سبب نزول سورة الشمس
سبب نزول سورة الشمس
قيل إنّ سبب نزول هذه الآيات أن رجلاً اسمه قدار بن سالف بن عارم عزيز في قومه اعتدى على الناقه، وقد كان ثمود قد طلبوا آية من صالح -عليه السلام- ، فقال لهم نبي الله صالح: ما الآية التي تريدونها؟ قالوا: نريد ناقة كوماء؛ أي ضخمه وكثيرة اللبن، ويكون اللبن دافئاً في الشتاء، وبارداً في الصيف، فانشقت الصخرة، وخرجت منها الناقه بأمر الله -عز وجل-.
قال -تعالى-: (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، فحذرهم صالح -عليه السلام- بأن هذه ناقة الله لا يمسوها بسوء، فكذبوه وعتوا عن أمر ربهم وقتلوا الناقة؛ فأنزل الله -عز وجل- عليهم عذاباً أليماً، وقال أهل العلم إنّ من أسباب نزول هذه السورة أيضاً إن الله -عز وجل- قد ختم سورة البلد بتعريف من هم أصحاب المشأمة ومن هم أصحاب الميمنة.
وقد بيّن الله -عز وجل- في سورة الشمس مصير كل منهما؛ حيث أفلح من زكاها، وخاب من دساها، وبيّن الله -عز وجل- في سورة البلد مصير الكفار في آخر السورة، وقد ذكر الله -عز وجل- في أواخر سورة الشمس أحوال الكافرين في الدنيا، فجاءت السورتين وبينت أحوال الكافرين في الدنيا والآخرة.
التعريف بسورة الشمس
سورة الشمس سورة مكية ، وعدد آياتها خمس عشرة آية، وافتتحت هذه السورة بالقسم، وفي القرآن تسع عشرة سورة افتتحت بالقسم، فقد أقسم الله -عز وجل- في هذه السورة بسبعة من مخلوقاته؛ وهي الشمس والقمر، والليل والنهار، والسماء والأرض، والنفس، وسميت سورة الشمس؛ لافتتاحها بالقسم بالشمس الساطعة المنيرة.
موضوعات سورة الشمس
تضمنت السورة الحديث عن موضوعين مهمين، وهما ما يأتي:
- أقسم الله -عز وجل- فيها بالمخلوقات
التي في الكون في العالم السفلي والعلوي، والآلة التي نفكر بها في هذا الكون؛ وهي النفس، وبينت دور الإنسان في تهذيب النفس ، وأنه القادر على جعلها ذات صفات حميدة ليفوز وينجو، أو يهملها ويتركها فيخسر.
- ضرب المثل بثمود الذين كذبوا وتمادوا
فقد أهملوا أنفسهم ودمروها وطغوا؛ فحق عليهم عذاب وغضب الله وعاقبهم عقاباً شديداً.
المراد بالنفس في سورة الشمس
قال -تعالى-: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)، أقسم الله -عز وجل- في هذه السورة بالنفس، وقد وردت النفس في القرآن الكريم بعدّة معانٍ، ولكنها وردت هنا ويراد بكلمة النفس الروح والجسد مع بعضهما، وقوله: (وما سواها) أي سوى فطرتها وخلقتها فجعلها قويمة ومستقيمة ومعتدلة.
وأقسم الله -عز وجل- بهذه النفس التي فيها بيان قدرته وعجائبه، وأقسم بمن سواها أو بتسويتها، فالله -عز وجل- خلقها كاملة، ونحن من نجعلها مستقيمة بأفعالنا، أو نجعلها على اعوجاج.
عبر مستفادة من سورة الشمس
ألهم الله -عز وجل- لهذه النفس فجورها وتقواها، فالإلهام يكون من غير تعليم، حيث إنّ الإنسان هو الذي يُسير نفسه في طريق الهدى ؛ فيفعل خيراً ويطيع الله -عز وجل-، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدعو إلى الله -عز وجل-، فهكذا يُزكي الإنسان نفسه.
أو يسير في طريق الضلال؛ بأن يفعل المعصية ولا يطيع الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فيخسر ويخيب، وفي هذه السورة بيان أن من يرضى بالمنكر كالفاعل له، فمن يرى المنكر ولا ينهى عنه بيده أو بلسانه أو بقلبه فهو في حكم الفاعل له.