شرح حديث (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة)
حديث (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة)
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن وجدت تامة كتبت تامة، وإن كان انتقص منها شيء. قال: انظروا هل تجدون له من تطوع يكمل له ما ضيع من فريضة من تطوعه، ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلك)، وقد شرح العلماء هذا الحديث بما يلي:
شرح قول النبي: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته)
وشرح العلماء قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته) بما يأتي:
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أول ما يحاسب)
أي أول ما ينظر في أعمال العبد على يوم القيامة الوجه الأكمل، ويحتمل أن يراد بالحساب العرض؛ لأن الكافر هو الذي يُناقش الحساب، ولذلك ورد من حديث -عائشة رضي الله عنها-، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه، إلا راجعت فيه حتى تعرفه.
وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من حوسب عذب)، قالت عائشة -رضي الله عنها-: فقلت أوليس يقول الله -تعالى-: (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا)، قالت: فقال: (إنما ذلك العرض، ولكن: من نوقش الحساب يهلك).
ودليل معنى النظر ما ورد من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ما الحساب اليسير؟ قال: (أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه، إنه من نوقش الحساب يومئذ يا عائشة هلك، وكل ما يصيب المؤمن، يكفر الله عز وجل به عنه، حتى الشوكة تشوكه).
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (به العبد يوم القيامة)
أي ينظر في أعمال المؤمن، ذكرا أو أنثى، قال الله -عز وجل-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، ويوم القيامة يعني يوم الحساب ويوم الجزاء، فهذا أعظم عند الله -عز وجل-؛ لأن الله -عز وجل- سيحاسب خلقه فيه، ويقام عدل الله -عز وجل- في هذا اليوم.
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صلاته)
أي الصلاة المعهودة في الشرع، وهي أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بتكبيرة الإحرام، مختتمة بالتسليم، فيسأل عنها العبد بأركانها وشروطها وواجباتها وسننها.
شرح قول النبي: (فإن وجد تامة..... تجري على حسب ذلك)
وقد شرح العلماء قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فإن وجدت تامة... إلى آخر قوله ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلك) بما يأتي:
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فإن وجدت تامة كتبت تامة)
أي إذا وجدت صالحة بأركانها، وشروطها، وواجباتها، وهيائتها، وخشوعها، كتب له ثوابها وأجرها أضعافا.
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وإن كان انتقص منها شيء)
أي كانت مختلة في أركان الصلاة ، أو شروطها، أو واجباتها، أو كانت مختلة في المتممات والمستحبات.
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قال: انظروا.... من تطوعه)
إن الله -عز وجل- يقول لملائكته انظروا في صحيفة عبدي، والله -عز وجل- أعلم، ولكن ليظهر للعبد تقصيره في صلاته، والتطوع هو غير الفرض والواجب، فهو زائد عليهما، فتجبر النافلة خلل الفريضة، وتكمل نقصها، هي إحدى حِكم مشروعية النافلة.
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلك)
أي إنه يحاسب على باقي أعماله من حج وزكاة وصيام وغيرها، مثل ما يحاسب على الصلاة، فتجبر النوافل الفرائض في جميع أعماله.