أسباب السعادة الحقيقية
أسباب السعادة الحقيقية
السعادة هي اللّذة والهناء إذ يتمنى كل إنسان تحقيقها، وفيما يأتي عدة أسباب لتحقيق السعادة الحقيقة:
نفسك
قد يكون هناك الكثير من الأسباب والأشياء التي تُسبّب السعادة، ولكن أهمّها هو الشخص نفسه، فالسعادة تنبع من الداخل والإنسان هو الوحيد المسؤول عن مشاعره، وبناءًعل ذلك عليه أن يتقبّل نفسه كما هي، بل وأن يحبها بلا شروط أيضاً، وكذلك على الإنسان أن لا يُبخّس من قدر نفسه، وأن يكون متفائلاً ، وممتناً للأشياء الجميلة في حياته، وينظر دائماً لنصف الكأس الممتلئ وليس الفارغ، وفي ما يأتي بعض النصائح المهمة ليكون الإنسان سعيداً من الداخل:
- فعل الشيء الذي يحبه فعلاً: يجب أن يبحث الإنسان في أعماقه عن الشيء الذي يُسعده، وأن يسأل نفسه دائماً إن كان هذا الشيء هو فعلاً ما يريده هو، أم أنّ المجتمع يريده له.
- عدم الخجل من الأشياء التي يحبها: يُراهن الإنسان بسعادته عندما يتأثر بمحيطه ويشعر بالخجل من فعل الأشياء التي يحبها، لذا عليه أن يدافع عمّا يحب وأن يقف وراء رغباته الحقيقية حتى يحققها.
- عدم التعامل مع الحياة بجدية أكثر من اللازم: يواجه الإنسان تعقيدات كثيرة في الحياة، ولكن الحياة فانية، وهذه حقيقة يجب على الإنسان تذكرها دائماً، وبذلك يمكن أن يعيش يومه بحكمة، ويستمتع بكل الظروف التي يمر بها، فإن كانت جيدة فهي تسعده، وإن كانت صعبة فهي ستمضي.
- الاعتدال في حب النفس: على الشخص ألا يكون أنانياً، لكن ليس على الإطلاق، بحيث يوازن بين حبّه لنفسه وبين العطاء، وأن يقوم بأعمال لأسباب أخرى غير المكاسب الشخصية، لأنّ العطاء يُعزّز الرضى عن النفس ويعطي السعادة.
- الامتنان لكل ما يملكه: ينظر الإنسان عادة إلى ما يملكه ويقيّم حياته وسعادته بناءً عليه، وذلك لن يُشعره بالسعادة، بل سينظر دائماً إلى أشياء خارجية ليثبت نفسه، لذلك عليه أن يتذّكر أنّ الشيء الذي يملكه، قد يكون حلماً لشخص آخر، حيث أنّ الامتنان هو الدافع ليرقى الإنسان بنفسه شخصياً وروحياً.
النجاح
النجاح هو أن يستطيع الإنسان أن يضع أهدافاً ويحققها، وغالباً ما تكون الرحلة نحو تحقيق الهدف، هي الباعث على الرضى والسعادة، حيث أنّ الأشخاص السعداء هم أكثر نجاحاً من غيرهم، ويُنصح الناس عادةً بكتابة أهدافهم ، والتخطيط لها، ووضعها في مكان ينظرون إليه كل يوم حتى لا يَفقدوا التركيز اللازم لتحقيقها.
الدين والروحانيات
كشفت دراسة أُجرِيت في عام 2009، أنّ وجود غاية من الحياة ممنوحة من قوى روحية داخلية، تُحسّن وتساعد على الشعور بالسعادة والقناعة، حيث إنّ كل الأديان تُعلّم مبادئ الإنسانية ، وتُعزّز قيم التسامح، والتأمل، وعمل الخير، ومساعدة الآخرين، وهذه الأخلاق تحقق السعادة للشخص من خلال ما يأتي:
- تقدير الشخص لنفسه.
- الشعور بالسلام الداخلي.
- الشعور بالانتماء والامتنان.
وفي هذا السياق هناك نصيحة مهمة، وهي أن يُعوّد الإنسان نفسه أن يَتذكّر يومياً عند الاستيقاظ أسباباً يشعر بالامتنان لأجلها، مثل أشخاص مهمين في حياته، أو أماكن زارها، أو أماكن يرغب بزيارتها، أو أي عمل قام به وأشعره بالمتعة والسعادة.
العائلة والأصدقاء
يقول دانيال جلبرت (Daniel Gilbert) خبير السعادة في جامعة هارفارد، أنّ قضاء وقت جيد مع العائلة والأصدقاء يحقق سعادة حقيقية، ويزرع شعوراً داخليّاً بالراحة والفرح، وأنّ كل الأشياء التي تجعل الناس سعداء، هي في الحقيقة وسائل تُمكّنهم من قضاء وقت أطول مع العائلة والأصدقاء، ومن هذه الممارسات التي تبعث على السعادة ما يأتي:
- حديث ودّي حول طاولة العشاء مع العائلة.
- لعب الورق مع أفراد من العائلة.
- مرافقتة العائلة أو الأصدقاء إلى الحديقة.
- إضفاء الإبتسامة على وجوه أفراد العائلة والأصدقاء.
- الترتيب لأعياد ميلاد الأصدقاء أو أفراد العائلة.
- الاجتهاد ليفتخر بهم آبائهم وأمهاتهم في أي مرحلة عمرية من حياتهم.
نمط حياة صحي
إنّ تناول الفاكهة، والخضروات الطازجة، التي تحتوي على مواد كيميائية نباتية ومضادات الأكسدة تُعزز إفراز السيروتونين (Serotonin)، والإندروفين (Endorphins)، والدوبامين (Dopamine)، وهرمونات أخرى، تحارب الاكتئاب وتُحسّن من الحالة المزاجية للشخص، وهذه الناقلات العصبية تُفرَز أيضاً عند ممارسة الرياضة، وعليه فإنّ التمرين يومياً يحافظ على شكل الإنسان ويُحسّن ثقته بنفسه وتقديره لذاته، أمّا معظم الطعام الذي نتناوله فيحتوي على مواد كيميائية تتفاعل مع خلايا الدماغ، وتُولّد هرمونات السعادة ، وهذا يُفسّر لماذا يسمح أخصائيو التغذية للأشخاص الذين يتّبعون نظام غذائي قاسي، بيوم راحة واحد في الأسبوع بحيث يأكلون ما يرغبون، إنّ الأطعمة الغنية بالدهون مثل المقالي، والشوكولاتة وغيرها، لها تأثير نفسي إيجابي إذا أُخذِت باعتدال فقط.
الانتباه والوعي
أن يفعل الإنسان الأشياء بانتباه ووعي، أي بعد تفكير وتقدير وصبر وأن يهتم بتفاصيلها، وليس على الشخص أن يفعل أو يفكر بأكثر من شيء في وقت واحد، بل عليه أن يفعل الأشياء بتمهل، وأن يتذّوق ويستشعر كل لحظة فيها، وهناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن يفعلها الشخص بوعي مثل المشي، والأكل، والتأمل ، والصلاة، ومراقبة التنفس، وغيرها.
التمسك بالجيد وترك السيء يمرّ
يشعر الشخص أحياناً أن أفكاره تسيطرعليه، وأنّه أسيراً لها، خاصةً إذا كانت سلبية مثل الغضب، والإحباط ، والاكتئاب، والعصبية، فبالتالي على الإنسان أن يُدرّب نفسه باستمرار على التخلص منها، وألا يسمح لها أن تتحكم به، عن طريق التركيز على الأفكار الإيجابية والحديث عنها، فمثلاً إذا مرّ على الشخص وقت سيء في العمل، يجب عليه أن لا يعطي هذه المشاعر أكبر من حجمها، وإلاّ تحولت الدقائق السيئة إلى يوم سيء بالكامل، وللوصول إلى هذه القدرة يُنصح بالآتي:
- التخلص من المشاعر والأفعال والكلمات السيئة التي تُسبب المعاناة له ولغيره.
- تبنّي أفكار وأفعال وكلمات إيجابية تسبب السعادة له ولغيره.
- التواصل مع الطبيعة ، لأنّها تبعث على السعادة، والسلام الداخلي، والتعاطف، والحكمة وممارسة التأمل.
- بذل الجهد في محاربة العادات السيئة السلبية وتبني الإيجابية.
التعاطف أساس السعادة الحقيقية
يجب أن تستند السعادة الحقيقية إلى أساس حقيقي ووجودي ، لذلك فإنّ الإنسان يحتاج إلى أن يبتعد بتفكيره عن الاعتقاد بأنّ السعادة تنتج عن تلبية رغبات مؤقتة، وأن يتّجه بتفكيره إلى معنى أكثر شمولية، وهو أنّ السعادة تنتج من القيم الثابثتة التي تبقى ولا تزول بزوال المُسبّب المباشر، ومن هذه المعاني التعاطف ومساعدة الغير، فالتعاطف هو إزالة مسببات المعاناة من حياة الشخص الذي يقدم المساعدة وأيضاً الشخص الذي يتلقاها، ولأنّ المعاناة هي حالة وجودية، بمعنى أنها موجودة وملازمة للحياة، فإنّها تستحق أن تكون الأساس الذي تُبنى عليه السعادة مع ما في هذا المفهوم من تناقض، فعندما يتعاطف الإنسان مع غيره، يرى أنّ معاناة الآخرين تَقل، وهذا يوّلد شعوراً بالدفء لدى الشخص، ويساعده على التواصل مع الآخرين، ويؤدي في النهاية إلى أن يكون العالم أكثر تسامحاً ورحمة، وبالتالي أكثر سعادة، ويُنصح بتخصيص 100 ساعة سنوياً، أو ساعتين أسبوعياً لمساعدة الآخرين كافية لإثراء حياة الشخص كما يُقدّرها الخبراء.
الابتسامة
يبتسم الإنسان عندما يشعر بالسعادة، ولكنّ الحقيقة أنّه يصبح سعيداً إذا ابتسم أيضاً؛ فالشعور بالسعادة يجعل الشخص يبتسم والذي بدورهِ يُحفز الدماغ على إفراز هرمون الدوبامين (Dopamine) والذي يجعله أكثر سعادة، وهذا لا يعني أن يزيّف الشخص ابتسامته، وأن يبتسم دائماً دون معنى، بل عليه مثلا عندما يشعر بالإحباط أن يجرب أن يبتسم ويرى النتيجة، أو مثلاً يُمكن أن يبتسم لنفسه كل صباح في المرآه، ويرى انعكاس ذلك على يومه.
التمارين الرياضية
تُساعد التمارين الرياضية المنتظمة على تخفيف التوتر، والضغط، وأعراض الاكتئاب، وتُعزّز من تقدير الذات، والشعور بالسعادة، والفكرة هنا أنّه ليس مطلوباً أن يُرهق الشخص نفسه بالتمرين لوقت طويل، كأن يتدرب ليصبح عدّاءً في الماراثون (إلا إذا كان هذا ما يُشعره بالسعادة)، وذلك لأنّ المبالغة في الإجهاد البدني قد ينعكس سلباً على الشخص، ويودي به إلى الإحباط والمعاناة، والنصيحة هنا أن يقوم الشخص بعمل التمارين المناسبة له، والتي يستمتع بالقيام بها باستمرار لمدة 150 دقيقة أسبوعياً (وهو الوقت المُقترَح للبالغين) مع صديق له أو مع الاستماع للموسيقى، فحتّى التمارين البسيطة تُحفّز إفراز هرمونات الدماغ، وتجعل الشخص سعيداً، وتساعده على النوم بطريقة أفضل، وتحافظ على سلامة القلب.
مواجهة ضغوط الحياة
يوجد العديد من الضغوطات في الحياة التي تُسبّب الشعور بالتوتر ، وتقول أخصّائية علم النفس في جامعة ستانفورد كيلي مكجونيجال (Kelly McGonigal)، أنّ التوتر ليس بالضرورة أن يكون مؤذياً، وبإمكان الناس أن يغيّروا ردود أفعالهم تجاه التوتر، إذ عندما يواجه الشخص الضغوط التي لا يمكن تجنبها، على الإنسان أن يتذّكر أنّ كل شخص في هذه الحياة لديه ضغوطات من نوع معين، ولا يوجد سبب ليعتقد الشخص أنّه الوحيد الذي يُعاني في هذه الحياة، بالتالي عليه أن يؤمن بأنّه أقوى ممّا يظن، وعليه بذل الجهد لمواجهة المواقف الصعبة، حيث أنّه كُلّما سارع في المواجهة، كلما تحرر من معاناته أسرع.
يجب على الشخص مراقبة مستويات التوتر لديه، وإذا كان يواجه ضغوطاً كثيرة في حياته، فعليه أن يجد طرقاً للتخفيف منها، كأن يتعلم بعض المهارات التي تساعده على إدارة حياته بفاعلية أكبر، ومن أهم هذه المهارات مهارة إدارة الوقت ؛ فالتّحكم بالوقت يخفف الضغط، واستثماره بشكل جيد يساعد على إنجاز المهمات، ويتيح للإنسان وقتاً لنفسه وهواياته، وهذا يصنع تغييراً إيجابياً في الحياة، ويستطيع الإنسان الاستفادة من تقنيات مهمة لمساعدته في التحكم بمستويات الضغط لديه، مثلاً ممارسة تقنيات التنفس تساعد بشكل كبير في تخفيف التوتر المصاحب للضغوطات التي يتعرض لها الإنسان.
فيديو عن معاني السعادة
تابع الفيديو لمعرفة المزيد