شرح تائية كثير عزة
شرح تائية كثير عزة
قال كثير عزة :
- خَليلَيَّ هَذا رُبعُ عَزَّةَ فَاِعقِلا
- قلوصَيكُما ثُمَّ اِبكِيا حَيثُ حَلَّتِ
وَمُسّا تُرابًا كَانَ قَد مَسَّ جِلدَها
- وَبيتا وَظِلاَ حَيثُ باتَت وَظَلَّتِ
وَلا تَيأَسا أَن يَمحُوَ اللهُ عَنكُما
- ذُنوبًا إِذا صَلَّيتُما حَيثُ صَلَّتِ
يقول كثيّر يا صاحبيّ إنّ هذه الدّار هي دار محبوبتي عزّة، فأوقفا إبلكما ثمّ ابكيا على فراقها في المكان الذي كانت تسكن فيه، ولامسا ذلك التراب الذي كانت تبات عليه، وناما حيثما كانت تنام وتحيا، وإذا أدّيتم صلاتكما حيثما كانت تُصلّي، فلا تقنطا من مغفرةٍ من الله لكلّ ذنوبكم.
- وما كنت أَدري قَبلَ عَزَّةَ ما البُكا
- وَلا مُوجِعاتِ القَلبِ حَتَّى تَوَلَّتِ
وَما أَنصَفَت أَما النِساءُ فَبَغَّضَت
- إِلينا وَأَمَّا بِالنَوالِ فَضَنَّتِ
يُكمل بقوله إنّي لم أكن أعرف ما هو الحزن والألم قبل حبّ عزّة وفراقها، حتّى إذا ما ذهبت وابتعدت عنّي عرفت ذلك الألم كلّه، فلم تكن عادلةً معي، فقد أبعدت جميع النساء عنّي وكرّهتهم بي، وأمّا عنها فقد بخلت بالوصل أيضًا.
- فَقَد حَلَفَت جَهدًا بِما نَحَرَت لَهُ
- قُرَيشٌ غَداةَ المَأزَمينِ وَصَلّتِ
أُناديكَ ما حَجَّ الحَجِيجُ وَكَبَّرَت
- بِفَيفاء آل رُفقَةٌ وَأَهَلَّتِ
وَكانَت لِقَطعِ الحَبلِ بَيني وَبَينَها
- كَناذِرَةٍ نَذرًا وَفَت فَأَحَلَّتِ
فَقُلتُ لَها يا عَزَّ كُلُّ مُصيبَةٍ
- إِذا وُطِّنَت يَومًا لَها النَفسُ ذلَّتِ
يقول: لقد أقسمت بربّ قريش الذي ذبحت له وصلّت له أن أبذل كلّ جهدي، وأن أبقى أُخاطبك ما دامت الناس تخرج حجيجًا في الصّحراء الواسعة، فلقد كانت لقطع الوصل بيننا كأنّها قد نذرت نذرًا لله، فما إن فعلته حتّى خرجت من إحرامها والتفتت إلى حياتها، فخاطبتها قائلًا يا عزّة إنّ كلّ مشكلة إذا ما استقرّت في النفس ضعفت وهانت لها.
- وَلَم يَلقَ إِنسانٌ مِنَ الحُبَّ مَيعَةً
- تَعُمُّ وَلا عَمياءَ إِلّا تَجَلَّتِ
فَإِنَ سَأَلَ الواشُونَ فِيمَ صَرَمتُها
- فَقُل نَفس حُر ّسُلِّيَت فَتَسَلَّتِ
كَأَنّي أُنادِي صَخرَةً حِينَ أَعرَضَت
- مِن الصُمِّ لو تَمشي بِها العُصمُ زَلَّتِ
يقول: يُكابد الإنسان من شيء بسب بالحب سواء أكان حسنًا أم سيّئًا إلّا وظهر وبان للناس جميعهم، فإن سألني المبغضون لمَ قاطعتها، فأجبهم بأنّك تملك نفسًا حرةً لا تقبل الهوان، كنت قد نسيت فصبرت وتسلّت عن هذا الحب وابتعدت.
- صَفوحٌ فَما تَلقاكَ إِلَّا بخيلَةً
- فَمَن مَلَّ مِنها ذَلِكِ الوَصلَ مَلَّتِ
أَباحَت حِمًى لَم يَرعَهُ الناسُ قَبلَها
- وَحَلَّت تِلاعًا لَم تَكُن قَبلُ حُلَّتِ
يقول: عندما تركتني وذهبت وحاولت أن أُناديها فكأنّني كنت أُخاطب حجرًا قاسٍ لا استجابة له، فلو أنّ المنع من الذّهاب قد سرى بجسدها لما استطاع أن يمنعها، فهي امرأة هاجرة ومعرضة، فلا تلتقي بك إلّا قليلًا، ولو أظهرت لها عدم إعجابك بذلك تركتك وذهبت، وقد أجازت مواضعًا تُحمى لم يرفها الناس قبلها، وأقامت ببعض الأماكن التي لم يسبقها أحد عليها.
- فَلَيتَ قَلوصي عِندَ عَزَّةَ قُيِّدَت
- بِحَبلٍ ضَعيفٍ غُرَّ مِنها فَضَلَّتِ
وَكُنت كَذي رِجلَينِ رِجلٍ صَحيحَةٍ
- وَرِجلٍ رَمى فيها الزَمانُ فَشلَّتِ
أُريدُ الثَوَاءَ عِندَها وَأَظُنُّها
- إِذا ما أَطَلنا عِندَها المُكثَ مَلَّتِ
يقول: يا ليت إبلي في دار عزّة قد ربطت بحبلٍ ضعيف ضاع منها فتاهت ضائعةً، وقد كنتُ في أمري كمن يملك رجلين، إحداهما سليمة يستطيع السير عليها، والأخرى مشلولة لا تمكّنه من السّير، فإنّي أُريد الاستقرار عندها من جهة، ومن جهة أُخرى أظنّها تضجر من طول البقاء.
الأفكار الرئيسة في تائية كثير عزة
الأفكار الرئيسة في تائية كثير عزة فيما يأتي:
- ذكر ديار المحبوبة.
- الحزن والألم على فراق عزّة.
- مخاطبة المحبوبة، والقسم على عدم نسيانها.
شرح المفردات في تائية كثير عزة
شرح لأبرز المفردات في تائية كثيّر عزة فيما يأتي:المفردة | معنى المفردة |
قلوصيكما | القلوص من الإبل: الفتية المجتمعة الخلق، وذلك من حين تركب إلى التاسعة من عمرها، ثم هي الناقة. |
جهدًا | .جهد الشخص: جدّ وبذل غاية وسعه |
فيفاء | الصّحراء الواسعة. |
صرمتها | صرم الشيء جزّه وقطعه. |
صفوح | يقولون امرأة صفوح: معرضة هاجرة. |
حمى | هو الموضع الذي يُحمى ويُدافع عنه كالدار والمرعى وما إلى ذلك. |
الثواء | مصدر الفعل ثوى، وثوى بالمكان: أقام واستقر. |
الصور البيانية في تائية كثير عزة
من الصور البيانية في قصيدة كثيّر التائيّة ما يأتي:
- وَمُسّا تُرابًا كَانَ قَد مَسَّ جِلدَها
:::وَبيتا وَظِلاَ حَيثُ باتَت وَظَلَّتِ
شبّه التراب بالإنسان الذي يُمس، فحذف المشبّه به الإنسان وأبقى على شيء من لوازمه وهو "المس" على سبيل الاستعارة المكنية .
- كَأَنّي أُنادِي صَخرَةً حِينَ أَعرَضَت
:::مِن الصُمِّ لو تَمشي بِها العُصمُ زَلَّتِ
شبّه عزّة بالصّخرة، فحذف المشبّه "عزّة" وصرّح بلفظ المشبّه به وهو "الصخرة" على سبيل الاستعارة التصريحية.