شرح حديث (إذا رأيتم هلال ذي الحجة ...)
نص الحديث وشرحه
فيما يأتي ذكر نص الحديث وشرحه:
- نص الحديث
عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا رَأَيْتُمْ هِلالَ ذِي الحِجَّةِ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عن شَعْرِهِ وأَظْفارِهِ).
- شرح الحديث
يخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أنّ من أراد أن يضحي؛ أي يذبح كبشاً أو شاة، أن يمسك؛ أي لا يقص شيء من شعره سواء شعر الرأس أم الإبطين أم العانة، ولا يقلم أظافره، وذلك عند رؤية هلال ذي الحجة؛ أي من بداية دخول شهر ذي الحجة.
حكم حلق الشعر وتقليم الأظفار للمضحي
تععدت أقوال العلماء في حكم حلق الشعر وتقليم الأظافر لمن أراد أن يضحي على ثلاثة أقوال؛ وفيما يأتي بيانها مع الأدلة التي استدلّ بها كل فريق:
- القول الأول: إنه جائز
وأصحاب هذا القول هم الحنفية والمالكية؛ واستدلوا على ذلك من حديث عائشة -رضي الله عنها-: (أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً مما أحله الله حتى نحر الهدي).
وهذا يبيّن أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أرسل الهدي إلى الكعبة مع أبي بكر للذبح، ولم يحرم عليه شيء أحله الله لغير المحرم بحج أو عمرة، كما أن من أراد أن يضحي لا يمنع عنه الجماع وهو أغلظ ما يحرم بالإحرام ؛ فكان من أولى أن لا يُمنع مما دون ذلك، كما لا يصحّ قياسه على المحرم، فهو لا يحرم عليه الوطء واللباس والطيب، لذلك لا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظافر.
- القول الثاني: إنه حرام
وأصحاب هذا القول هم الحنابلة وبعض الشافعية؛ واستدلوا بحديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من كان عنده ذبح يريد أن يذبحه فرأى هلال ذي الحجة فلا يمس من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي)، ومقتضى النهي هنا هو التحريم، ويجب تقديمه على عموم غيره.
- القول الثالث: إنه مكروه
وأصحاب هذا القول هم المالكية والشافعية وقول للحنابلة؛ وجمع أصحاب هذا القول بين جميع النصوص، بحمل نصوص النهي على الكراهة ونصوص الإباحة على عدم التحريم.
حكم الفدية للمضحي الذ أخذ من شعره أو أظفاره
لا فدية على من حلق شعره أو قلم أظافره، سواء كله أو بعضه، ناسياً أم متعمداً، فإن فعل ذلك عليه أن يتوب لله -تعالى- ويستغفره، وذلك بالإجماع، نقلاً عن ابن قدامة: "فإن فعل استغفر الله -تعالى-، ولا فدية فيه إجماعاً، سواء فعله عمداً أو نسياناً"، وقال المرداوي: "لو خالف وفعل فليس عليه إلا التوبة ولا فدية عليه إجماعاً".
من آداب التضحية وسننها
أن يذبح بنفسه إذا استطاع
يستحبّ لمن أراد أن يضحّي أن يذبح هديه بنفسه إن قدر عليه، وذلك لأنه قربة، فأن يقوم بها بنفسه أفضل من أن يتولّاها غيره، وجاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ساق مئة بدنة هدية للحرم، فنحر منها قريب الستّين وأعطى علياً -رضي الله عنه- المدية فنحر الباقي.
فإن لم يكن يحسن الذبح أناب عنه أحداً مسلماً، فإن أناب عنه شخصاً كتابياً؛ أي من أهل الكتاب فهو مكروه، ولكن إن ذبح عنه فهو جائز لكونه أهل للذكاة، أما المجوسي فيحرم عليه أن يذبح عنه لأنه ليس من أهله.
الأكل والإطعام والادّخار من الأضحية
قال -تعالى-: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّـهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، فيستحبّ أن يتم تقسيم لحوم الأضحية أثلاثاً، فيأكل المسلم ثلث أضحيته، ويهدي الثلث الثاني لأقاربه ولو كانوا أغنياء، أما الثلث الأخير فيتصدّق به على الفقراء والمساكين .
آداب الذبح
هناك سنن وآداب لذبح الحيوان ينبغي على المسلم اتباعها إذا أراد أن يضحّي، ومن هذه الآداب ما يأتي:
- يستحب أن يعرض على الذبيحة الماء قبل الذبح؛ لأنها تنتفخ فيسهل سلخ جلدها.
- يستحب أن يحدّ سكّينه بعيداً عن نظر الذبيحة، وأن يريح الذبيحة، ولا يذبح واحدة أمام الأخرى.
- يستحب أن لا يجرّ الذبيحة إلى مكان الذبح بشدة وعنف، وأن ينزل بالسكين بقوة وبسرعة ذهاب وعودة مرة واحدة.
- يستحب أن يكون الذابح متمرساً ومتدرباً.
- يستحب أن يستقبل الذابح القبلة ويوجه أضحيته لها.
- يجب أن يسمي عند الذبح.
- يستحب ألا يكسر عنقها، وأن ينتظر بعد الذبح حتى خروج الروح منها فيبدأ بالسلخ بعد أن تسكن الذبيحة.