سلبيات وإيجابيات التعلم عن بعد
إيجابيات التعلم عن بعد
انتشرت عملية التعلّم عن بعد بكثرة مع انتشار فيروس كورونا، حيث برزت العديد من الإ يجابيات للتعلّم عن بُعد، ومن أبرزها ما يأتي :
المرونة في التعلم
تُعدّ المرونة في التعلّم من أفضل إيجابيات التعلّم عن بُعد، حيث يُتيح التعلّم عن بُعد للطالب الفرصة في اختيار الوقت، والمكان، والوسيلة المُستخدمة للتعلّم، ممّا يعني أنّه يُبقي الخيار مفتوحًا أمام الطالب لاختيار الطريقة التي تناسبه، فمثلًا: يُتيح التعلّم عن بُعد خيار المؤتمرات المرئية (بالإنجليزية: video conferencing ) للأشخاص الراغبين في التعلّم عن بُعد مع إمكانية التواصل المباشر مع المعلمين.
بالنسبة للأشخاص الذين لديهم ارتباطات ومسؤوليات معينة لا تُمكّنهم من التواصل المباشر مع المعلم، مثل: الأشخاص المُلتزمين بالعمل والدراسة معًا، فيُتيح التعلّم عن بُعد لهم خيارات واسعة أخرى تُلبّي احتياجاتهم وتناسب أوقاتهم.
توفير الوقت والجهد
يُوفّر التعلّم عن بُعد وقت وجهد الطالب والمعلم على حدّ سواء، حيث إنّ التعلّم عن بُعد أزال قلق الطالب والمعلم بضرورة الحضور في موعد المحاضرة المحدد، ونوع المواصلات المُستخدمة للحضور إلى الدروس، ووجود أزمة سير أم لا، ممّا وفّر الوقت والجهد.
توفير المال
يُقلّل التعلّم عن بُعد من التكاليف الدراسية المُعتادة، ولذلك أصبحت الشهادات والدرجات الدراسية التي يتمّ الحصول عليها عن طريق التعلّم عن بُعد مفهوماً شائعًا ومتعارفًا عليه، فهناك العديد من الجامعات المعتمدة والمتخصصة فقط في عملية التعلّم عن بُعد، حيث وفّرت هذه الجامعات من تكاليف إنشاء الجامعة، واستهدفت عملية التعليم بشكل مباشر، ممّا أتاح للطالب نفس البرامج الدراسية التي كانت متوافرةً في الجامعات العادية لكن باختلاف جذري في الأسعار.
ومن الأمثلة على ذلك: يحتاج الطالب المُقيم في الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة في إحدى الجامعات الحكومية إلى ما يُقارب من 22 ألف دولار سنوياً لتخصص الأربع سنوات، بينما تصل تكاليف الدراسة الدولية إلى 45 ألف دولار سنوياً لنفس التخصص، في حين أنّ الطالب المُلتزم بنظام التعلّم عن بُعد في نفس الجامعة والتخصص يحتاج إلى ما يُقارب من 50 ألف دولار لسنواته الدراسية الأربع كاملة.
بالإضافة إلى ذلك، وفّر التعلّم عن بُعد من مصاريف الطالب المالية المتعلقّة بالمواصلات المُستخدمة للوصول إلى الجامعة، وكلّ ما يتعلق بها من تكاليف صيانة السيارة، أو مصروف البنزين، أو تذاكر الحافلة، كما أنّه وفّر على الطالب التكاليف المتعلّقة بشراء الكتب والأوراق.
الحصول على المزيد من الفرص
يُتيح التعلّم عن بُعد مزيدًا من الفرص للطلاب، حيث يسمح للطلاب بالدراسة بالجامعات المختلفة حول العالم دون اشتراط السفر والحضور الجسدي في الجامعة، ممّا أتاح للطلاب إمكانية الدراسة في مختلف الجامعات العريقة حول العالم، والتي لا يستطيع الطالب الدراسة فيها عادةً بسبب بُعد المسافة، والتكاليف الدراسية، وأجور السكن، وغيرها من متطلّبات حضور الجامعة.
إضافةً إلى ذلك، فتح التعلّم عن بُعد الآفاق أمام الطلاب الذين لا يستطيعون إكمال تعليمهم لأسباب وظروف متعددة، منها: الأسباب الصحية، أو الالتزام بوظائف وأعمال خارجية، أو وجود متطلبات الأبوة والأمومة، وغيرها من الظروف التي تمنعهم من الانخراط في العملية التعليمية الاعتيادية.
كسب المزيد من المهارات التكنولوجية
يُمكّن التعلّم عن بُعد الطالب من كسب المزيد من المهارات التكنولوجية، حيث إنّ التعلّم عن بُعد لا يُمكن أن يتمّ إلا عن طريق إحدى الوسائل التكنولوجية المتاحة، ومن المهارات التكنولوجية التي يكتسبها الطالب أثناء التعلّم عن بُعد ما يأتي:
- البحث عبر الإنترنت.
- إتقان العمل على برامج الكمبيوتر المختلفة مثل برنامج (word)، وبرنامج العرض التقديمي للشرائح (Power Point).
- مهارة العمل على لوحات المناقشة الإلكترونية (بالإنجليزية: Discussion boards ).
- العمل على مختلف شبكات التواصل الاجتماعي.
- مهارة المراسلة عبر البريد الإلكتروني.
- مهارة عمل الفيديوهات.
- مهارة النشر على موقع أو مدوّنة.
يُوفّر التعلّم عن بُعد المهارات التكنولوجية اللازمة للفرد، حيث إنّه من المتوقّع أن تتحوّل ممارسة جميع الوظائف في المستقبل عن بُعد، ويُشار إلى أنّه ووفقاً لتقرير أمريكي نُشر في عام 2018م فإنّ ثلثي الوظائف التي أُتيحت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2010م تطلّبت امتلاك الشخص لمهارات تكنولوجية متوسطة إلى متقدمة، وذلك من أصل 13 مليون وظيفة.
يمتاز التعلّم عن بُعد بالعديد من الإيجابيات، مثل: توفير الوقت، والجهد، والمال، وإتاحة الفرصة للعمل والتعلّم بنفس الوقت، ممّا سهّل عملية التعلّم والتعليم على الطلبة والمدرّسين على حد سواء.
سلبيات التعلم عن بعد
بالرغم من إيجابيات التعلّم عن بُعد وميزاته إلّا أنّ هناك سلبيات متعددة له، وفيما يأتي توضيح لذلك:
نقص التفاعل الاجتماعي
تُتيح عملية التعلّم الاعتيادية فرصة تعارف الطلاب فيما بينهم، كما تجمع الطلاب من الأماكن المختلفة وتُمكّنهم من التفاعل وتبادل الخبرات الشخصية، أمّا عملية التعلّم عن بُعد، فهي محصورة فقط على وسائل التعليم الإلكترونية، والتي تتيح للطلاب التفاعل مع بعضهم عبر لوحات المناقشة الإلكترونية، أو غرف الدردشة، أو عبر البريد الإلكتروني، أو الفيديوهات المرئية، ولكنّ جميع هذه الوسائل لا تُغني عن عملية التواصل الشخصية الاعتيادية، ممّا أدّى إلى نقص في مهارات التفاعل الاجتماعي لدى الطلاب.
انخفاض مستوى المهارات الشخصية
أدّى عدم وجود التفاعل المباشر بين الطلاب فيما بينهم، وما بين الطالب والمعلم إلى صعوبة تكوين العلاقات الاجتماعية، وقلة المهارات الشخصية اللازمة لتكوين هذه العلاقات، حتى أنّ بعض الطلاب بدأ يشعر بالانعزال نتيجةً لإنهاء أعماله الدراسية اليومية لوحده دون مشاركة أحد فيها، ودون الانخراط في العمل الجماعي.
تشكيك صاحب العمل في مصداقية التعليم
يؤدي وجود التفاعل المباشر بين الطلاب فيما بينهم أو بين الطالب والأستاذ في عملية التعليم الاعتيادية إلى تذكير الطالب بأعماله، وواجباته الدراسية، وأوقات الامتحانات بشكل دائم، أمّا في التعلّم عن بُعد فإنّ ذلك يرجع بشكل كبير على الطالب نفسه، حيث إنّ الطالب هو المسؤول الوحيد عن تتبّع الأعمال والواجبات الدراسية، ولا يُمكن للطالب الذي لا يتحلّى بمهارات التركيز، أو من ليس لديه دوافع ذاتية من إكمال العملية التعليمية بكفاءة، وهذه الدوافع وغيرها من شأنها أن تُشكّك صاحب العمل في مصداقية الشهادة المكتسبة عبر التعلّم عن بُعد.
حدوث مشاكل تتعلق بالإنترنت
تتطلّب عملية التعلّم عن بُعد بعض الأمور الأساسية، مثل: جهاز الكمبيوتر، والاتصال الثابت بالإنترنت، ووجود كاميرا أحياناً، حيث إنّ الاعتماد على هذه الأدوات بات أساسياً في عملية التعلّم عن بُعد، ومن دونها لا يُمكن توصيل المعلومات، ويُعدّ تعرُّض إحدى هذه الأساسيات لعطل أو مشكلة معينة سبباً في تعطيل العملية التعليمية كاملةً وعدم إكمالها.
ومن الأمثلة على ذلك: حدوث خلل يتعلّق بتوصيل الإنترنت، أو حدوث عطل في البرامج، أو الأجهزة، ولذلك كان هذه الاعتماد المُفرط على الوسائل التكنولوجية في العملية التعليمية عيب رئيسي في عملية التعلّم عن بُعد.
تعقيد أسلوب التعلم عند البعض
غالبًا ما يرتبط التعلّم عن بُعد بنقص في كفاءة أعضاء الهيئة التدريسية، وفي بعض الأحيان حتى ولو كان المدرس جيدًا قد يصعب عليه إتمام عملية التعلّم عن بُعد بسبب عدم معرفته بكيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة بشكل جيد، بالإضافة إلى ذلك فإنّ بعض الطلاب ليست لديهم القدرة على الفهم دون التفاعل الحقيقي مع الأستاذ، ممّا يجعل أسلوب التعليم معقدًا عند البعض.
تتعدّد سلبيات التعلّم عن بُعد، ومن أهمّها: الشعور بالوحدة والانعزال نتيجة لنقص التفاعل الاجتماعي، وتدني مستوى المهارات الشخصية لدى الطلاب، إضافةً إلى إمكانية تشكيك صاحب العمل في مصداقية الشهادة الناتجة عن التعلّم عن بُعد، ولكن يجب العمل على تجاوز هذه السلبيات ومحاولة حلّها بهدف استمرار العملية التعليمية.
مستقبل التعلم عن بعد
في ظل ظروف جائحة كورونا وتأثيرها على القطاعات المختلفة حول العالم، عملت جميع الجهات على الحدّ من انتشار الفيروس من خلال إغلاق بعض القطاعات، ومنها: المدارس، والجامعات، وجميع المؤسسات التعليمية لكافة الأعمار، حيث إنّ هناك 150 دولة تقريباً أصدرت قرارًا بإغلاق كافة المؤسسات التعليمية خلال جائحة كورونا، الأمر الذي أثّر في 80% من الكثافة الطلابية حول العالم، حيث نقص عدد الطلاب المُنتسبين إلى الجامعات الرسمية وجاهيًا، وذلك وِفقًا لدراسة نُشرت في مجلة (Cureus Journal Of Medicine) في عام 2020م.
ولذلك فإنّه لا يُتوقع أن تعود العملية التعليمية إلى ما كانت عليه سابقًا، بل سيصبح التعلّم عن بُعد جزءاً من روتين الحياة الاعتيادي، حيث يجب التركيز على إيجابيات عملية التعلّم عن بُعد بالرغم من سلبياته المتعددة؛ وذلك من أجل جني ثمار هذه العملية والاستفادة منها قدر الإمكان.
توجّه العالم إلى التعلّم عن بُعد بشكل كبير بعد ظهور جائحة كورونا، حيث أثّرت قرارات الإغلاق في معظم الطلاب حول العالم، وكان لا بدّ من إكمال المسيرة التعليمية، ومن المُتوقّع أن يتوجّه العالم لاعتماد التعلّم عن بُعد في المستقبل.