سبب نزول سورة النازعات
ما سبب نزول سورة النازعات؟
تجدر الإشارة إلى أنَّ كتب التفسير وعلوم القرآن الكريم لم يرد فيها ذكر سببٍ خاصٍّ لنزول سورة النَّازعات، وإنَّما ورد سبب نزول قول الله -تعالى- من سورة النَّازعات: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا)، وممَّا قيل في سبب نزولها ما يأتي:
- ما ذكره ابن عطيَّة بأنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان كثير الحديث عن السَّاعة وأهوالها والتَّذكير بها، فأخذت قريش تلحُّ في سؤاله -صلّى الله عليه وسلّم- عن وقت السَّاعة فنزلت هذه الآية.
- ما ذكره القرطبي عن ابن عباس -رضي الله عنه- بأنَّه أشار إلى أنَّ سبب نزول هذه الآية كان لكثرة سؤال مشركي قريش رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن وقت السَّاعة استهزاءً بذلك.
- ما ذكره الطبري بأنَّ المكذِّبين بالبعث أخذوا بسؤال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن وقت السَّاعة التي يُبعث فيها الموتى من القبور وقيامها وعلامات ظهورها.
أين نزلت سورة النازعات؟
تعدُّ سورة النازعات سورةً مكيَّةً باتِّفاقٍ، ويبلغ عدد آياتها ستاً أو خمساً وأربعين، وكلماتها مئة وٌثلاثٌ وسبعون، وحروفها تسعمئةٍ وثلاثٌ وخمسون، كما أنَّ ترتيبها وفق الرسم القرآني السُّورة التَّاسعة والسَّبعون، ومن مسمَّياتها سورة الطَّامة، وسورة السَّاهرة، أمَّا ترتيبها في النزول بين سور القرآن الكريم فهي السورة الحادية والثمانين، حيث كان نزولها بعد سورة النبأ وقبل سورة الإنفطار، وتجدر الإشارة إلى أمرين:
- أوّلهما: إنَّ سورة النَّازعات تتعلَّق بالسُّورة التي قبلها من وجهين:
- الأوّل: تشابه موضوع كلتا السورتين النبأ والنازعات، حيث إنَّ كلَّ منهما تتحدَّث عن يوم القيامة وأهوالها، وبيان نعيم المتَّقين، وجزاء ومصير الكافرين.
- الثاني: تشابه مطلع وخاتمة كلتا السورتين، حيث إنَّ مطلعهما كان بالحديث عن البعث ويوم القيامة وأهوالهما، وخاتمتهما كانت بالإنذار بالعذاب يوم القيامة للكافرين، وإثبات البعث وحدوث القيامة.
- ثانيهما: إنَّ موضوعات سورة النَّازعات متعدِّدة، ومنها ما يأتي:
- الحديث عن البعث والعلامات الدَّالَّة على ثبوته.
- الحديث عن قصَّة موسى -عليه السلام- مع فرعون بغية التَّسلية عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
- الحديث عن أهوال يوم القيامة وأحوالها.
- الإشارة إلى انقسام النَّاس يوم القيامة إلى فريقين: أحدهما سعداء والآخر أشقياء، وذلك وفقا لأعمالهم في الحياة الدُّنيا.
- سؤال المشركين عن وقت السَّاعة وحدوثها، ونهي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن إشغال نفسه بأمر وقتها.
- الحديث عن ذهول المشركين من كون الوقت الذي يمكثونه في الحياة الدنيا قصير ومحدود.
سبب تسمية سورة النازعات بهذا الاسم
سميت سورة النازعات بهذا الاسم لأنّ الله -تعالى- قد افتتحها بالقسم بالنازعات، وقد قيل في معنى النازعات عدة معان منها ما يأتي:
- النازعات هم الملائكة التي تتكفّل بنزع أرواح بني آدم، ويكون نزعها للروح وفق حال الإنسان؛ فإن كان مؤمنا فإنّها تنزع روحه بسهولة ويسر ولين، وإن كان حاله خلاف ذلك فإنّها تنزع روحه بعسر وشدة وصعوبة.
- النازعات هي الكواكب التي تسير في السماء وفق نظام خاص بها.
دروس مستفادة من سورة النازعات
هناك العديد من الدُّروس المستفادة من سورة النَّازعات ومنها ما يأتي:
- ثبوت وحدانية الله -تعالى-، وأنّ هناك العديد من العلامات الدَّالَّة على أنَّ البعث حقٌّ لا شكَّ فيه.
- بيان أنَّ مصير كلَّ من كفر الله -تعالى- أو أشرك به وكذَّب بيوم البعث النَّار وبئس المصير، وخير ما يدلُّ على ذلك ما حلَّ بفرعون الطَّاغية.
- مظاهر قدرة الله -تعالى- وعظمته متعدِّدةٌ ظاهرةٌ في السَّموات والأرض.
- النَّعيم والفوز بالجنَّة عاقبة المتَّقين، والعذاب ونار جهنَّم عاقبة الكافرين.
- الاتّعاظ بما حلّ بالأمم السَّابقة من انتقام جرّاء تكذيبهم لرسلهم وكفرهم بالله -تعالى-.
- أيَّام الدُّنيا قليلة ومحدودة مقارنة باليوم الآخر، لذا حريٌّ بالمسلم الاستعداد والتأهُّب لهذا اليوم.
- العلم بوقت السَّاعة أمرٌ لا يعلمه سوى الله -تعالى-، وما رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلَّا مُبلِّغٌ عن ربِّه.
ملخّص المقال: لم يرد سبب نزولٍ خاصٍ بسورة النَّازعات وإنَّما ورد سبب نزول في إحدى آياتها بأنَّ المشركين كانوا قد ألحَّوا في سؤال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن وقت السَّاعة، وتعد سورة النَّازعات سورةٌ مكيَّةٌ، وعدد آياتها ستٌ وأربعون، كما تسمَّى بسورة السَّاهرة والطامة، وقد اشتملت على العديد من الموضوعات أبرزها الحديث عن البعث وثبوته، وقيل في سبب تسميتها بالنازعات أنَّ الله -تعالى- قد أقسم بالنَّازعات وهم الملائكة التي تقبض الرُّوح، ومن أهمِّ الدُّروس المستفادة من السورة أنَّ البعث حقٌّ لا ريب فيه.