سورة النصر وفوائدها
التعريف بسورة النصر
تعدّ سورة النّصر آخر ما نزل من القرآن الكريم على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؛ حين كان في المدينة المنورة، وجاء نزولها بعد سورة التوبة، وتعتبر من القسم المدني من سور القرآن الكريم.
إذ نزلت على رسول الله حين كان بمنى في حجة الوداع ، في السنة العاشرة من الهجرة، وذلك بعد أن انتهى رسول الله من مهمته في دعوة الناس وتبليغهم دين الله، وبدأ الناس يستجيبون لهذه الدعوة؛ فيدخلون في دين الله أفواجاً وجماعات.
وسُميّت السورة لما ورد من قول الله -تعالى- في بدايتها: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ)، ويبلغ عدد آياتها ثلاث آيات فقط، أمّا ترتيبها بين سور القرآن الكريم فإنّها تقع السورة العاشرة بعد المئة.
فضل سورة النصر
ورد في ذكر سورة النصر، وفضلها العديد من الأحاديث النبوية الشريفة والفضائل، وذلك على النحو الآتي:
- تعدّ سورة النصر من سور المفصّل؛ الذي ميّز الله به نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- عن غيره من الأنبياء فيه ولم يؤتيه لغيره، فقال فيه: (أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئِينَ، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلْتُ بالمفَصَّلِ).
- روى عبيد الله بن مسعود -رضي الله عنه- فقال: (قالَ لي ابنُ عَبَّاسٍ: تَعْلَمُ، وَقالَ هَارُونُ: تَدْرِي، آخِرَ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ القُرْآنِ، نَزَلَتْ جَمِيعًا؟ قُلتُ: نَعَمْ، إذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ، قالَ: صَدَقْتَ).
- روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (لما نزلت: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ؛ قال: أتاكم أهلُ اليمنِ؛ هم أَرَقُّ قلوبًا، الإيمانُ يمانٍ، الفقهُ يمانٍ، الحكمةُ يمانيَّةٌ).
- روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- فقال: (لمَّا نزلتْ "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ والْفَتْحُ"، إلى آخرِ السورةِ قال: نُعِيَتْ لرسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- نفسُهُ حينَ أُنزِلَتْ؛ فأخذَ في أشَدِّ ما كان قطُّ اجتهادًا في أمرِ الآخرةِ، وقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بعدَ ذلكَ جاءَ فتحُ اللهِ، وجاءَ نصرُ اللهِ وجاءَ أهلُ اليمنِ).
مقاصد سورة الشمس وفوائدها
فسّر عمر بن الخطاب وحبر الأمّة عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- سورة النصر؛ بأنّها خطاب لرسول الله، وإتماماً لمهمته، وإذعاناً باقتراب أجله، فاعلم يا محمد أنّ الله إذا نصرك على قومك، وفُتحت مكة المكرمة، وبدأ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً وجماعات أنّ أجلك قد دنا واقترب.
ورغم قصرها، وعدد آياتها التي بلغ ثلاث آيات فقط، إلّا أنّها كانت بُشرى لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالنصر والفتح، وأمرت السورة الكريمة رسول الله بالحمد والتسبيح والاستغفار، وبيان أثرهما، ثمّ أمرت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالتوبة ، فقال -تعالى-: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).