سبب نزول آية (وإنك لعلى خلق عظيم)
سبب نزول آية (وإنّك لعلى خُلقٍ عظيم)
هذه الآية تدل على الصفات والأخلاق العظيمة؛ التي كان يتحلّى بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووصفت أخلاق الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالعظيمة، وكان خُلقه القرآن، ووصف أنّه قرآن يمشي على الأرض.
وفي ذلك حديث عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كان -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لا يدعوه أحدٌ من أصحابِه، ولا من غيرِهم إلَّا قال لبَّيْك)، ولم يكن أحدٌ أحسن ولا أفضل أخلاقاً من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فلذلك أنزل الله -سبحانه وتعالى- هذه الآية.
تفسير آية (وإنّك لعلى خُلقٍ عظيم)
قال -تعالى- في وصف نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- في سورة القلم : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وتفسير الآية نلخصه بما يأتي:
- منهم من فهمها حسب قول السيدة عائشة -رضي الله عنها-؛ عندما سألوها عن صفات وأخلاق النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأجابت أن خُلقه القرآن: (سُئِلَتْ عائِشةُ عن خُلُقِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فقالَتْ: كان خُلُقُه القُرآنَ).
- ومنهم من فسّرها: أي كنت على دين عظيم من الأديان؛ وأحب دين من الأديان إلى الله -سبحانه وتعالى-.
- ومنهم من قال أن الخُلق العظيم أي: أدب عظيم؛ أي أدب القرآن وهو الإسلام، وأحكامه وشرائعه وأخلاقه التي تحلّى به الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
- ومنهم من قال: أي رفقة بأمته -صلى الله عليه وسلم-، ومنهم من قال أنَّ الخُلق عظيم: أي كُنت على طبع كريم، ومنهم من قال إنه كان -صلى الله عليه وسلم- يستجيب لما أمره الله -سبحانه وتعالى-، ويمتنع عما ينهاه.
أمثلة على أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم-
سنذكر بعض الأمثلة على خلق النبي الكريم فيما يأتي:
- كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- معروفٌ بأخلاقه قبل النبوّة والرسالة
فلقد كانت قريش تصفه بالصادق الأمين ، وأيضاً عندما نزل عليه الوحي لأول مرّة؛ قالت له السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين -رضي الله عنها- ما يؤكد صفاته وأخلاقه: (فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ).
- حُسن خُلقه مع خادمه أنس بن مالك -رضي الله عنه-
وذلك عندما خدمه عشر سنين، فلقد قال عنه أنس -رضي الله عنه- في وصف تعامله -صلى الله عليه وسلم- له: (خدَمتُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- عَشرَ سنينَ فما قالَ لي: أفٍّ قطُّ، وما قالَ لِشيءٍ صنعتُهُ لمَ صنعتَهُ، ولا لشيءٍ ترَكْتُهُ لمَ ترَكْتَهُ؟، وكانَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- مِن أحسنِ النَّاسِ خُلُقًا).
- كان النبي- صلى الله عليه وسلم- هو الذي يبدأ بالسلام
وعندما يُصافحه أحدٌ بيده لا يُزيل يده؛ حتى يُزيل الرجل يده من يد النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وعندما يتكلم معه أحدٌ لا يصرف عنه وجهه إلا عندما ينتهي من كلامه؛ فهذا دليل على خُلقه في تعامله مع الآخرين.
- كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- رحيماً
ولقد وصفه الله -سبحانه وتعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)، وصفة الرحمة هذه تميّز بها في جميع أفعاله، ولم تشمل فقط في تعامله مع الصحابة، بل كانت حتى مع العدو ومع الحيوانات.
ومن رحمته مع الحيوانات ؛ عندما رأى طائراً يُرفرف، فقال من فجع هذه بابنها: (كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ في سفَرٍ؛ فانطلقَ لحاجتِهِ، فرأَينا حُمَّرةً معَها فرخانِ فأخَذنا فرخَيها؛ فجاءت تعرِشُ، فجاءَ النَّبيُّ فقالَ: مَن فجعَ هذِهِ بولدِها؟ ردُّوا ولدَها إليها).
- عندما طُلب منه -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو على الكفار والمشركين؛ لم يقبل الدعاء عليهم
وأوضح لهم سبب بعثته للناس، فكما ثبت في الحديث الصحيح: (قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ علَى المُشْرِكِينَ قالَ: إنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وإنَّما بُعِثْتُ رَحْمَةً)، فهذه رحمته مع أعدائه، فكيف هي إذاً مع المؤمنين.
- كان -صلى الله عليه وسلم- يُسهّل على الناس
ويجب أن يُخفف عنهم، فقد ثبت في الحديث الصحيح، عن عائشة -رضي الله عنها-: (ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بيْنَ أمْرَيْنِ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا).
- كان -صلى الله عليه وسلم- صادقاً لا يكذب أبداً، وكان أبغض خُلق يكرهه هو الكذب .