شرح الصبر على الأذى وكظم الغيظ
الصبر على الأذى وكظم الغيظ
إن أخلاق المرء وصفاته تظهر عندما يتمكن منه الغضب، فعند الغضب تتلاشى الكثير من الآداب السلوكية والقولية، وعند الغضب قد يصدر من الإنسان أبشع الشتائم والألفاظ وربما يصل الأمر إلى الأذى الشديد، وكان الغضب أشد شيء في البيئة البدوية، وقد كانت تقوم الحروب بين القبائل لأسباب بسيطة كان من الممكن استدراكها وحلها.
كيف يكون الصبر على الأذى وكظم الغيظ
يتحقق الصبر على الأذى وكظم الغيظ باتباع عدة أمور منها:
- أن يعلم الإنسان أن هذا قدره وهذا ما كتبه الله له، وأن ما أصابه ما كان ليخطئه، وما أخطأه ما كان ليصيبه.
- أن يعلم أن عاقبة الصبر والعفو والحلم عاقبة عظيمة.
- أن يتأمل العبد ما أعده الله للصابرين من حسن عاقبة وموفور الجزاء، ولن ينال ذلك الثواب العظيم إلا بالصبر على الأذى.
- أن يقابل الإساءة بالإحسان ، فكلما أساء إليه أحد رد إساءته بالإحسان، وليعلم أن ذلك من فضل الله عليه، وليعلم أنهم قد أسدوا إليه معروفا عندما أساءوا إليه فقد حملوا عنه وزرا ودفعوه إلى الإحسان إليهم.
- سلامة الصدر فلا يشغل قلبه بالحقد والغل، وليعلم أنه إذا صبر على الأذى وكظم غيظه يكون قد انشغل وترفع عن سفاهة الأمور وانشغل بما هو أنفع وأهم لنفسه ولدينه.
- أن يعلم أن الله منَّ عليه بجعله مظلوما يرجوا من الله النصر ولم يكن ظالما ما يستدعي غضب الله عليه وعقابه.
- أن يعلم أن الله يكفر بهذا عنه الخطايا، فما يصيب العبد من شيء حتى الشوكة يشاكها إلا يكفر بها الله عن العبد الذنوب والخطايا.
- أن يجعل قدوته الأنبياء والمرسلين والصالحين، فقد كانوا أكثر من يتعرض للأذى فما كانوا إلا صابرين محتسبين أمرهم لله كاظمين غيظهم يرجون الثواب من الله تعالى.
- أن يعلم أن بصبره على الأذى ينال شرف النفس ويترفع عن السباب والأذى ويسمو بنفسه فوق هذا المقام.
- أن يحفظ المعروف والجميل السابق، فإذا كان الذي تسبب بالأذى صاحب معروف فاليتذكر ذلك المعروف وليصبر على أذاه لإسداء ذلك المعروف له.
- أن يعلم أن الصبر على الأذى علامة من علامات قوة الإيمان ، فقد قال الله -تعالى-: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ، فليعمل جاهدا على أن يصبر على الأذى ويكظم غيظه، ولكن لا مانع من الاستعانة بأهل الخير لاسترداد حقه إن كان له حق.
أحاديث عن الصبر على الأذى وكظم الغيظ
وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة عن الغضب ودفعه وكتم الغيظ، إذ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كَظَمَ غيظًا وهو قادرٌ على أن يَنْفِذَه دعاه اللهُ عزَّ وجلَّ على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ حتى يُخَيِّرُه اللهُ مِن الحُورِ ما شاءَ)، فهذا الذي صبر على الأذى وكظم غيظه ينال الثواب العظيم من الله -تعالى- ويقف أمام الخلائق يوم القيامة ليختار ما يشاء من الحور العين.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فَما تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ؟ قالَ قُلْنا: الذي لا يَصْرَعُهُ الرِّجالُ، قالَ: ليسَ بذلكَ، ولَكِنَّهُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ)، فعلى منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في التربية يصحح المفاهيم والمصطلحات، فبمفهوم الصحابة الدنيوي الرجل ذو الصرعة هو الذي لا تغلبه الرجال، ولكن من منظور النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الرجل الذي لا يدع الغضب يتملك منه.