌ تدخلوا الجنَّةَ بسلامٍ).
- استخدام السواك: فالسواك فيه الأجر العظيم، وفيه تطهيرٌ للفم من الجراثيم، وسببٌ لرضا الله -سبحانه-، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (السواكُ مَطْهَرَةٌ للفَمِ، مَرضاةٌ للرَّبِّ).
- صلاة الضُحى: عدّها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- سُنةً ملازمةً لأهل التوبة وكثيري الرجوع إلى الله -سبحانه-، وقد حضَّ -صلّى الله عليه وسلّم- عليها؛ لِما فيها من اغتنام الأوقات بالطاعات، قال -عليه الصلاة والسلام-: (صلاةُ الضَّحى صلاةُ الأوَّابينَ).
الوقاية من البدعة
جاء في الحديث النبوي الشريف التحذير من البدعة والعمل بها ونشرها وما سيلحقُ بصاحبها إن هو عمل بها أو عمل غيره بها بسببه، وقد جاءت الشريعة الإسلامية الغرّاء لتحاربَ البِدع وتحمي الناس منها، وفيما يأتي بعض الوسائل للوقاية من البدعة وشرورها:
- التمسّك بالكتاب والسنة، والحرص على نشرهما بين الناس وتعلمهما وتعليمهما، وقد بيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أهمية التمسك بالسُنة، فقال: (فعَلَيْكُمْ بسنَّتِي وسنَّةِ الخلَفَاءِ الراشدينَ المهديينَ عضُّوا عليها بالنواجِذِ).
- الحرص على تطبيق السُنة النبوية في شتى مجالات الحياة وعلى مستوى الأفراد والجماعات.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهذا شرفٌ عظيم لأمة الإسلام والتي ميّزها الله -سبحانه وتعالى- بهذه المزية العظيمة، قال -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ).
- الحرص على إزالة أسباب البِدع، وهذا يتمثل بحضِّ عامة الناس على عدم التكلم في أمور الدِّين دون عِلمٍ، ومراقبة أي حملةٍ يُقصدُ منها نشرُ البِدع، والحرص على نشر السنة بين الناس، والعمل على تبيين العقيدة الصحيحة للناس من قبل أهل العلم والاختصاص.