شرح حديث (اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون)
شرح السبكي لحديث (اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون)
أمرنا رسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- بأن نستعيذ بالله من البرص والجنون ونحوه؛ لكونها أمراضاً خطيرة، ومنها ما يغير في الخلقة، عن أنس -رضي الله عنه- أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ)، وفيما يأتي شرح السبكي لهذا الحديث:
- قوله: (من البرص)
بالتحريك مصدر برص، وهو بياض يظهر في ظاهر البدن يكون من فساد المزاج.
- قوله: (والجنون)
أي زوال العقل الذي هو منشأ الخيرات العلمية والعملية.
- قوله: (والجذام)
بوزن غراب علة تحدث من انتشار السوداء في البدن؛ فيفسد مزاج الأعضاء وهيئتها، وربما انتهى إلى سقوط الأعضاء.
- قوله: (ومن سيئ الأسقام)
أي الأسقام السيئة التي تكون سببًا لخلل في عقل الإنسان وبدنه؛ كالسل والاستسقاء، و الأمراض المزمنة .
والحديث من ذكر العام بعد الخاص؛ حيث استعاذ -صلى الله عليه وسلم- من هذه الأشياء؛ لأنها عاهات يظهر بها الشين، وتنتهي بصاحبها إلى حد يفر منه الصديق، قال الطيبي: "وإنما لم يتعوذ -صلى الله عليه وسلم- من الأسقام مطلقًا؛ لأنها تكثر مثوبته عند الصبر عليها مع عدم إزمانها كالحمى والصداع".
شرح عبد المحسن العباد لحديث (اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون)
قام العباد بشرح الحديث وفق النقاط الآتية:
- (البرص)
عاهة تكون دائمة ومستمرة مع الإنسان، وليست من العاهات الطارئة التي تأتي وتذهب مثل الزكام وغير ذلك، وإنما هو شيء ملازم.
- (الجذام)
أي العلة التي يذهب معها شعور الأعضاء، وربما ينتهي إلى تآكل الأعضاء وسقوطها.
- (الجنون)
أي زوال العقل.
- (سيئ الأسقام)
أي الأمراض التي تكون من هذا النوع، والتي فيها تشويه وضرر يلحق بالإنسان.
مفهوم الاستعاذة وفضائلها
للاستعاذة فوائد عدة وجمة؛ فهي تحصن وتقِ المؤمن من الشيطان الرجيم، وفيما يأتي نذكر بعض فوائد الاستعاذة وما يتعلق بها:
- الاستعاذة حقيقة: هي الالتجاء إلى الله العظيم.
- أمرنا الله -عز وجل- بالاستعاذة من الشيطان الرجيم
حيث قال -تعالى-: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
- الاستعاذة تكون قبل الشروع بتلاوة القرآن الكريم
إنّ المشهور، والذي عليه الجمهور بأن الاستعاذة تكون قبل الشروع بتلاوة القرآن الكريم ؛ للالتجاء إلى الله -سبحانه- والتحصن به، لقوله -تعالى-: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾.
- الاستعاذة لها بركة عظيمة
فهي طهارة للفم؛ مما يتعاطاه من اللغو والرفث، وهي تطييب له أيضاً عند تلاوة كتاب الله العظيم، وهي اعتراف للرب بالقوة والقدرة، وللعبد المسلم بالعجز عن مواجهة عدوه اللدود الشيطان الرجيم، فلا يحصنه ولا يحفظه منه إلا رب العالمين.
- الاستعاذة لها تأثير كبير ونفع مفيد
فأمرها عظيم، وشأنها جليل دوماً؛ فينبغي على كل مسلم ومسلمة أن تكون الاستعاذة على لسانهما ليكون التحصن بها، وتكون درعاً واقيًا، وحصناً من الشيطان الرجيم.